الفرق بين علم اللغة وفقه اللغة
كرم الله العرب بالعديد من المميزات، فقد جعل منهم رسول هذه الأمة ونبيها، وأنزل القرآن الكريم بلغة العرب وهي اللغة العربية، وجعل اللغة العربية الفصيحة السهلة والممتعة أداة للتواصل والتعرف بين أغلب المسلمين، ومن ناحية أخرى فهي نظام متكامل من الفقرات والكلمات والجمل التي ترتبط فيما بينها بعلم النحو والدلالة والصرف والصوت، وهي تهدف إلى إيصال المعلومات بشكل مبسط وتستطيع من خلالها أن توضح المعاني المبهمة بغرض فهمها بطريقة سليمة وصحيحة.
تعريف فقه اللغة وعلم اللغة
يعد فقه اللغة علم يبحث في المفردات والمعجمات من حيث الأصالة والسمات والمعاني واشتقاقها ومرادفها إضافةً إلى اللهجات وفكرة القياس، ووظيفة اللغة والتعليل والسماع.
أما علم اللغة فهو العلم الذي يبحث في المدلولات اللغوية لمفردات الكلمات، والهيئة الجزئية والتي وضعت مدلولاتها بوضع الشخصي، وآلية تركيب الجوهر بالإضافة إلى هيئته من حيث الدلالة والوضعية لكل معاني اللغة الجزئية.
يهدف هذا العلم إلي عدم الوقوع في الخطأ أثناء عملية فهم المعاني، بالإضافة إلى الوقوف إلى الكلمات العربية المفهومة، حيث يتم الاستفادة منه في الإحاطة بطلاقة بالجمل والعبارات وجزالتها وكل المعلومات حولها، حتى نتمكن من التفنن في الكلام، ونتمكن من توضيح وإيصال المعاني وبصورتها البليغة والفصيحة.
الفرق بين فقه اللغة وعلم اللغة
للأسف هناك الكثير من اللغط في الفهم والتمييز بين علم اللغة وفقه اللغة، ولكن الدروس والبحوث اللغوية الحديثة قد أظهرت الكثير من الفروق بينهم وبشكل واضح، وهي:
-هناك اختلاف في منهجية علم اللغة أو علم الكلام عن فقه اللغة، ففقه اللغة مختص بدراسة اللغة بهدف دراسة الأدب والحضارة المتعلقين بهذه اللغة، وهنا لابد أن نفرق بين المصطلحين هما علم اللغة وفقه اللغة، حتى نتمكن من التفرقة بين دراسة اللغة لأنها وسيلة لغاية أخرى، أو أن ندرس اللغة لأنها هي الغاية في حد ذاتها، حيث يقول الباحث دي سوسير، إن علم اللغة الصحيح والوحيد هو اللغة في حد ذاتها ومن أجل ذاتها.
-تعد ميادين دراسة فقه اللغة أوسع وأشمل، وغايتها في النهاية هي الوصول إلى دراسة الحضارة والأدب المتعلق باللغة، والبحث في الحياة العقلية بكل وجوهها ومن كل جوانبها، ولهذا فقد قام فقهاء اللغة بالاهتمام بشدة بتقسيم اللغات المختلفة ووضع مقارنات بينهم، بالإضافة إلى السعي لشرح الكثير من النصوص القديمة وصياغتها حتى نتعرف على ما تحتويه هذه اللغة من مضامين حضارية ولغوية من كل الجوانب، وهنا يتبين أن فقه اللغة هو عبارة عن مساحة شاسعة التمدد بين علم اللغة من جانب وكافة الدراسات الأدبية والإنسانية من جانب آخر.
أما علم اللغة فهو يُركز على اللغة نفسها وتركيباتها، وتحليلها ووصفها باعتبار أنها هي ميدانه الرئيسي، وعندما يعالج علماء اللغة معاني اللغة فهم يتوسعون في ميدانهم فقط ولا يقتربون كثيراً من مجال فقه اللغة.
-يعد اصطلاح فقه اللغة من الناحية الزمانية أقدم من علم اللغة، ولكن علم اللغة أتى لكي يُوضح التركيز اللغوي، وهنا يأتي واحد من أهم الفوارق الأساسية بين المصطلحين، حيث أن فقه اللغة مقارن، ولكن علم اللغة فهو علم تركيبي شكلي، أي أنه يركز على اللغة من ناحية التركيب والشكل فقط، ولا يعنيه أي مجال أخر من مجالات اللغة وما يدور حولها.
-وصف علم اللغة منذ اللحظة التي نشأ فيها على أنه علم وفق المفهوم الدقيق لعلم اللغة، فمعظم العلماء قد شددوا على هذا الجانب اللغوي، ولكن لم يتم وصف فقه اللغة إلى الآن على كونه علم على عكس علم اللغة.
-إذا نظرنا إلي عمل علماء اللغة نجده عمل وصفي تقريري، وعلى العكس فإن فقهاء اللغة عملهم هو عمل تاريخي مقارن في أغلبه.