الامام النووي
العديد من العلماء الكبار والأفراد الأتقياء في الماضي لعبوا أمثلة رائعة في الحياة ، وكان لهم دورًا هامًا في التأثير على غيرهم ، كما أن سلوكهم وأفعالهم كان لها تأثير كبير على قلوب من حولهم ، وكان عمر الإمام أبو زكريا محي الدين يحيي ابن شرف المعروف بالإمام النووي قصيرًا جدًا فقد عاش 45 عامًا فقط ، وخلال هذه الفترة القصيرة كتب الإمام النووي عددًا كبيرًا من الكتب حول مواضيع مختلفة ، وتم الاعتراف بكل كتاب له باعتباره ثروة قيّمة ، وساهم كثيرًا في نشر المعرفة الإسلامية [1].
نشأة الإمام النووي وعائلته
ولد الإمام النووي في شهر محرم 631 هجريا وعام 1233 ميلاديًا في قرية نوى ، بالقرب من العاصمة
دمشق
، سوريا والنووي لم يأتِ من عائلة معروفة ، وهناك القليل جدا من المعلومات حول والده وأقاربه الآخرين ، وهذا يعني أنهم كانوا عائلة متواضعة ، كما أنها لم تكن عائلة مليئة بالعلماء العظماء ومع ذلك ، فإن والده كان له سمعة لكونه تقيا جدا ويخاف من الله ، وعُرف بالنووي بسبب مسقط رأسه [1].
طفولة الإمام النووي
منذ طفولته لم ينجذب النووي إلى الرياضة أو اللعب مع الأطفال ، وسخر منه الأطفال الآخرون لهذا السبب ، ومنذ سن مبكر وجه النووي انتباهه إلى دراسته وكره أي نشاط من شأنه أن يأخذه بعيدا عن حفظ القرآن [1]، وعندما كان طفلًا في العاشرة من عمره اعتاد الصبيان الآخرون في نفس عمره على إجباره على اللعب معهم ، لكن الإمام نواوي كان دائمًا يتجنب اللعب ، ويظل مشغولاً بتلاوة القرآن الكريم ، وعندما حاولوا الاستبداد وأصروا على انضمامه لألعابهم ، أذهلهم وأبدى عدم اهتمامه بأفعالهم الحمقاء ، [2] وقام معلمه في نوى بنقل هذا الحادث إلى والد الإمام الذي كان رجلاً فاضلاً ورعًا وقرر والده تكريس حياة ابنه لخدمة وتعزيز قضية الإيمان الإسلامي وفي فترة قصيرة ، تعلم الإمام قراءة القرآن ، وبحلول ذلك الوقت كان قد بلغ
سن البلوغ
تقريبًا [1].
تعليم الإمام النووي
لم يكن لدى الإمام النووي أجواء أكاديمية ، أو علمية ولم تكن هناك أكاديميات ، أو معاهد دينية يمكن للمرء أن يكتسب فيها التميز في التعليم الديني ، لذلك أخذه والده إلى دمشق ، التي كانت تعتبر مركزًا للتعلم والمنح الدراسية ، وتجمع الطلاب من بعيدًا إلى هناك للتعليم وخلال تلك الفترة ، كان هناك أكثر من ثلاثمائة معهد وكلية وجامعة في دمشق وانضم الإمام إلى مدرسة روحية تابعة لجامعة أمفي ، ومؤسس وراعي هذه المدرسة كان تاجرًا يدعى زكي الدين أبو القصيم الذي كان يعرف باسم ابن رواحة ، وتم تسمية المدرسة من بعده ، وكان في هذه المدرسة يوجد العديد من المعلمون البارزون والمميزون الذين درسوا للإمام النووي ، ودرس هناك لمدة عامين كاملين . [2]
الإمام النووي وسعيه وراء المعرفة منذ الصغر
عاش الإمام النووي في نوى حتى سن 18 عامًا ، وعندما ذهب إلى دمشق درس الأحاديث ، والفقه الإسلامي ، والمبادئ من عدد أكبر من العلماء المسلمين البارزين مثل لشناق بن أحمد المغربي المقدسي ، وعبد الرحمن الأنباري ، وعبد العزيز الأنصاري ، ودرس صحيح مسلم من أبو لشاق إبراهيم الوسيطي ، وبدأ التدريس في مدرسة الأشرفية في عمر 24 عامًا ، ومن هنا بدأت سمعته في الانتشار حيث تميز كثيرًا كعالم ، وخلال هذه الفترة سيطر السعي وراء المعرفة عليه طوال حياته حيث كان يضع كل وقته في الدراسة ، والتعلم ، والتدريس ، وكان لا ينام تقريبًا [1].
