العلاقة بين النسيان والساعة البيولوجية

على الرغم أن الكثير من الأشخاص موقنين أن النسيان من أكبر نعم الله تعالى على عباده في الكثير من الأحيان ، إلا أن البعض الآخر يكون له رأي آخر وخصوصًا عندما يتعلق الأمر بنسيان المعلومات في حالة الطلاب ونسيان مهام العمل في حالة العاملين ، وهو يُمثل مشكلة كبيرة أيضًا عندما يتحول النسيان إلى حالة مرضية قد تتطور إلى الزهايمر ، ولذلك عكف العلماء على دراسة أهم أسباب التي تؤدي إلى ضعف الذاكرة والنسيان .

أسباب النسيان

النسيان يُعتي وجود ضعف جزئي أو كلي في ذاكرة الإنسان بحيث يجد صعوبة في تذكر ما عايشه من وقائع وأحداث وما قرأه من معلومات ، وهناك بعض الأسباب المرضية للنسيان وأسباب تكون غير مرضية أو قد ترجع إلى أسباب نفسية ، ومن أهم أسباب النسيان التي قد حددها العلماء ؛ ما يلي :

-الإكثار من تناول بعض أنواع العقاقير العلاجية بشكل دائم وصفة مستمرة ، مثل الأدوية المضادة للاكتئاب والمستخدمة لعلاج سلس البول ، والأدوية الخاصة بعلاج الحموضة والحساسية مثل مضادات الهيستامين .

-الشعور الدائم بالاكتئاب والألم النفسي والحزن والقلق والتوتر وعدم الاستمتاع بأي أنشطة في الحياة من أهم الأسباب التي تؤدي دائمًا إلى تشتت التركيز وفقدان القدرة على التفكير والنسيان .

-من المعروف أن تناول المشروبات الكحولية من أهم الأسباب التي تترك عدد كبير جدًا من التأثيرات السلبية على الصحة ؛ ومن ضمنها تشتت التفكير والتركيز والنسيان .

-كما أن اضطراب النوم والإصابة بالأرق وعدم القدرة على الحصول على عدد كافي من ساعات النوم يوميًا من أهم أسباب النسيان .

-قد يؤدي نقص بعض المركبات الغذائية في الجسم إلى النسيان مثل نقص فيتامين ب12 والخضوع إلى التخدير والتعرض إلى صدمات الرأس أو نقص الأكسجين الواصل إلى المخ كل هذه العوامل تؤدي إلى ضعف الذاكرة والنسيان .

-كما قد يؤدي ارتفاع مستوى الكالسيوم أو انخفاض مستوى الجلوكوز في الدم أو الإصابة بأورام المخ والصداع النصفي والأمراض العصبية إلى النسيان بشكل دائم ومتكرر .

الساعة البيولوجية

الساعة البيولوجية هي عبارة عن ساعة ذاتية داخلية لدى كل إنسان وهي المسؤولة عن تنظيم ساعات النوم لديه ، بما في ذلك تنظيم إفراز الهرمونات المسؤولة عن النوم والصحيان على مدار اليوم ، فضلًا عن دورها في ضبط درجة حرارة جسم الإنسان أيضًا ، وتتأثر الساعة البيولوجية بالعديد من المؤثرات الخارجية والعمليات الحيوية بالجسم .

ويُمكن ملاحظة تأثر الساعة البيولوجية لدى بعض الأشخاص مع تغير الفصول والمواسم لأن الساعة البيولوجية تبدأ في إعداد نظام يومي جديد ومختلف عن المعتاد ؛ ويمكن ملاحظة ذلك من خلال الشعور بالاكتئاب والقلق والتوتر وفقدان الدافع للقيام بأي نشاط والصداع ولا سيما مع دخول فصل الشتاء ، وعند الانتقال إلى التوقيت الصيفي أيضًا .


اختلاف درجات النسيان على مدار اليوم

هل تعلم أن معدل النسيان قد يزيد ويقل ويختلف على مدار اليوم لدى كل إنسان ؛ حيث أنه من خلال دراسة أجريت على الفئران في جامعة طوكيو في اليابان ونشرت في التاسع عشر من شهر ديسمبر الجاري ؛ أشارت إلى أنه يوجد جين لدى تلك الفئران هو المسؤول والمسيطر على معدل استعادة الذاكرة في أوقات مختلفة على مدار اليوم ، وقد أظهرت الدراسة أيضًا أن الفئران تكون أكثر نسيانًا قبل الاستيقاظ مباشرةً .

وأشار العلماء الذين قد أجروا هذه الدراسة إلى أن هذا الجين يحمل اسم BMAL1 ، وعندما تنخفض نسبة هذا الجين ؛ تكون الفئران أقل قدرة على التذكر ، كما قد تثبت العلماء أيضًا أن الساعة البيولوجية المنضبطة تلعب دورًا هامًا في ضبط عدد ساعات النوم أثناء الليل إلى جانب أنها تُساعد أيضًا على استعادة الذاكرة بشكل طبيعي .

وقد أشار العلماء أصحاب هذه الدراسة إلى أن هذا الجين موجود في أحد أجزاء المخ المعروف باسم الحُصين hippocampus واكتشفوا دوره أيضًا في تنشيط مستقبلات الدوبامين وتحسين معدل إفراز بعض المواد الكيميائية العصبية أيضًا في المخ .

وتتلخص فوائد النتائج التي حصل عليها العلماء جراء هذه الدراسة ؛ أن اكتشاف جين BMAL1 قد يفتح الطريق أمام إنتاج العديد من الأدوية العلاجية التي تُساعد على علاج بعض الأمراض المتعلقة بالذاكرة مثل الزهايمر والخرف وغيرهم .