ما هي النظرية السياقية

يعد Firth من أشهر العلماء الذين اهتموا بالمنهج السياقي الذي يختص بدراسة المعاني، ووضع تأكيد كبير على الوظيفة الاجتماعية للغة، وقد صرح Firth أن المعني لا يتم كشفه إلا عن طريق تنسيق الوحدة اللغوية، أي أن يتم وضعها في أكثر من سياقات مختلفة.

تقسيم السياق اللغوي

لقد أكد الكثير من العلماء على نظرية السياقية، وقد تم تقسيمها في بعض الاقتراحات إلى الأربع اقتراحات التالية:

السياق اللغوي

فيه تتضح دلالة الكلمة التي ترد في النص، ويمكن التمثيل عنها بكلمة (يد) مثلاً التي ترد في العديد من السياقات المتنوعة، مثلاً في قولنا أعطيته مالاً عن ظهر يد، أي تفضلاً مني، (ويد الفأس) يعني مقبضها، (يد الدهر) زمانه.

السياق العاطفي

هو يحدد درجة القوة أو الضعف في الانفعال، مما يقتضي مبالغة أو اعتدالاً أو تأكيداً، فمثلاً كلمة يكره في اللغة العربية تختلف عن يبغض، على الرغم من أنهم يشتركان في أصل معنى كل كلمة فيها إلا أن كل واحدة فيهم تعبر عن نوع من الانفعال.

سياق الموقف

وهو الموقف الخارجي الذي من الممكن أن تقع الكلمة فيه، فمثلاً استعمال كلمة يرحم، عندما يشمت العاطس في قولنا يرحمك الله، حيث أننا هنا بدأنها بالفعل، أما إذا استخدمنا نفس الكلمة في الترحم على الموت في قولنا (الله يرحمه) فقد بدأنا بالاسم، فكل كلمة هنا لها موقف مختلف وسياق مختلف.

السياق الثقافي

يقتضي أن يتم تحديد المحيط الاجتماعي والثقافي والذي يمكن أن يتم استخدام كل كلمة على حسب كل سياق، مثل كلمة (جزر) والتي يكون لها معنى عند المزارعين يختلف عن معناها عن عالم الرياضيات، فكل محيط ثقافي من هذين المحيطين له سياق ومعنى مختلف لنفس الجلمة.

أهمية السياق اللغوي

يقوم السياق في الكثير من الأحيان بتحديد الدلالة المقصود بها الكلمة في جملتها، وقديماً أشار العلماء على أهمية السياق والذي يدعي أحياناً المقام، فقالوا لكل مقام مقال، فالسياق هو ركن أساسي في اللغة المنطوقة وفي علم النحو، حيث اختلف علماء اللغة العربية في العلاقة بين المتكلم وما يريده من معنى، وما يريد المتكلم من إيصاله للمخاطب وما يفهمه من الرسالة والأحوال المحيطة بما يقول من كلام.

الكلمة لا يعد لها أي معنى إذا كانت خارج السياق الخاص بها، ومن هنا تظهر أهمية السياق في اللغة الذي يعني أن الكلام لا معنى له إذا كان خارج السياق الخاص به، والألفاظ التي تنطق لا يكون لها دلالة إذا رجعنا إلى السياق الخاص بها في الجملة، وقد تعرض العديد من العلماء إلى هذه الجزئية وأشهرهم هو سيبويه حيث تعرض إلى هذه القضية في كتاب بعنوان (هذا باب اللفظ للمعاني).

النظرية السياقية

السياقية هو مجموعة من وجهات نظر فلسفية تؤكد أهمية السياق الذي يقع فيه أي قول أو تعبير أو فعل، ومن الممكن أن يتم الجدال في هذا الأمر حيث أنه لا يمكن أن يتم فهم هذا القول أو التعبير أو العمل إلا من خلال السياق الذي حدث فيه أو قيل فيه، وترى بعض وجهات النظر السياقية والنقاش حول بعض المفاهيم الفلسفية التي تسبب بعض الجدل، مثل (معنى س) أو (معرفة ص) أو (السبب لـ ع)، حتى أن الحق والحقيقة لا يمكن أن تفهم أو أن يكون لها معنى سوى في سياق معين محدد، بعض الفلاسفة يرون أن الاعتماد على السياق من الممكن أن يقود إلي النسبية، ولكن في أي حال، فالآراء السياقية في انتشار بين الفلاسفة بشكل متزايد.

