قصة ناقلة مرض التيفوئيد

العدوى المرضية هي من أكثر الأعداء التي تهاجم البشر ؛ حيث أنه هناك العديد من الأمراض التي يمكن أن تنتقل بين البشر بسهولة نتيجة للعدوى من شخص مصاب بالمرض ، ويحدث ذلك بسبب عدة عوامل من أهمها الاختلاط أو استخدام نفس أدوات المريض الخاصة ، وهذا لا يبدو أمرًا غريبًا ، ولكن ما يثير الدهشة حقًا هو نشر المرض بين العديد من الأفراد دون أن تظهر أعراضه على المريض الأصلي حامل المرض ، وهو بالضبط ما حدث في قصة المرأة التي نشرت مرض التيفوئيد بين الكثيرين دون أن ينتبه أحد.

ناقلة مرض التيفوئيد

مرض التيفوئيد هو عبارة عن حمى شديدة تصيب الإنسان بالعديد من الأعراض المؤلمة مثل الغثيان أو الإسهال أو الصداع ، وقد يؤدي هذا المرض إلى مضاعفات شديدة ، وأحيانًا قد يصل الأمر إلى حد الوفاة ، وقد كانت قصة ناقلة هذا المريض غريبة للغاية ، فمن هي هذه المرأة ؟ ، وما قصتها؟ :

من هي ناقلة مرض التيفوئيد

هي ماري مالون Mary Mallon المولودة في أيرلندا عام 1869م ، ولقد هاجرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية خلال عام 1883م ، وكان الطهي والخدمة في المنازل هو عملها الرئيسي ؛ حيث كانت تمارس عملها في مدينة نيويورك عند بعض الأسر الغنية ، وقد حملت بكتريا مرض السالمونيلا التيفية في إحدى مراحل عمرها غير المحددة ، ولكن كانت لديها مناعة ضد ظهور الأعراض الخاصة بالمرض.

انتشار مرض التيفوئيد عن طريق ماري مالون

لقد ساهمت ماري في انتشار مرض التيفوئيد ما بين عامي 1900م وحتى 1907م ؛ حيث نقلت العدوى إلى أكثر من عشرين شخص داخل المنازل التي كانت تعمل بها ؛ حيث أن أعراض المرض اللعين كانت تظهر عليهم خلال فترة وجيزة من دخول ماري المنزل للبدء في عملها ، ولكنها كانت ترحل دون أن يعرف أحد مكانها ، وكان هذا المرض يُعتبر من الأكثر الأمراض المدمرة خلال القرن العشرين ، كما ان انتشاره كان سريعًا جدًا ، وخاصةً بين أفراد الأسرة الواحدة التي لا تدرك إصابة أحدهم خلال الأسبوع الأول ، وهو ما يساهم في نشر المرض خلال هذا الأسبوع حتى تبدأ الأعراض الشديدة في الظهور.

اكتشاف ناقلة مرض التيفوئيد

بدأ مهندس الصحة جورج سوبر يشك في أمر ماري التي كانت موجودة في كل المنازل التي خرج منها المرضى ، ولذلك قام باستدعائها عام 1907م  حينما كانت تعمل عند أحد المصابين للتحقيق حول تفشي المرض ، وقد عُرفت ماري فيما بعد باسم ماري التيفويد بعد التأكد من أنها التي نشرت هذا المرض بين أفراد الأسر التي كانت تعمل لديهم ، وقد حاولت ماري الهروب غير أنها لم تتمكن من ذلك ؛ حيث قامت السلطات بالقبض عليها ، ثم عزلتها في جزيرة نورث براذر داخل الحجر الصحي ، ثم أُفرج عنها عام 1910م ولكن شريطة ألا تعود للعمل مرةً أخرى حتى لا تؤذي أحد.

لم تبتعد ماري عن ضرر الآخرين ؛ حيث أنها استخدمت اسمًا مستعارًا ، ثم عادت للعمل مرةً أخرى دون أن يعرفها أحد ، حتى بدأ اندلاع المرض وانتشاره من جديد ، وهو ما جعل التحقيقات تُفتح مرةً أخرى حتى تم التوصل إلى ماري التي تم القبض عليها عام 1914م ، وقد تم إرسالها إلى الجزيرة للانعزال في الحجر الصحي عن العالم مرةً أخرى ، وكانت ماري رافضة لفكرة أنها ناقلة المرض ، ولكنها ماتت في نهاية المطاف نتيجة لمضاعفات مرتبطة بالسكتة الدماغية الشوكية عام 1938م.