أكثر حالات الاختفاء غموضًا وغرابة
يحمل التاريخ أسرار وأحداث وحكايات ، منها ما يجعلنا نتوقف أمامها من شدة غرابتها ، حتى إن بعض الأحداث صارت مادة خصبة لنظريات الخيال العلمي والخوارق الكونية ، ومن أكثر الأحداث غموضًا وغرابة هي الاختفاء، والأدق هو الاختفاء دون ترك أي أثر.
أغرب حالات الاختفاء غموضًا بالتاريخ
وفي عام 2006م قدم إيان كروفتون كتاب بعنوان The Disappeared ، يشتمل على أكثر من 35 حالة من حالات الاختفاء الأكثر غموضًا وغرابة على مدار التاريخ ، نذكر منها التالي .
مستعمرة الرونوكي
ترجع تلك القصة الغريبة إلى القرن السادس عشر ، حيث اختفى أكثر من 100 مستعمر من جزيرة رنوك ، المعروفة باسم كارولينا الشمالية حاليًا ، ففي عام 1587م وصل المستعمرون بقيادة الإنجليزي جون وايت ، وهو صديق للسير والتر رالي لتسوية المنطقة، وقد رزق جون وايت بأول حفيد له من ابنته ، ولد في العالم الجديد بعد شهر من وصوله.
وللأسف تدهورت العلاقات بين المستعمرين مع الأمريكيين الأصليين ، مما اضطر جون وايت للعودة إلى إنجلترا للحصول على تعزيزات وإمدادات ، وبسبب الحرب مع إسبانيا ، تأخر جون وايت في العودة للمستعمرة ، مدة ثلاث سنوات ، وعند عودته إلى جزيرة رونوك ، لم يعثر على أي أثر لعائلته أو أي من أفراد المستعمرة.
نظريات واستمرار للبحث
ولم ينجح وايت في الاتصال بالمستعمرين ، ولم يسمع بهم أي شيء ، يعتقد البعض أن المستعمرين اندمجوا في قبائل محلية ، لكن النظرية لم تثبت بعد ، كما عثرت الحفريات الأثرية في جزيرة هاتيراس ، على قطع أثرية أوروبية تعود إلى أواخر القرن السادس عشر ، لكن هذا لا يثبت أن المستعمرين انتقلوا إلى هناك.
وفي عام 2015 قال علماء الآثار أن القطع الأثرية الأوروبية ، التي عثر عليها في الموقع ، قد أقنعتهم بأن بعض مستعمري الرونوك الضائعين ، انتهى بهم الأمر إلى هناك ، لكن على الأرجح أقل من عشرة ، فأين اختفى الباقون ، وفي أواخر 2018 م و2019م ، تم إعادة التخطيط لمزيد من الحفريات ، ولكن يبدو أن أسرار المستعمرة ستبقى غامضة لبعض الوقت في المستقبل.
الطاقم ماري سيليست
في 5 من شهر نوفمبر لعام 1872م ، أبحرت السفينة ماري سيليست من ميناء نيويورك ، متجهة إلى جنوة ، بحوزتها شحنة من الكحول الصناعي ، وبعد مرور شهر من إبحارها ، شوهدت السفينة تنجرف على بعد 400 ميل ، شرق جزر الأزور.
وقد رصدها ديفيد مورهاوس قائد سفينة أخرى، حيث لاحظ شيئًا غريبًا عن الطريقة التي كانت تبحر بها السفينة ، مما دفعه لإرسال زميل له بحافلة صغيرة للتحقق من الأمر ، فكانت المفاجأة حين وجد السفينة ماري سيليست تحت الإبحار الكامل ، ولكن دون أن يكون على متنها أي فرد.
لغز الاختفاء والبحث
وبالصعود إليها اكتشف عدم وجود أثر لأي صراع دار على متن السفينة ، إضافة لوجود إمدادات الغذاء والماء لمدة ستة أشهر بين الإمدادات، وجميع البراميل الكحول الصناعي موجودة على متنها بعدد 1701 برميل، كما لوحظ اختفاء قارب النجاة من السفينة ، وكذلك معظم أوراق السفينة ، والعديد من الأدوات الملاحية ، وعثر أيضًا على فتحتين بهما 3 أقدام من الماء في طرف الصعود ، إضافة لأن السفينة في حالة صالحة للإبحار ، كما أن آخر إدخال في سجل قائد الفريق ، تم قبل 10 أيام.
أبحر زميل ديفيد مورهاوس بالسفينة ماري سيليست إلى جبل طارق ، وتم منحه فيما بعد جائزة إنقاذ منخفضة نسبيًا ، ربما بسبب الشكوك المستمرة حول تورطه في اختفاء الطاقم ، لكن لم يظهر أي دليل إدانة ضده ، واعتقد العديد من المحققين أن الطاقم ترك السفينة عن عمد ، فقارب النجاة قد تم فصله عن قصد ، ولم تمزقه الأمواج.
وذكرت نظريات أخرى أن اختفاء الطاقم بسبب القرصنة ، أو الأشباح ، أو الحبار العملاق ، في حين تركزت النظريات الحديثة حول مضخة السفينة المعطلة، وبغض النظر عن الحقيقة ، استمر الغموض حول اختفاء الطاقم ، وأصبحت مادة خصبة للأعمال الأدبية والسينمائية.
هاري هولت
في 17 ديسمبر عام 1967م ، ذهب هارولد هولت رئيس وزراء أستراليا آنذاك ، للسباحة على شاطئ شيفوت بالقرب من بورتسي بملبورن ولم يعد مطلقًا ، وقد شنت السلطات واحدة من أكبر عمليات البحث والإنقاذ ، التي شهدها التاريخ على الإطلاق ، لكنها لم تعثر على أي دليل على جثته.
نظريات حول الاختفاء الغامض
ومن المعروف أن شاطئ شيفوت مليء بالمد والجزر، وبالرغم من ذلك بسبب افتقاد الجثة ، تم إثارة نظريات المؤامرة لعدة عقود ، ويقول البعض إن هولت كان مكتئبًا في ذلك الوقت فربما قام بالانتحار ، ويقول آخرون إنه قُتل بسبب دعمه لحرب فيتنام ، أو اختطفته غواصة صينية أو سوفيتية.