مفهوم الاقتصاد الأخضر
يرتبط الاقتصاد الأخضر باحترام الطبيعة ويسعى إلى الحفاظ على توازن رأس المال الطبيعي أي عدم استهلاك موارد أكثر مما يمكن أن توفره النظم البيئية والأرض والشمس، مع الحفاظ على خدمات
النظام الإيكولوجي
بشكل منصف للجميع وللأجيال القادمة. وبالتالي، في إطار الاقتصاد الأخضر، تهتم الأنشطة البيئية بشكل مباشر باستعادة أو حماية البيئة والحفاظ على الموارد الطبيعية والبشرية. وقد يتعلق هذا، على سبيل المثال، بإدارة النفايات و المياه و نقاء الهواء وكفاءة الطاقة وتقليل انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، و هذا ما يعني تحقيق النمو والتنمية المستدامة دون الإخلال بالنظام البيئي وكذلك توفير المساعدات والمنح للدول الفقيرة من أجل النهوض بالتعليم والصحة، وبذلك تتحقق العدالة والمساواة في التنمية.
تعريف
الاقتصاد الأخضر
يمكن أن ننظر إلي الاقتصاد الأخضر ببساطة على انه الاقتصاد الذي يقلل من الانبعاثات الكربونية، وتزداد فيه كفاءة استخدام الموارد، و هو نوع من الطرق المنظمة لإنشاء بيئة نظيفة ترفع من المستوى الاقتصادي وتدفع المجتمع نحو حياة أفضل، وتحافظ على
البيئة
عن طريق الحدّ من المخاطر البيئية.
يجمع الاقتصاد الأخضر بين نوعين من الأنشطة، الأنشطة التقليدية التي تتم بعمليات أقل تلويثًا أو طاقة أقل استهلاكًا، والأنشطة البيئية، التي تهدف إلى حماية البيئة أو إدارة الموارد الطبيعية، و هو النشاط الاقتصادي الذي يؤدي إلى تحسين رفاهية الإنسان و
العدالة الاجتماعية
، مع الحد بشكل كبير من المخاطر البيئية وندرة الموارد، و هذه الأنشطة هدفها هو تعزيز التنمية المستدامة على المدى الطويل.
يخضع هذا النموذج الاقتصادي لقواعد ومبادئ ومعايير التنمية المستدامة، حيث يمكن وصف النماذج الاقتصادية الأخرى أحيانًا بأنها رمادية أو سوداء، مما يؤدي إلى تلوث أو نفاد و أو استنزاف الموارد غير المتجددة، وتدمير البيئة، أو اللون الأحمر في حالة تحقيق أرباح من بيع الأسلحة على سبيل المثال.
ويتضمن مفهوم الاقتصاد الأخضر ثلاثة عناصر أساسية وهي العناصر البيئيّة التي تهدف إلى تحقيق الاستخدام الأمثل للطاقة والموارد الطبيعية، والعناصر الاجتماعيّة التي تخلق فرص العمل التي تحافظ على البيئة وُتحقق العدالة الاجتماعية للجميع، وتقلل الفقر، و تحسن مستوى المعيشة، والعناصر الاقتصاديّة التي تدفع للابتكار و التكنولوجيا، وتسعى لتحقيق
التنمية المستدامة
. [1]
متطلبات التحول إلى الاقتصاد الأخضر
إن التحول إلى الاقتصاد الأخضر هو أمر ليس سهلا على الإطلاق، بل هي عملية طويلة ومكلفة للغاية على المدى الطويل، و قد جاء التفكير بالتحول إلى الاقتصاد الأخضر نتيجة لخيبات الأمل المتكررة في
الاقتصاد العالمي
و كثرة الأزمات التي يمر بها، وحوافز الانتقال للاقتصاد الأخضر تتمثل في:
- الاهتمام بالمناطق الريفية بهدف تخفيف الفقر هناك عن طريق الأدارة الحكيمة للموارد الطبيعية و الأنظمة الأيكولوجية.
