سيرة ماري ملكة الاسكتلنديين

بعد 19 عام من السجن، تم قطع رأس ماري، وهي ملكة اسكتلندا في قلعة فورينغهاي في إنجلترا بسبب تورطها في مؤامرة لقتل الملكة إليزابيث الأولى، لقد تمكنت من الوصول إلى حكم اسكتلندى وحكم فرنسا، وكانت تطالب بعرش إنجلترا، وقد مرت بالعديد من المؤامرات التي تسببت في سجنها وإعدامهم في النهاية، فمن هي ماري ملكة اسكتلندا ؟

الحياة الأولى للملكة ماري

ماري ستيوارت هي الطفلة الوحيدة للملك جيمس الخامس من اسكتلندا وزوجته الفرنسية ماري جوي، توفى والدها بعد ستة أيام من ولادتها، على الرغم من أن العم الأكبر تولي الحكم، إلا أن هنري الثامن من إنجلترا بذل جهداً فاشلاً لتأمين السيطرة عليه، والجدير بالذكر أن ماري ورثت دم تيودور من خلال جدتها، وهي شقيقة هنري الثامن.[1]

رأت والدتها أنه يجب إرسال ماري إلى فرنسا في سن الخامسة، هناك ترعرعت في محكمة الملك هنري الثاني وزوجته كاترين دي ميديسيس مع أسرتها الكبيرة، بمساعدة العلاقات من جانب والدتها، تمكنت من توفير حياة جيدة لماري في فرنسا، وعلى الرغم من طفولتها الساحرة التي تتميز بالكثير من الرفاهية، بما في ذلك الصيد والرقص المتكرر، لم يتم إهمال تعليم ماري، وقد درست اللاتينية والإيطالية والإسبانية وبعض اليونانية، أصبحت الفرنسية الآن لغتها الأولى، وفي الحقيقة، نمت ماري لتصبح فرنسيةً وليس اسكتلندية.

بسبب جمالها الرائع الذي ظهر في كونها الطويلة النحيلة وشعرها من الذهب الأحمر وعينيها بلون العنبر، بالإضافة إلى شخصيتها الرائعة وتذوقها للموسيقى والشعر، لخصت ماري المثل الأعلى المعاصر للأميرة النهضة وخصوصاً في وقت زواجها لفرانسيس، الابن الأكبر لهنري وكاترين، الذي كان في أبريل 1558، وأصبح الملك فرانسيس الثاني بعد ذلك ملك فرنسا عام 1559 لكنه توفي في العام التالي. بعد وفاة فرانسيس، عادت ماري إلى اسكتلندا لتتولى دورها كملكة للبلاد.

في عام 1565 تزوجت من ابن عمها اللورد دارنلي من أجل تعزيز ادعائها بخلافة العرش الإنجليزي بعد وفاة إليزابيث، في عام 1567، قُتل دارنلي في ظروف غامضة في انفجار وقع في كيرك أوفيلد، وكان عشيق ماري إيرل بوثويل هو المشتبه به الرئيسي، على الرغم من تبرئة بوثويل من التهمة، إلا أن زواجه من ماري في العام نفسه أغضب النبلاء، وجلبت ماري جيشاً ضد النبلاء، لكنها هُزمت وسُجنت اسكتلندا وأجبرت على التنازل عن العرش لصالح ابنها جيمس أبن دارنلي .[2]

زواج ماري ملكة الاسكتلنديين

فرانسيس الثاني ملك فرنسا

في عام 1558 تزوجت ماري من فرانسيس زوجها الأول، في عام 1559 توج زوج ماري فرانسيس الثاني ملك على فرنسا، مما جعل ماري ملكة اسكتلندا وملكة فرنسا، لسوء الحظ مات فرانسيس بعد إصابة في الأذن بعد عام من صعوده إلى العرش تاركاً ماري أرملة في سن 18 عاماً.

إيرل دارنلي

في عام 1565، تزوجت من ابن عمها إيرل دارنلي زوجها الثاني، زوج ماري الجديد كان حفيد مارغريت تيودور. زواج ماري من أغضب إليزابيث تيودور، فزواجها من دارنلي، جعل شقيق ماري غير الشقيق يتحول ضدها أيضاً.

بعد وقت قصير من زواجهم، تسبب طموح دارنلي القاسي في مشاكل، في عام 1566 قام دارنلي ومجموعة من النبلاء البروتستانت بقتل ديفيد ريزيو، سكرتير ماري الإيطالي، بطعنه 56 مرة، كانت ماري في هذا الوقت حامل من دارنلي ورغم أنها أنجبت ابنهما بعد بضعة أشهر، إلا أنها لم تعد ترغب في أن تكون متزوجة من دارنلي.

قُتل دارنلي في ظروف غامضة إثر انفجار في كيرك أوفيلد، خارج عاصمة اسكتلندا إدنبره في فبراير 1567.

