فن الاعتراف بالخطأ

جميعنا نعلم مقولة ” لا أحد مثالي ” وبالرغم من معرفتنا أننا لسنا مثاليين ونرتكب الأخطاء بشكل أو بآخر، إلا أننا كثيرا ما نفشل في الاعتراف بالخطأ ، كثير من الناس يتعاملون مع أخطائهم عن طريق محاولة  تبريرها بطريقة أو بأخرى ، وهو ما يجعلهم يعيشون في واقع مشوه حيث لا يخطئون أبدًا ، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى انخفاض القدرة على اتخاذ خيارات جيدة .

محاولة تبرير أخطائك هي أقرب إلى الكذب لأنه سيتضاعف ويسبب مشكلة أكبر ، ولكن هناك طرق لمكافحة هذا السلوك المدمر ، كل ما يتطلبه الأمر هو القليل من الشجاعة والثقة ، ما عليك القيام به هو البدء في اكتشاف أخطائك  فبنفس الطريقة التي يمكن أن يؤدي بها تبرير الخطأ إلى مشكلة أكبر ، فإن اكتشاف الخطأ قد يمنعه من أن يصبح أكبر .

وبدلاً من محاولة إخفاء ونسيان أخطائك ، يمكنك استخدامها لصالحك. يمكنك أن تتعلم من أخطائك بمجرد إقرارك بأنك ارتكبت هذه الأخطاء ،  إذا كنت لا تعترف بأخطائك ، فإنك ستكررها مجددا . [1]

لماذا يصعب عليك الاعتراف بأنك مخطئ

قد يكون من الصعب هضم فكرة ارتكاب الأخطاء ، لذلك في بعض الأحيان نضاعفها  بدلاً من مواجهتها ، ونبحث عن أدلة لإثبات أننا على صواب . [2]

يسمي

علماء النفس

هذا بالـ”التنافر المعرفي” ، وهو الضغط الذي نواجهه عندما نتحمل فكرتين أو معتقدات أو آراء أو مواقف متناقضة ، على سبيل المثال ، قد تعتقد أنك شخص لطيف وعادل ، لذلك عندما تقطع بوقاحة طريق شخص ما بسيارتك ، فإنك تعاني من التنافر ، و للتعامل مع ذلك ، أنت تنكر خطأك وتصر على أن السائق الآخر كان يجب أن يراك ، أو كان لديك الحق في ذلك حتى لو لم تكن قد فعلت ذلك.

ماهو التنافر المعرفي

“التنافر المعرفي هو ما نشعر به عندما يكون مفهوم  الذات لديك مثل ( أنا ذكي ، أنا لطيف ، أنا مقتنع بأن هذا الاعتقاد صحيح ) مهدد بالأدلة على أننا فعلنا شيئًا لم يكن ذكيًا ، وأننا فعلنا شيئًا خطأ ، وهو ما يهدد شعورنا بالذات ، ولتقليل التنافر ، يتعين علينا تعديل مفهوم الذات أو قبول الأدلة التي تشير لأننا مخطئين .

عندما نعتذر عن الخطأ ، علينا أن نتقبل هذا التنافر ، وهذا أمر غير سار ، لكن من ناحية أخرى ، أظهرت الأبحاث العلمية أنه من الجيد التمسك بأسلحتنا ، حيث وجدت إحدى الدراسات  التي نشرت في المجلة الأوروبية لعلم النفس الاجتماعي  أن الأشخاص الذين رفضوا الاعتذار بعد خطأ ما ، كانوا يتمتعون بقدر أكبر من احترام الذات وشعروا بأنهم يتحكمون في أنفسهم وقوة أكبر من أولئك الذين لم يرفضوا .

يقول تايلر أوكيموتو ، مؤلف الدراسة : “بطريقة ما ، تمنح الاعتذارات السلطة لمتلقيها ” ، حيث يمنحه القدرة على  اختيار ما إذا كان يريد تخفيف خزي المعتذر من خلال المغفرة ، أو زيادة عاره من خلال حمل ضغينة ، وقد وجد بحثنا أن الناس يعانون من زيادة قصيرة الأجل في مشاعرهم الخاصة بالقوة والسيطرة الشخصية بعد رفض الاعتذار .

ولكن احذر قد يكون الشعور بالقوة منفعة جذابة على المدى القصير ، ولكن هناك عواقب طويلة المدى ، حيث قال  أوكيموتو إن رفض الاعتذار يمكن أن يعرض للخطر ” الثقة التي تقوم عليها العلاقة ” ، مضيفًا أنه يمكن أن يمدد النزاع ويشجع الغضب أو الانتقام .

عندما ترفض الاعتراف بأخطائك  فأنت أيضًا أقل انفتاحًا على النقد البناء ، كما يقول الخبراء ، والذي يمكن أن يساعد في تقوية المهارات وتصحيح العادات السيئة وتحسين نفسك .

