معلومات عن معبد هيبس

يُعرف نيكتانيبو الثاني بأنه آخر حاكم أصلي لمصر القديمة، حيث تولى الفرس وأجداد الإسكندر الأكبر بعده حكم مصر، ومعبد هيبس الذي اكتمل خلال بفترة حكمه يروي قصة رائعة عن التغيير الذي حدث بنظام الحكم الجديد في تلك الفترة الزمنية، فالأبحاث تؤكد أنه تم بناء معبد هيبس خلال الفترة الوسيطة الثالثة قرابة القرن السادس قبل الميلاد، وإنه أفضل معبد وأكبر معبد في واحة الخارجة، علاوة على ذلك، يعد الموقع أحد رموز تغيير السلطة المصرية القديمة، حيث يربط سمات الملوك المصريين والفارسيين الأقوياء، والمعبد هو نصب يشهد على آخر أربع سلالات بتاريخ مصر.

معبد هيبس

معبد هيبس بمحافظة الوادي الجديد في الصحراء الغربية هو مثالاً على تمثيل الكيان المصري على مر العصور وهو بوتقة تنصهر فيها التأثيرات الثقافية، فالمعبد تقع في واحة الخارجة وهي واحدة من خمس واحات في الصحراء الغربية، وهو وأكبر وأفضل المعابد المحفوظة في المنطقة ويعتبر شهادة على التمكن الفني المصري والفارسي القديم، إنه يوضح كيف يمكن للحضارات أن تجتمع وتترك العجائب للذرية، فعد فترات من الصراع والمواجهة تم بناء المعبد في القرن السادس قبل الميلاد ، في عهد نيكتانيبو الثاني ، آخر ملك وحاكم مصري أصلي لمصر القديمة.

انتهى عهد نيكتانيبو الثاني عندما غزا الفرس واليونانيين مصر، ربما كان آخر مبنى أقيم تحت إشراف الملك المصري الأخير، يوضح معبد هيبس التأثيرات العميقة للتغيرات السياسية أثناء وبعد بنائه.

وقال بهجت إبراهيم، مدير قسم مصر الغربية في وزارة الآثار: (لهذا السبب يعتبر العديد من المؤرخين معبد هيبس أكثر من مجرد بقايا من العصور القديمة، إنه رمز للتغيير السياسي الذي اجتاح مصر في ذلك الوقت).

أسباب بناء معبد هيبس

تم تخصيص معبد هيبس لأمون، وهو الإله المصري الأهم قديماً، وهو أحد آلهة مصر القديمة، وتم بناؤه أيضاً لآله الموت، وخنسو إله القمر، ومع ذلك فقد ارتبط المعبد بآمون، الذي كان يعبد من قبل العديد من

الفراعنة

في مصر.

جدران المعبد مليئة بالديكورات المصرية القديمة مع العديد من النقوش والكتابة والرسومات، يبدو أن معابد الكرنك والأقصر تركت بصمتها أو ألهمت البنائين.

بصرف النظر عن التأثيرات المصرية القديمة، تعرض جدران المعبد النصوص التي تعود إلى عهد الملك الفارسي داريوس الأول (550- 487 قبل الميلاد) رسومات تصور داريوس الأول أثناء الصلاة بأسلوب مصري قديم تزين العديد من الجدران في دليل أكثر على دمج الثقافات المصرية والفارسية والتأثيرات الفنية المتبادلة.

حكم الفرس مصر خلال القرنين السادس والخامس قبل الميلاد، مثل كل الحضارات التي وصلت إلى أرض مصر، فقد تركت بلاد فارس بصمتها في معبد هيبس.

أوزوريس أيضاً إله العالم السفلي وقاضي الأموات مُدرج على جدران المعبد في مشاهد طقوسية، فالمعبد مليء بالتفاصيل مع إتقان فني رائع، وقد خضع لعملية ترميم ضخمة بقيمة 10 ملايين دولار بدأت في عام 2005 وتم الانتهاء منها عام 2018.[1]

معالم واحة الخارجة

تقع واحة الخارجة بالقرب من الحدود مع ليبيا، على بعد 200 كم غرب وادي النيل و550 كم جنوب القاهرة، وهي من أكبر خمس واحات بالصحراء الغربية، على الرغم من أنها غالباً ما تكون صحراوية وذات كثافة سكانية منخفضة، إلا أن مدينة الخارجة تحتوي على العديد من المواقع التي تقوم فيها برحلة يومية لاستكشاف المنطقة.

وقال الخبير السياحي عادل عبد الرازق (أولئك الذين يزورون معبد هيبس لديهم قائمة طويلة من المواقع الأخرى التي يجب زيارتها في الخارجة، وعلى الرغم من أن الرحلة من القاهرة أو أي مدينة أخرى بالقرب من

النيل

إلى الخارجة تكون شاقة، إلا أنها مجزية وممتعة دائماً).

