معلومات عن معركة أودزاك
بدأت الحرب العالمية عام 1939م ، وهي حرب دولية اندلعت في أوروبا ، وشارك فيها أغلب
دول العالم
، إلى أن انتهت عام 1945م ، وانقسمت الدول المشاركة في الحرب بين دول المحور ودول الحلفاء ، بقدرات بشرية من كافة الدول المشاركة ، حيث بلغ قوام العدد المشارك منهم حوالي مائة مليون عنصر بشري ، وسخرت كل الدول كافة قواها الاقتصادية والصناعية بل والعلمية أيضًا ، من أجل الحرب فقط ، وبالطبع تسبب هذا في حدوث فواجع وكوارث كبرى.
استمرت دراما
الحرب العالمية الثانية
حتى عام 1945م ، وكانت اليابان آخر دولة مهزومة خلال تلك الحرب الشرسة ، بعدما سقطت القنابل الذرية على كل من هيروشيما وناجازاكي ، لتتراجع اليابان عن موقفها وتستسلم. وفي هذا المقال سنتحدث بشأن معركة أودزاك وقائع آخر معارك الحرب العالمية الثانية ، التي أخفتها السلطات اليوغوسلافية لسنوات طويلة .
معركة أودزاك معركة لم تنتهِ بعد
على الرغم من انتهاء الحرب العالمية الثانية رسميًا في عام 1945م ، إلا أن هناك حربًا أو معركة لم تكن قد انتهت ، وتم الإعلان عن وقائعها عام 1971م ، و اعتبرها المؤرخون آخر وقائع الحرب العالمية الثانية ، حيث أعلنت السلطات اليوغوسلافية عن تفاصيلها ، خاصة وأنها كانت طرفًا أساسيًا بها.[1]
بلدة أودزاك
تقع بلدة أودزاك التي شهدت آخر معركة حربية تابعة للحرب العالمية الثانية ، في منطقة هادئة شمال
البوسنة والهرسك
، بين نهري سافا وبوسنا ، وتقاتل في تلك البلدة القوات الكرواتية المستقلة مع القوات اليوغوسلافية ، عقب إعلان انتهاء الحرب العالمية الثانية في أوروبا ، بحوالي ستة عشر يومًا فقط
بدايات معركة أودزاك
بالعودة إلى بدايات تلك المعركة ، كانت يوغوسلافيا قد تعرضت لهجمة ألمانية مجرية إيطالية عنيفة في عام 1941م ، استسلم على إثرها الجيش اليوغوسلافي ، في فترة قليلة لا تتعدى أربعة عشر يومًا ، ودخلت القوات المعتدية إلى أجزاء كبيرة جدًا من البلاد.
بعد الاحتلال خضعت يوغوسلافيا إلى إدارة ما عرف بكرواتيا المستقلة ، وهو نظام عميل وخائن تابع لقوات الاحتلال ، أسسه أنتي بافليتش صديق موسوليني المقرب ، وكانت كرواتيا المستقلة هذه خاضعة لإيطاليا حتى عام 1943م ، ثم انتقلت إلى سلطة ألمانيا عليها بعد ذلك.
في هذا الوقت قامت الدولة بتأسيس مجموعة قوات ، تحت اسم الحرس الوطني الكرواتي ، تكونت من الجيش اليوغوسلافي المستسلم ، وقد بلغ عددهم حوالي 30 ألف جنديًا بحلول عام 1943م ، على الرغم من تواجدهم بمناطق متفرقة خارج البلاد.
على الجانب الآخر ، تم تأسيس ميلشيا عرفت باسم حزب بافليتش ، وتكوّن من عدد كبير من الجنود ، وعلى الرغم من كونهم من أفضل وأشد المقاتلين ، إلا أنهم قاموا بارتكاب جرائم بشعة ، أثناء إداراتهم لأكثر من عشرين معتقلًا. وانضم المتطوعون بالآلاف إلى ما عرف باسم وحدة إس إس النازية ، وشكّلوا كتيبة قوية ، شاركت في معركة ستالينجراد الكبرى. ولكن بحلول عام 1944م تم توحيد الصفوف ، وانضم كلا من الحرس الوطني والميليشيا إلى القوات المسلحة لكرواتية ، لتنصاع بعد ذلك إلى قيادة
الحزب النازي الألماني
وقواته.
بعد تأسيس تلك التحالفات وقوتها ، بالنظر إلى الحزب الشيوعي اليوغسلافي ، نجده ضعيفًا وهشًا ، حيث كان يتألف من 12 ألف عضوًا ، في حين بلغت قوات التحالف أكثر من 500 ألف عنصرًا ، إلا أن الحزب على الرغم من ضعف إمكانته البشرية ، لكنه تمكن من تزويد أفراده بشبكة اتصالات قوية ، حولته فيما بعد إلى حركة مقاومة مميزة.[2][3]
حركة المقاومة قبل
معركة أودزاك
بحلول عام 1941م بدأت حركة المقاومة في الاندلاع ، وانضم لها الكثيرون مع الوقت ، لتتحول إلى قوة مقاتلة جديرة بالاحترام ، إلا أن نجاح تلك القوة لم يكن كبيرًا ، بل كان محدودًا خلال الفترة الأولى من المقاومة ، نظرًا لحشد قوات التحالف لجيوشهم في مواجهة جيش المقاومة ، إلى جانب بعض التشكيلات غير الرسمية التي قلبت موازين المعركة.