وجدت دراسة أخرى ، من الباحثين في

جامعة ستانفورد

كارول دوك وكارينا شومان ، أن الأشخاص كانوا أكثر عرضة لتحمل مسؤولية أخطائهم عندما اعتقدوا أن لديهم القدرة على تغيير سلوكهم ، حيث يُقال إن هذا أسهل من القيام به ، فكيف يمكنك بالضبط تغيير سلوكك وتعلم كيفية احتضان أخطائك ؟ .

فوائد الاعتذار الصادق

الاعتذار والذي يكون عبارة عن كلمات ندم حقيقي لآخر بسبب إيذائه أو إهانته بطريقة أو بأخرى ، لديه قوة سحرية تقريبًا لإصلاح العلاقات الهائجة ، إذ يبدو أن معظمنا أكثر حكمًا على النية التي يتصرف بها الشخص من نتائج أفعاله ، حتى عندما يتصرف شخص ما تجاهنا بشكل مؤذي ، إذا جاء بعد ذلك مبديا ندمه بصدق  ، وكاد أن ينظر إلى نفسه في وقت سابق كشخص مختلف عن نفسه المؤسف الحالي ، نادراً ما يخفق هذا النوع من الندم في تحريكنا .

كيف نعتذر

الاعتذار عن أشياء ليست خطأك  أسهل بكثير بالنسبة لكثير من الناس من الاعتذار عن أشياء  في الماضي قاومت الاعتراف بها  ، خاصةً بالنسبة للأشخاص الذين كانوا قريبين منهم شخصيًا ، فذلك  يهدد رأييهم بأنفسهم كأشخاص ذوي كفاءة عالية ولا تشوبهم شائبة  ، وهي وجهة نظر عليك  أن تعمل بجد من أجل إبطالها من أجل بناء احترام ذاتي أكثر استقلالية .

من أجل القيام بذلك ، عليك أن تتعلم أن تعترف لنفسك أولاً عندما تكون مخطئًا وأن تسمح لنفسي بأن ترتكب الأخطاء  ، لتذكير نفسك دائمًا بأن التعرض للخطأ لا يمثل عيبًا في الشخصية ، كما يجب أن تتخلص من حاجتك إلى أن تكون على صواب من خلال زيادة اهتمامك بأن تصبح أفضل ، مع الأخذ في الاعتبار أنه إذا رفضت الاعتراف بأنك مخطئ على الإطلاق ، ولم ترى الحاجة إلى التحسين ، فلن يكون لديك أي دافع حقيقي لبذل أية محاولات لتحسين نفسيك ، ومن ثم فإن الأنا الخاصة بك ستكون أكبر عائق أمام سعادتك.

عليك محاولة بذل جهد أكثر وعيًا للتوقف لتسأل نفسك عما إذا كنت سبب الصراع قبل أن تلقي باللوم تلقائيًا على الطرف الآخر ،عليك أن تسـأل نفسك بعد مرور العاصفة لماذا غضبت ؟ لماذا تصرفت بهذا الشكل السئ ، قد تجد في كثير من الأحيان أن غضبك كان ناتج عن ضيقك من مشاعر غضب الطرف الآخر و شعوره بعدم كفاءتك ، وهنا عليك أن تعلم أن عدم كفاءتك هو مشكلتك أنت وليست مشكلة الطرف الآخر .

إن الغضب في هذه المواقف يشعرنا بالسيطرة ، ولكن في الواقع أنت تفقد السيطرة ، وإدراك الأسباب الرئيسية لغضبك وحنقك يعيد إليك السيطرة الفعالة ، حيث يمنحك الفرصة على العمل على تحسين و تطوير ذاتك وإصلاحها .

كيف تتعامل مع الفشل بنجاح

إلى جانب العلاقات الاجتماعية فإن في الحياة العملية التعامل مع

الفشل

هو جزء من كونك قائداً ، فبدلاً من إنفاق طاقة هائلة لتجنب ذلك ، يجب عليك بناء منظمة قادرة على الصمود في وجه الإخفاقات التي لا مفر منها ، فيما يلي ثلاث خطوات يمكنك اتخاذها : [3]

انشاء ثقافة تقاسم الفشل وكذلك النجاح

يجب خلق ثقافة جديدة قائم على إمكانية الاعتراف  عندما يحدث خطأ ما ، وأن تفعل ذلك في وقت مبكر بما فيه الكفاية ، إنشاء هذه الثقافة يجب أن يأتي من الأعلى كقائد ، عليك أن تفكر في الكيفية التي ستمهد بها الطريق أمام الإخفاقات للتقدم . [4]

مكافأة متخذي قرارات المخاطرة

بدون ذلك لن يخاطر أي شخص ذي مغزى – فالناس سوف يتصرفون فقط إذا اعتقدوا أن هناك فرصة كبيرة للنجاح .

تحديد الحدود

حدد كيف تكون المخاطر والإخفاقات مقبولة في مجال عملك سواء لك أو لشركائك في العمل ، وكذلك وضح العواقب إذا خرجت عن تلك الحدود ، هذا الأمر سينشر قدر أكبر من الثقة والأمان من خلال معرفة أن المخاطر والإخفاقات سيتم قبولها .