ماهي ظاهرة ديجافو

قد يحدث أحيانًا أن تذهب إلى مكان ما ، أو تتناول طعامك مع الأصدقاء ، أو تتحدث إلى شخص ما بشأن أحد الموضوعات ، ثم فجأة تشعر أن ما يحدث ليس بجديد ، وأن هذا المكان وهذا الحديث وتلك الأجواء ، قد عشتها كاملة بنفس التفاصيل من قبل! ولكنك ما يحدث هو أنك لا تتذكر تحديدًا متى حدث ذلك ، إلا أنك ينتابك شعورًا في تلك اللحظة بتكرار الحدث والحديث.

هذا الأمر يشتهر بظاهرة ديجافو ، وهي كلمة تعني بالعربية قد شوهد من قبل ، وهذا ما سنتحدث بشأنه في هذا المقال عن ديجافو والشعور الغريب بالألفة.


تعريف ظاهرة ديجافو


ظاهرة ديجافو

déjà vu هي عبارة عن كلمة فرنسية تعني قد شوهد من قبل ، وهي عبارة عن ظاهرة نفسية أو قوة حدسية ، يمتلكها العديد من الأفراد ، وتحدث مع الكثيرين ، وهي عبارة عن استرجاع مشاهد لم تحدث من قبل ، ولكن يشعر المرء بأنه قد مر بها بالفعل ، سواء زيارة مكان أو التحدث لأحد الأشخاص ، أو حتى موضوع الحديث نفسه ، ولهذا يطلق عليها البعض وهم الرؤية المسبقة ، حيث يخيل للفرد أن الموقف يتكرر بنفس تفاصيله ، حتى يشعر بألفة معه وكأنه قد حدث بالفعل من قبل ، وأنه يكرره فقط دون إرادة منه ، وهي ظاهرة تتوزع على الذكور والإناث معًا ليس لشخص دون آخر.[1]


عوامل حدوث ظاهرة ديجافو

تتكرر ظاهرة ديجا فو مع الكثيرين ، ولكن الأمر يختلف من شخص لآخر وفقًا لعدد من العوامل المهمة ، أولها المرحلة العمرية لمن تحدث له تلك الظاهرة ، فهي شائعة الانتشار بين الأعمار الصغيرة نسبيًا ، ولكن تبدأ في التراجع كلما تقدم الشخص في العمر. أما العامل الثاني ؛ هو تكوين المجتمع ووضعه الاقتصادي والاجتماعي ، فكلما ارتفعت تلك لمعايير كلما شعر الأفراد بأن الأحداث تتكرر بشكل مألوف ، حيث أقرت الدراسات العلمية بأن أكثر من ثلثي البشر قد مروا بتلك الظاهرة حتى الآن.

وعن العامل الثالث لظاهرة الديجا فو ، يأتي

السفر

بكل قوته ، فكلما كان الشخص محبًا للسفر ومنفذًا له ، فإنه يمر بظاهرة الديجافو أكثر من أي شخص آخر. وفي حالة الإجهاد أيضًا يشعر الأفراد بأنهم قد مروا بمواقف وأحداث ما ، وكأنهم قد عاشوها من قبل ، مثلما يحدث للجنود إبان المعارك.

وأخيرًا فتناول بعض الأدوية أو العقاقير الطبية ، قد يؤدي إلى مرور المريض بظاهرة الديجافو ، مثل تناول عقار امانتادين مع عقار بروبانول امين لعلاج الانفلوانزا ، فيمر المريض بظاهرة الديجافو.[2]


كيفية حدوث ظاهرة ديجافو

تحدث ظاهرة الديجافو عندما يبدأ المخ في تخزين المعلومات والذاكرة ، فالمخ يقوم بتخزين الذكريات الحسية والبصرية عمومًا في الفص الصدغي ، المسؤل عن الألفة والاعتياد ، وهذا ما يجعل من يمر بظاهرة الديجافو ، يستشعر بعض الألفة الغريبة مع الأشياء والأحداث.[3]


علاقة ديجا فو بالأمراض النفسية

قد يظن البعض أن المرور بظاهرة الديجافو ، قد يكون مؤشرًا للإصابة بمرض نفسي ما ، ولكن أثبت العلماء أنه ليس هناك رابطًا حتى الآن ، بين ظاهرة الديجافو وأي مرض عمومًا ، وإنما يرتبط الأمر بمرض صرع الفص الصدغي ؛ حيث يمر المريض بظاهرة الديجافو قبيل

نوبة الصرع

، والذي يحدث في الأساس نتيجة نشاط الخلايا العصبية في الدماغ ، وتحديدًا في هذا الجزء المسؤل عن الذاكرة كما ذكرنا بالأعلى.[4]