ولكن مع الوقت ، استطاعت قوات المقاومة من إعادة تنظيم نفسها ، وغيرت خطتها من المقاومة المباشرة المعلنة ، إلى طريقة حروب العصابات ، خاصة وأن أعداد المتطوعين للمقاومة تزايدت أعدادهم بمرور الوقت ، حيث بدؤوا بحوالي 150 ألف مقاتل ، وانتهى الأمر في عام 1944م بحوالي 800 ألف مشارك بها.
بدأت المقاومة هجماتها على قوات دول المحور ، وبالطبع كان رد فعل قوات الاحتلال من
دول المحور
مؤلمًا وكبيرًا ، في كثير من الأحيان وذلك لقمع المقاومة ، إلا أنهم لم يستطيعوا تحجيم المقاومة بطريقة واسعة ، خاصة وأنهم قد حاولوا التخلص من القيادات لأكثر من مرة ، ولكنهم لم يستطيعوا هزيمة تلك الجموع.
وفي عام 1945م كانت قوات المقاومة قد حررت القطاع الأكبر من يوغوسلافيا ، وتراجعت قوات الاحتلال إلى
النمسا
، برفقة العديد من المدنيين العملاء ، وجنود النظام العميل نفسه.[4]
تفاصيل معركة أودزاك
تم تحرير
سراييفو
عاصمة البوسنة والهرسك ، في عام 1945م ، ثم بدأت المقاومة في ملاحقة جيوش كرواتيا وألمانيا ، متجهين إلى الشمال صوب بلدة أودزاك ، إلا أن تفاصيل هذا الزحف الدقيقة ، ليست معروفة تاريخيًا ولها أكثر من رواية.
وكان السبب في تضارب الأقوال بشأن هذا الأمر ، هو أن السلطات المسؤولة في يوغوسلافيا كانت قد عملت عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية ، على التسفيه من شأن هذه الأحداث ، حتى لا تضيع جهودها في توحيد الدولة. فيما أراد المسؤولون الكرواتيين لم يرغبوا في تحويل أحداث المعركة إلى بطولة تنسب للطرف الثاني ، خاصة مع الخسائر الشديدة في الأرواح والمعدات.
واختار قائد أوستاسا بيتار راجكوفاتشيتش ، البالغ من العمر 26 عامًا في هذا الوقت ، أن يبقى في بلدته أودزاك دون اللجوء للانسحاب والتقهقر صوب النمسا ، خاصة وأنه كان مجهزًا بطريقة جيدة ، ولديه العديد من المعدات والذخائر والتحصينات القوية لمكانه ، حتى أنه كان قد جهز ملاجيء وخنادق ، وأقام سورًا من الأسلاك الشائكة وحقول الألغام حول البلدة.
ورغم هذه التجهيزات نجحت قوات المقاومة في السيطرة على المنطقة المحيطة بالبلدة ، وحاصروا راجكوفاتشيتش لبضعة أيام في هذا المكان ، وظلت قوات المقاومة في محاولات متتالية لتحرير بلدة أودزاك ولكن كافة المحاولات باءت بالفشل ، وكانت خسائرها فادحة ، لأن قوات المقاومة لم تكن مجهزة مثل قوات الاحتلال ، وبالتالي لجؤوا إلى إضعاف قوات أوستاسا يوم تلو الآخر ، حتى خارت قواهم وتم الاستسلام.
وفي يوم الثامن من مايو عام 1945م ، أعلنت المقاومة انتصارها ، وأعلنت ألمانيا وحلفائها استسلامهم جميعًا ، عدا راجكوفاتشيتش الذي رفض الإعلان عن استسلامه وهزيمته أمام المقاومة ، وعاد القتال مرة أخرى بين راجكوفاتشيتش والمقاومة ، وظلت المعركة قائمة في أودزاك ، إلى أن أعلنت القوات الكرواتية عن استسلامها تمامًا ، في حين أصر راجكوفاتشيتش على القتال حتى يوم 15 مايو.
انتهت معركة أودزاك تمامًا يوم 23 مايو ، كانت قوات المقاومة في هذا الوقت ، قد أرسلت قوات جوية لتعدل ميزان القوى في المعركة ، واستسلم راجكوفاتشيتش وانتهت معركة أودزاك رسميًا عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية بستة عشر يومًا كاملين.[5][6]
نتائج معركة أودزاك
أعلنت بعض المصادر عن انتهاء معركة أودزاك ، أن حصيلة المعركة كانت فناء أكثر من 1200 مقاتلًا ، وأفادت مصادر مختلفة ، أن تلك المعركة قد حصدت أكثر من عشرة آلاف روحًا ، في حين أكد عدد من المؤرخين بأن قوات أوستاسا كانت قد فقدت كل مقاتليها وعددهم 1500 مقاتلًا ، وكانت مجلة NIN المنطلقة من بلجراد ، أول من تحدث بشأن معركة أودزاك الأخيرة ، والتي تكتمت عليها السلطة اليوغوسلافية طيلة هذا الوقت.[7]