كتابات الإمام النووي
بدأ النووي الكتابة في العام 663 أو 664 هجريا ، وفي فترة من اثني عشر أو ثلاثة عشر عامًا قام بتجميع بعض من أهم الأعمال في تاريخ الإسلام ، وتم نشر أعماله الكلاسيكية التي لم يكملها في تسعة مجلدات كبيرة الحجم ، وهذه بعض أعماله التي أنجزها في ذلك الوقت القصير :
-
رياض الصالحين
. - المنهاج بن صالح صحيح مسلم ( شرح لصاحب مسلم ) .
- المجموع شارح المهذب .
- منهج التعليم .
- تقريب التيسير .
- الأحاديث الأربعون .
- كتاب الأذكار .
- شرح سنن أبو داود .
- صحيح البخاري .
- مختار الترمذي .
- طبقة الشافية .
- روضة الطالبين .
- بستان العريفين . [1]
طلاب الامام النووي
إلى جانب كتاباته ، ألقى النووي تأثيره على العديد من الطلاب ، ولقد درس لعدة سنوات واستفاد منه الكثير من الأشخاص ، ومن بعض طلابه المعروفين :
- ابن العطار .
- جمال الدين المزي .
- أبو العباس بن فرح .
- البدر محمد بن جامع .
- أبو الربيع الهاشمي . [1]
وفاة الإمام النووي
بعد عودته إلى مسقط رأسه في نوى ، مرض الإمام النووي ومات ، وتوفي في الرابع والعشرين من رجب سنة 676 هجريا عام 1277 ميلاديا ، وتوفي عن عمر يناهز الخامسة والأربعين ، وكانت إنجازاته خلال فترة حياته القصيرة هذه مساوية أو أكبر من العديد من الذين عاشوا حتى ضعف عمره ، وعندما وصل خبر وفاته إلى دمشق، شعر الناس بالحزن الشديد ، وتدفقت الدموع من عيونهم فقد شعروا أنه قد توفي أحد أعظم العلماء وأعظم قادة الشعب . [1]
وتم دفنه في مسقط رأسه نوى، سوريا وتمنى النووي أن يكون قبره حسب السنة أي أن يكون مستويًا وليس بارزًا ، ومع ذلك قرروا بناء قبة على قبره ، ولكن تحققت أمنية الإمام النووي فكلما كانوا يحاولون بناء قبة كان يتم تدميرها ، وبعد العديد من المحاولات ، تركوه أخيرًا مسطحًا مع علامة طفيفة وفقًا للسنة ، ولا يزال قبره معروفًا ومعترفًا به حتى اليوم ، وتم تدمير ضريحه في عام 2015 ، خلال الحرب الأهلية السورية المستمرة ، وتم هدم قبره من قبل المتمردين المرتبطين بالنصرة . [3]
إرث الإمام النووي
قدم الإمام النووي مساهمات في الأدب الحديث من خلال أعماله الهامة ، وهذا جعله محترمًا في
جميع المذاهب
، رغم أنه يتبع الفقه الشافعي ، واستطاع هذا العالم العظيم أن يكتسب شهرة مثالية حيث أنه كرس كل وقته للتعلم ، والمنح الدراسية ، وبخلاف
القراءة
، والكتابة ، قضى وقته في التفكير في القضايا التفاعلية والمعقدة ، وفي إيجاد حلول لها . [3]