-
التصدي لمشكلة النفايات الصلبة و محاولة أعادة تدويرها لان أكثر من 50% من هذه النفايات يتم ألقائها في المياه مما يؤدي إلى تلوثها و لكن إذا تم التخلص منها بصورة جيدة أو تم تدويرها سوف تؤدي إلى
نظافة البيئة
و التقليل من الانبعاثات السامة. -
مراجعة السياسات الحكومية لمواجهة التحولات في أنماط الإنتاج والاستهلاك والاستثمار.
- الاهتمام بقطاع المياه و عدم تلويثها و حسن استخدامها سوف يساهم في توفير المياه الجوفية داخل الابار و ايضا المحافظة على المياه السطحية
- العمل على الاستثمارات المستدامة في مجال الطاقة ٕواجراءات رفع كفاءة الطاقة مما سيؤدي إلىتخفيض ملحوظ في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري
- وضع إستراتجيات منخفضة الكربون للتنمية الصناعية واعتماد تكنولوجيـات الإنتـاج الأقل تأثيرا على البيئة.
الاقتصاد الأخضر و التنمية المستدامة
التنمية المستدامة هدفها الرئيسي هو معالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والبيئية بطريقة متوازنة، و يعبر مفهوم الاقتصاد الاخضر عن منظور جديد لعلاقة الترابط بين البعد الاقتصادي و البيئي للتنمية المستدامة، اذ يهدف الى الحد من الفقر و تحقيق الرفاه و ذلك من خلال :
- إطلاق المشاريع الخضراء وإيجاد فرص اجتماعية واقتصادية جديدة بناء على أنشطة خضراء جديدة.
- تحسين التدفقات التجارية مع التركيز على السلع والخدمات البيئية.
- إنتاج الطاقة المتجددة وتوزيعها.
- تشجيع المناهج الخضراء والأنشطة الابتكارية وأنشطة البحث والتطوير ونقل التكنولوجيا على المستوى الإقليمي.
- تعزيز روح المبادرة والتثقيف وإعادة التدريب.
- إيجاد فرص اجتماعية واقتصادية جديدة من خلال تحويل الأنشطة الاقتصادية الحالية إلى أنشطة خضراء.
- تشجيع النقل المستدام.
- تحويل مشاريع البناء والتصميم إلى مشاريع خضراء.
- تحويل مشاريع إنتاج الكهرباء إلى مشاريع خضراء.
-
تحسين كفاءة
أنظمة إدارة المياه
وعمليات تحلية المياه وتوزيعها. - تشجيع سبل العيش المستدام والزراعة المستدامة.
تحديات التحول إلى الاقتصاد الأخضر
الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر على المستوى العالمي وفي بعض البلدان العربية يزداد زخماً وسرعةً، لكنّه يصطدم بتحديات توفير إطار مستدام في المنطقة العربية لتعزيز الالتزام والدعم للتنمية المستدامة في مؤتمر ريو+20 وما بعده، و هو ما يلزم حكومات الدول بتطبيق وعودها في نمو اقتصادي عادل ومستدام .
و هناك الكثير من التحديات التي سوف تواجه الدول في مرحلة التحول للاقتصاد الأخضر و لكن يجب أن تكثف من جهودها من أجل التغلب علي هذه التحديات، فالمسؤولية تقع على عاتق الجميع، سواء الحكومة التي تسن القوانين و السياسات وتشجع الريادة و الابتكار البيئي، وكذلك القطاع الخاص و المؤسسات المالية والمنظمات الدولية و منظمات المجتمع المدني، حيث أن خيار التحول إلي الاقتصاد الأخضر خيار مكلف للغاية و قد لا ينتج عنه نتائج مباشرة و متساوية علي الصعيدين الاقتصادي و البيئي، و قد يكون ذلك علي حساب أهداف إنمائية أخرى، كما أن زيادة الوظائف في قطاعات محددة يعني بالمقابل تراجع في عدد من الوظائف في قطاعات أخرى، خاصة في المرحلة الانتقالية و هذا يؤدي إلى تزايد
معدلات البطالة
بين فئة كبيرة في المجتمع و خاصة فئة الشباب.