تتضمن قائمة المواقع التي يجب مشاهدتها مقابر البجوات وهي من أقدم المقابر المسيحية، ومعبد قصر دوش، وبقايا العصر الروماني، وعين أم الضبيب، وهي مستوطنة كبيرة تحتوي على مجموعة واسعة من المقابر.

تنظم العديد من شركات السفر أكثر من يوم للرحلات إلى الواحة، تشمل إلى جانب زيارات المواقع التخييم في الصحراء والتي تسهل على الزوار الانغماس في المأكولات البدوية التقليدية.

وقال سامح عثمان، مرشد سياحي يعمل في واحة الخارجة: (هذه بعض الميزات التي تجعل من زيارة معبد هيبس جزءاً من تجربة غنية جداً، أولئك الذين يأتون إلى هنا يدركون بسرعة أن الرحلة الطويلة إلى الواحة ومناطق الجذب فيها ما يستحق السفر دائماً).

تاريخ معبد هيبس

كان معبد Hibis ًهو جزء من مدينة Hibis وهو الاسم القديم لمدينة الخارجة، وبدأ بناء المعبد خلال الأسرة السادسة والعشرين، على الأرجح في عهد الفرعون بسماتيك الثاني، أو حتى قبل ذلك، خلال الأسرة الخامسة والعشرين، تشير الدلائل الأثرية إلى أن المعبد الأقدم، الذي يعود إلى المملكة الحديثة، كان موجوداً بالفعل في نفس المكان، ومنذ عدة عقود بعد بسماتيك الثاني، خلال 27 أسرة، قدم العديد من الحكام الآخرين إضافات أو زخارف هناك، مثل هاكور من 29 أسرة، ولا سيما نيكتانيبو الأول و نيكتانيبو الثاني من السلالة الـ30، وربما بطليموس الرابع (سلالة

البطالمة

)، وغيرهم.

تم إجراء أول حملة تنقيب بمنطقة المعبد نظمها متحف متروبوليتان للفنون في نيويورك، في الفترة 1909، بدأت واحدة أخرى أكثر حداثة بقيادة يوجين كروز أوريبي، في عام 1985.[2]

وصف معبد هيبس

يحمل المعبد تشابهاً وثيقاً، من الناحية المعمارية والنصوص المدرجة على حد سواء مع معابد طيبة في المملكة الحديثة وأيضاً في العصر البطلمي، إلا أنه يختلف عن كليهما بسبب بعض السمات المميزة، مثل النمط الغامق للديكورات.

يوجد مدخل طويل محاط بتماثيل أشبع بأبو الهول يعبر سلسلة من الأعمدة ويصل إلى المعبد، كان هذا محاطاً ًقديماً ببحيرة، وقاعة الأعمدة الكبرى وجدرانها هي على شكل لفافة بردى ضخمة، وهي تحمل العديد من الأوسمة والعديد من التراتيل المكرسة للإله آمون، وكثير منها معروفة منذ العصور السابقة، ومن بين الزخارف البارزة تصوير سيث لهزيمة أبيه.

الجدران والسقف مخصصان لاهوت ذيبان وأوزوريس على التوالي، كما أنها مزينة بالكامل بمجمع من الآلهة المصرية والشخصيات الملكية، وهي تجمع قرابة 700 شخصية.

وقد يكون السبب في الحفاظ الجيد نسبياً على معبد هيبس هو عزلته، ومع ذلك فمنذ عدة عقود، يتعرض المبنى لخطر ارتفاع منسوب

المياه الجوفية

الذي يضرب أساسه، لذلك كانت مصلحة الآثار المصرية تأخذ في الاعتبار تفكيك ونقل المعبد بالكامل.

أحاط نيكتانيبو الثاني المعبد بجدار محاط بالحجارة وفي الجزء الأمامي، يحتوي على كشك ضخم به ثمانية أعمدة، بسبب الامتداد الواسع البالغ 7.4 متر، كان يجب أن يتم سقف الكشك بعوارض خشبية، وأمام الكشك هناك مسلتان في نهاية طريق تماثيل

أبو الهول

، وفي الجزء الأمامي من المعبد يوجد شكل مبكر من الحجرات المربعة مع أربعة أعمدة تشبه ورق البردي على نحو سلاسل وجدران.

وراء قاعدة الحجرة المربعة تكمن قاعة الأعمدة الكبرى المغطاة بزخارف تعود إلى بطليموس الثالث والرابع، على دعامة الباب الجنوبي يوجد أقواس، ويوجد في السجل الأعلى الملك الذي يقدم عروضاً لآمون رع، ويُصور السجل الأوسط الملك وهو يُقدم نبيذاً لآله الموت، وفي أسفل السجل، ويُقدم الملك ذبيحة ربما لماعت أو لأمون رع، وفي الشمال يقدم الملك النبيذ لأمون.

وهناك مشهد أخر يصور الملك وهو يقدم القرابين للثلاث آلهة، الجدارين الشمالي والجنوبي للمقدس هما المناطق الوحيدة في المعبد التي تحتوي على زخارف من الجص والطلاء.[3]