إيرل بوثويل

في مايو 1567 وافقت ماري على الزواج من إيرل بوثويل، المشتبه به الرئيسي في مقتل زوجها السابق دارنلي، على مر السنين، أصبحت بوثويل أحد المقربين من ماري وقيل إنه يمارس نفوذاً كبيراً عليها، كما كان لديه طموحاته الخاصة ليصبح ملكاً، زواج ماري الفاضح من بوثويل بعد ثلاثة أشهر فقط من مقتل دارنلي ، جعل النبلاء الاسكتلنديين يحتجون ضدها، ذهب بوثويل إلى المنفى ، حيث قُبض عليه في نهاية المطاف واحتُجز في الأسر حتى وفاته، وفي الوقت نفسه كانت ماري مسجونة في قلعة لوخلفين.

معلومات هامة عن ملكة اسكتلندا

العودة إلى اسكتلندا في أغسطس 1561، اكتشفت ماري أن تربيتها الفرنسية المترفة، قد جعلتها غير مجهزة للتعامل مع سلسلة المشاكل التي تواجهها الآن في السلطة، كما أن ادعاءات ماري السابقة بالعرش الإنكليزي تتسبب في عداء إليزابيث.

في اسكتلندا أصبحت الديانة الرسمية هي البروتستانتية في غيابها، وبالتالي مثل ذلك للكثيرين تهديد، بما في ذلك الداعية الكالفيني البارز جون نوكس، فكانوا ينظرون إلى أن الملكة الأجنبية تمثل طائفة غربية>

أصعب من ذلك كله كان النبلاء الاسكتلنديين، بسبب كونهم من الفصائل والمضطربين والمضطهدين بعد سلسلة من التقلبات الملكية، فقد كانوا مهتمين بالعداء الخاص بين بعضهم والتشجيع الذاتي أكثر من دعمهم للتاج، ومع ذلك خلال السنوات الأولى من حكمها، نجحت ماري بمساعدة أخوها غير الشقيق جيمس بالسعي بشكل خاص في سياستها للتسامح الديني، بالإضافة إلي أن جميع الاسكتلنديين لم يكونوا يكرهون مشهد ملكة شابة جميلة تخلق حياة محكمة رشيقة ومرنة، وتتمتعت ماري بقدر من التقدم في جميع أنحاء البلاد في هذه الفترة.

كان زواج ماري الثاني في يوليو 1565 لابن عمها هنري ستيوارت ملك انجلترا كارثي بالنسبة لها، لأن بزواجها استعادت جميع العناصر المهتمة بهيكل السلطة في اسكتلندا، بما في ذلك إليزابيث، وشقيقها غير الشقيق جيمس، الذي غار من صعود عائلة لينوكس إلى السلطة تمرد على الفور، وكان زوجها الآخر بعد مقتل زوجها من المتهم الأساسي في القتل بمثابة نهاية مُلكها في اسكتلندا.[3]

فترة الأسر في حياة الملكة ماري

كانت فترة أسر ماري طويلة ومرهقة، كانت مهارتها في التطريز وحبها للحيوانات الأليفة الصغيرة مثل الكلاب والطيور الغنائية تهون عليها فترة الأسر، إلا أنها صحتها تدهورت من قلة التمرينات الجسدية، وتضاءل جمالها، وكانت دائماً في فترة الأسر تظهر في صورها المعروفة بالحجاب الأسود والأبيض، والتي يرجع تاريخه إلى عام 1578.

بطبيعة الحال ركزت طاقاتها على شراء قرار الأفراج عنها من السجن التي اعتبرته غير مبرر، لسوء حظها كانت ماري ككاثوليكية هي محور التركيز الطبيعي لآمال أولئك الكاثوليك الإنجليز الذين أرادوا استبدال الملكة البروتستانتية إليزابيث بها، بالإضافة إلى اكتشاف مؤامرة لاغتيال إليزابيث في عام 1586 وإحداث انتفاضة كاثوليكية أقنعت الملكة إليزابيث بأن ماري ستشكل دائماً تهديداً خطيراً على موقعها مادامت على قيد الحياة وهذا الأمر أدي إلى إعدامها.

إعدام الملكة ماري

في عام 1568، هربت ماري من الأسر وأنشأت جيشاً كبيراً لكنها هُزمت وهربت إلى إنجلترا، رحبت الملكة إليزابيث في البداية بماري، لكنها سرعان ما أُجبرت على وضع صديقتها رهن الإقامة الجبرية بعد أن أصبحت ماري محور مختلف المؤامرات الكاثوليكية والإسبانية للإطاحة باليزابيث، في عام 1586 تم الإبلاغ عن مؤامرة كبرى لقتل إليزابيث، وتم تقديم ماري إلى المحاكمة، تم إدانتها بتهمة التواطؤ وحكم عليها بالإعدام.

في 8 فبراير 1587، تم قطع رأس ماري ملكة الأسكتلنديين بتهمة الخيانة، من قبل ابنها الملك جيمس السادس ملك اسكتلندا، وبهدوء تام أمر بإعدام والدته، وعند وفاة الملكة إليزابيث في عام 1603 أصبح ملكاً إنجلترا واسكتلندا وإيرلندا.