ترتبط وجهات النظر الخاصة بالسياقة في جزئية الأخلاق بما يعرف بالأخلاقيات الطرفية أو بالنسبة الأخلاقية، وفي نظريات العمارة مثلاُ فإن السياقية هي نظرية التصميم من حيث معنى ومدلول المباني سواء الحديثة أو القديمة، التي تصنع لتنسجم مع التكوينات المدنية المعتادة على حسب كل مدينة تقليدية.[2]

نظرية السياقية في التعليم

السياقية في التعليم، من أكثر الأشياء التي تساعد المعلمين في توصيل المعلومات إلى الطلاب بطرق مختلفة، حتى يتمكنوا من استخدام آليات مختلفة لإيصال المعلومات للطلاب بطرق مختلفة، وتعد السياقية مفيدة في عملية التعليم خصوصاً في الحالات التي يواجه فيها المعلمون سؤال من الطلاب عن السبب وراء دراستهم لبعض المواد الدراسية أو حفظهم لبعض المعلومات، وغيرها من التحديات التي تواجه الطلبة والمعلمين في كل يوم في المناهج التعليمية والدراسية، فالتعليم السياقي في هذه الحالة يقوم بالمساعدة في معالجة هذه المشاكل بنجاح.

يواجه العديد من الطلاب صعوبة في فهم بعض المفاهيم الأكاديمية كالمفاهيم الرياضية المعقدة نوعاً ما، وخصوصاً عندما يتم تدريسها بشكل أكاديمي تقليدي باستخدام طرق مجردة ومحاضرة، ولكننا الآن في أمس الحاجة إلى التعرف على هذه المفاهيم ومدى صلتها بمكان العمل في المجتمع الأوسع الذي نعيش فيه ونعمل فيه، حتى يتم وضع هذه المفاهيم المختلفة في سياقها ليكون الطلاب ذو قدرة على الربط بين ما يتعلمه من دروس تقليدية وما يتلقاه بنفسه في الخارج.

في هذا الوقت وجد العديد من المعلمين أن معظم الطلاب يستطيعون تحقيق إنجازات ونجاحات مختلفة في الرياضيات، عندما يقوم المعلمون بربط المعلومات بالسياق الخارجي لها، حيث يتحسن العلم واللغة بشكل متزايد عندما يتم مساعدة الطلاب في أن يقوموا بإجراء اتصالات بين المعرفة الجديدة والمعلومات التي يحصلون عليها مع التجارب المكتسبة، أو مع ما تحصلوا عليه من معرفة تم اتقانها بالفعل في الماضي.

إن مشاركة الطلاب بشكل كبير في العملية التعليمية، وتعليمهم السبب وراء دراستهم لهذه المفاهيم، وكيف يمكن أنه يتم استخدام هذه المفاهيم في الحياة العملية خارج الفصول الدراسية، كل تلك العمليات السابقة هي ما يعرف بالتعلم حسب السياق، وهو مفهوم وطريقة في التعلم مثبتة تشتمل أحدث البحوث في العلوم المعرفية، ووفقاً لنظرية التعلم السياقية، فإن التعلم يحدث عندما يقوم الطلاب بمعالجة المعلومات والمعرفة الجديدة التي يحصلون عليها، بشكل يجعل هذه المعلومات منطقية في الإطار المرجعي الخاص بهم في الوقت الحالي أو التي سوف يكتسبونها من العوامل الخارجية والداخلية الخاصة بذاكرتهم والخبرات التي جمعوها و الاستجابات المختلفة التي تعرضوا لها.

فكل عقل يبحث بشكل طبيعي عن كل معنى يحصل عليه لوضعه في سياق معين من خلال البحث عن العلاقات بين المعلومات والخبرات أو بين الكلمات ومعانيها أو حتى بين المعلومات التي يتعلمها مع بعضها البعض، ليقوم بترتيبهم وصنع سياق مفهوم كامل لكل هذه المعلومات والكلمات بمعانيها المختلفة.[1]

السياقية في نظرية فيجوتسكي الاجتماعية

نظرية فيجوتسكي تؤكد أن هناك أهمية ثقافية واجتماعية في تنمية القدرات المعرفية، حيث أن فيجوتسكي أكد أن التفكير له أصل اجتماعي، وأن التفاعلات الاجتماعية تلعب دور كبير وحاسم في تنمية المهارات التفكيرية بشكل عام، حيث أنه لا يمكن أن نفهم التطور المعرفي بشكل تام دون النظر إلى السياقية الاجتماعية والتاريخية التي يتضمنها، والفرد من خلال الثقافة المجتمعية سوف يتمكن من الوصول إلى المعرفة السياقية المتعارف عليها والتي تختلف من مكان إلى أخر.