ومع أن العديد من البلدان العربية شهدت تحسناً في النمو الاقتصادي وأحرزت تقدماً في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، ما زالت المنطقة العربية تواجه تحديات أبرزها:
- الاستخدام غير المستدام للموارد الطبيعية والطاقة.
- ضعف مستوى الاقتصاد الكلي، وغالباً ما يتمثل بارتفاع معدلات البطالة، وخاصة بطالة الشباب.
- التفاوت في التقدم الاجتماعي، وخاصة بين الرجال والنساء، وبين المناطق الحضرية والمناطق الريفية.
-
التوسع العمراني
العشوائي الذي يترافق مع تردي ظروف السكن وعدم كفاءة النقل العام واكتظاظ المدن. - تدني نوعية الأنظمة التربوية والبحوث التي لا تلبي حاجات الاقتصاد.
- وجود مشاكل زراعية وبيئية، تتركز في انعدام الأمن الغذائي وندرة المياه والتصحر
- عدم استقرار البيئة السياسية والذي يتفاقم بفعل النزاعات الإقليمية والاضطرابات الأمنية.
تدعم مبادرات الاقتصاد الأخضر الإجراءات المستدامة على صعيد الاستهلاك والإنتاج، ويجب أن تُبذَل جهود لضمان الاتساق العالمي والإقليمي والوطني بين إستراتيجيات الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر من جهة، وأنماط الاستهلاك والإنتاج المستدامة في إطار التنمية المستدامة من جهة أخرى، وذلك مثلاً من خلال التركيز على تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية.
فوائد وأهمية الاقتصاد الأخضر
للاقتصاد الأخضر دور كبير في الحفاظ علي البيئة، فهو يستبدل الوقود الأحفوري بالطاقة المستدامة والتقنيات منخفضة الكربون، و يشجع تحسين كفاءة الموارد والطاقة، كما يعمل علي تحقيق التنمية المستدامة و تحقيق العدالة الاجتماعية المرتبطة بالرخاء الاقتصادي، وذلك من خلال الاهتمام بالإنتاج النظيف والطاقة المتجددة والاستهلاك الرشيد، وتدوير المخلفات مع التقليل من انبعاثات الغازات الضارة و أيضا ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي، كما يساهم الاقتصاد الأخضر في المساواة الاجتماعية و التخفيف من الفقر و زيادة دخل الأسر الفقيرة، من خلال الإدارة الحكيمة للموارد الطبيعية والأنظمة الايكولوجية وذلك لتدفق المنافع من رأس المال الطبيعي وإيصالها إلى الفقراء، بالإضافة إلى توفير
وظائف جديدة
وخاصة في قطاعات الزراعة والنباتات والطاقة والصحة و النقل كما ان زيادة الاستثمار في الأصول الطبيعية التي يستخدمها الفقير لكسب المعيشة تجعل التحرك نحو الاقتصاد الأخضر يحسن المعيشة في الكثير من المناطق منخفضة الدخل. [2]
و هناك مجموعة من المنافع المتوقعة من الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر وهي :
- تشجيع الأنشطة شبه الخالية من الكربون
- إتاحة مجالات جديدة لتحقيق النمو الاقتصادي
- إيجاد فرص عمل جديدة
- إيجاد مصادر جديدة للدخل
- تشغيل الشباب في قطاعات جديدة
- لحد من انبعاثات الكربون
- تحسين النقل العام تخفيض الشح المائي
-
تحسين
الأمن الغذائي
- تنمية المناطق الريفية وزيادة الدخل
- الحد من تدهور الأراضي والتصحر
الاقتصاد الأخضر هو اقتصاد يؤدي إلى تحسين رفاه الإنسان وتقليص الفوارق الاجتماعية على المدى الطويل كذلك التخفيف من احتمالات تعرض أجيال المستقبل لمخاطر تدهور النظم البيئية ونضوب الموارد الايكولوجية، بالتالي يساعد في المحافطة على موارد كوكبنا، ويخلق مجتمعًا أكثر عدلاً.