فن تبرير الخطأ
يواجه الإنسان في مراحل حياته عقبات كثيرة ، عليه أن لا يستسلم إليها وأخطر هذه العقبات التي لا يجب أن تتملكه عدم الاعتراف بالخطأ أو الفشل في حياته ، فينبغي على الإنسان الذي يسعى لإصلاح ذاته وحياته أن يعترف أولا بارتكابه الخطأ ؛ حتى يتمكن من إصلاح نفسه ومعيشته .
الفرق بين مبررات النفس ومبررات الشيطان
تعتبر مبررات النفس أشد فتكا من مبررات الشيطان ، ولكنهما لديهما قدرة كبيرة لإخضاع العقل عن طريق مبررات قادرة على إقناع ذاته بعدم الوقوع في الخطأ ، وأنه لم يقترب أي خطأ ، وأن من حوله هم من يهولون عليه هذا الخطأ ، وعندما يطلب منه الاعتذار ، تجد نفسه تكابر وتمتنع عن ذلك ، ومن هنا يجد الشيطان مساعد له يستطيع حتى النجاح أكثر منه ، فكما قال الله تعالى : إن النفس لأمارة بالسوء . [1]
فالإنسان يقوم بالتبرير لذاته بطرق كثيرة ومتنوعة ، فسواء كانت المعلومات التي يستقبلها عقل الإنسان في صغره خاطئة أم صحيحة فهو يقوم بتخزينها ، وبعد نضوجه فإنه يحاول الاستماع بعد أن يفهم مستخدما عقله الواعي في ذلك ، ولكن أثناء التنفيذ فهو يستخدم عقله الباطن اللاواعي ، فمثل هناك الكثير من المدخنين الذين يتمنون لو توقفوا عن التدخين ، في حين أنهم لا يستطيعون ، حيث أن
العقل الباطن
هنا هو الذي يرفض التوقف التدخين .
اسباب تبرير الأخطاء في علم النفس
الاحساس بالكمال المتناهي
هناك الكثير من الأشخاص الذين لا يشعرون بنقصهم ، في حين يجدون أنفسهم لا ينقصهم شيء ، وأكثر من ذلك إذا أخطأ أحدهم لا يعتذر عما بدر من خطأ .
الطفولة وعشقها
هناك مرحلتين يمر بهما الإنسان في حياته المرحلة الأولى هي سنه الصغير ، حيث يكون كل اعتماده على والديه ، محبا للطفولة وللحياة ، خاليا من أي تحملات للمسؤولية .
أما المرحلة الثانية : فهي مرحلة النضج حين يصل لمرة واحدة من مرحلة
اللامبالاة
، والاعتماد على الغير ، وعدم تحمل المسؤولية إلى مرحلة مختلفة كليا ، وبالتالي يتصرف بشكل طفولي ، وكل ذلك بسبب أخطاء الوالدين حيث لابد عليهما أن يعلمان طفلهما المسؤولية ، والتسامح والاعتذار وقت اقتراف الخطأ .
انفعال الشخص الكبير من الغير
يرجع هذا السبب على الغضب أو التوبيخ أو النقد الذي كان ينصب على الشخص من والديه في
مرحلة الطفولة
في حالة اقترافه خطأ ما ، ولذلك يكون رده دفاعيا كثيرا .
علاج تبرير الاخطاء
- مراقبة الشخص نفسه لتصرفاته دون وعي وبسرعة كبيرة .
- التركيز على إصلاح مختلف الأفكار التي بحاجة للإصلاح، مع العمل على إعادة البرمجة للا وعي أو للعقل الباطن .
- لابد من التأكد من أن معرفة الخطأ والاعتراف به قوة ونصر وليس ضعف أو هزيمة .
- على الشخص أن يكون معترفا بأخطائه أمام الناس وأمام ذاته وقبلهما أمام الله .
- لابد من معرفة أن الاعتراف يقصد به عفو من الله ومغفرة تمحى به الذنوب .
وهناك الكثير من الأخطاء الشخصية للإنسان الذي يجد لها الكثير من المبررات ؛ لتغطية تجاوزه ، أو فشله ، أو عجزه ، أو خطأه ، والسبب في ذلك يرجع لعدم اعتراف الشخص من البداية بارتكاب هذا الخطأ ، ولذلك فلابد عليه أن يدرك أنه في حالة ما إذا كان يقوم بتبرير أخطائه لأحد ، فهو بالتالي يدرب ذاته على الغضب ، أو الانتقام ، أو الكذب ، أو التضليل ، أو انتصار النفس ، أو
الأنانية
أو الغرور .
انماط الأشخاص الذين يبررون أخطائهم
هناك بعض الأشخاص الذين يقومون بتبرير أخطائهم أمام الناس وأمام أنفسهم ، ويرجع السبب في ذلك إلى حاجته لثقة أكبر ، بينما هناك بعض الأشخاص الذين يقومون بتبرير أخطائهم أمام الناس فقط ؛ لحفظ ماء الوجه ، أو السمعة ، أو الكرامة ، ولكنه في قرارة ذاته يكون معترفا بخطئه ، ونلاحظ انتشار التبرير كظاهرة بل وإلصاق الخطأ بأشخاص آخرين أو بظروف الحياة مثل التأخر أو التخلف الذي تعاني المجتمعات منه ، في هروب ضعيف من تحمل المسؤولية ، ومواجهة الفشل ، أو الإخفاق ، وعلى كل ذلك ينبغي التأكيد على ثقافة الاعتذار ، فالإنسان عندما يخطأ وجب عليه أن يعتذر حيث لن يقلل الاعتذار منه شيء ، في حين أن الاعتراف بالخطأ يولد التسامح والعفو بين الأشخاص .
حيث لن يستطيع الإنسان أن يكون ناجحا في حياته ، أو زواجه ، أو عمله من دون أن يكون معترفا بأخطائه ؛ حيث أنه في حالة عدم اعترافه لن يتمن من معرفة أنه قد أخطأ ، وبالتالي لن يتمكن من تصحيح هذا الخطأ ، وسيقوم بفعله لأكثر من مرة ، فمثلا في حالة إقدام السارق على السرقة مبررا فعلته بفقره ، وبوجود أغنياء في المجتمع لا يساعدوه وأنه بسرقته الصغيرة هذه لن يؤثر عليهم ، فيعتبر ذلك مبررا له للإقدام على فعلته لمرات عديدة متخذا بذلك مبررات كثيرة .