أسباب حدوث ديجافو

من أبرز الأسباب التي ذكرها الأطباء ، كسبب للمرور بتجربة الديجافو ، هو حدوث تفريغ خاطيء للشحنات الكهربائية الموجودة في الدماغ ، حيث تتأثر الخلايا المسؤلة عن تخزين الذاكرة ، ويحدث التداخل في التخزين وعرض الصور ، بين الماضي والحاضر ، هذا في حالة الأشخاص الأصحاء ، بينما في حالة الشخص مريض الصرع ، تكون

الشحنات الكهربائية

مضطربة من الأساس ، فتدحث الظاهرة كنذير وإيذانًا بقدوم إحدى نوبات الصرع.[5]


فرضيات لتفسير ظاهرة ديجافو


على الرغم من تعدد التخصصات التي حاولت تفسير ظاهرة ديجافو ، بين متخصصي علم النفس ، الذين فسروه بأنه رغبة كامنة في تكرار تجربة ماضية ولكن مرة ثانية ، بينما يرى الأطباء بأن ديجافو ما هي سوى اضطراب في نشاط خلايا الدماغ ، في حين فسرها متخصصو الماورائيات بأنها تجارب مررنا بها ، أثناء حياتنا داخل لرحم كأجنة فيما يعرف بتجربةما قبل الولادة.

وعلى الرغم من هذا التعدد في التفسيرات ، إلا أنه لا يوجد تفسير واحد محدد لتلك الظاهرة ، بل لقد ظهرت ظاهرة مضادة لها هي المألوف Jamais Vu ، والتي تعني بأنك تقابل أشياء ومواقف تعرفهم بالفعل أو أحداث حدثت بالفعل ، ولكنك تشعر بأنك تمر بها لأول وهلة!


فرضية مراكز الذاكرة في الدماغ

تقوم هذه الفرضية على أساس ، أن المخ يعمل وفقًا لمناطق كل منها تقوم بوظائف محددة ، فعلى سبيل المثال ، تقع المناطق المسؤلة عن حاسة البصر ، في مؤخرة الرأس ، بينما تقع المناطق المسؤلة عن السمع على جانبي الرأس.

وأشار المتخصصون إلى أن المخ يترجم الأشياء إلى صور ، ثم يخزن الصور في المنطقة المسؤلة عن ذلك ، ويستعيدها عن طريق التذكر حيث أصبحت مألوفة له ، عن طريق الجزء المسؤل عن المعرفة ، ولكن قد يحدث أن تتأخر الذاكرة عن المكان المعرفي، فيبدأ الشخص في الشعور بألفة نحوها ولكنه لا يتذكرها ، فتحدث ظاهرة الديجافو نتيجة هذا التأخر في عمل إحدى وظائف المخ ، ويظن الشخص بأن الأمر مألوفًا. وهناك تحليل آخر يربط بين لذاكرتين قصيرة المدى وطويلة المدى ، ويؤكد أن التداخل قد يحدث بين الذاكرتين ، وتتأخر إشارات الأعصاب بينهما ، فيبدأ الشخص في التعامل مع الأحداث والأماكن لوهلة من الوقت ، بأنها قد مرت به من قبل ، نتيجة إرسال الإشارات في المخ إلى الذاكرتين طويلة المدى والقصيرة في نفس الوقت.


فرضية نصفي الكرة المخية

يتكون الدماغ من فصين متساويين ، كل منهما يقدم عددًا من الوظائف ويستجيب لعدد من الإشارات والصور وخلافه ، وعند استقبال أية صورة يتم استقبالها من خلال الفصين معًا ، إلا أنه في بعض الأحيان قد يحدث أن يستقبل الصورة ، أحد الفصين وتحديدًا الفص الأمامي ، ولكن بفارق ثوانٍ بسيطة ، ثم يتم إرسال الصورة للجزء الثاني من الدماغ ، والذي يتولى أمر التفسير والاستيعاب لما تم استقباله ، ولكن هذا التفوات في لتوقيت قد يتسبب في شعور الفرد بأن ما يراه ليس جديدًا ، وأنه شيء مألوف بشكل كبير بالنسبة له ، وبالفعل هذا صحيح ، فهي مألوفة له نظرًا لأنه قد تم تخزينها في الذاكرة قصيرة المدى أولًا.


فرضية علم الباراسيكولوجي

نالت ظاهرة الديجافو اهتمام العديد من التخصصات على اختلافها ، وكان لعلم

الباراسيكولوجي

نصيب من التفسير أيضًا ، والذي يرى أن ظاهرة الديجافو هي نفسها

الحاسة السادسة

، فعقل الإنسان لديه قدرات خارقة ، وعند تنشيط قدراته تعمل الحاسة السادسة ، ويستطيع الفرد أن يفهم الأحداث ويتوقعها بشكل قوي ، فيشعر عندد عل بأنه قد رآها من قبل ، لأنها تكون قد اختزنت بالفعل بالعقل الباطن اللاواعي ، فيتوهم الفرد بأنه قد شاهد من قبل.[6]