الفرق بين المقامة والقصة
يعد الأدب بجميع أنواعه من أرقى الأساليب التي تعبر عن المشاعر الإنسانية التي تجول في خاطر الكاتب، فهو يقوم بالتعبير عن كل الأفكار والخواطر والآراء والخبرات الإنسانية في حياته من خلال الكتابة بكل أنواعها وأشكالها، سواء النثرية أو الشعرية، ومن أشهر أنواع الأدب هو القصة والمقامة التي تشبه القصة بعض الشيء ولكن مع وجود اختلافات بينهم.
تعريف المقامة
هو من أهم الفنون في الأدب العربي، وتهتم المقامة بنقل قصة معينة عن شيء ما، وتعرف على أنها نص نثري يجمع ما بين الشعر والكتابة النثرية، تشبه إلى حد ما القصة القصيرة، من حيث أسلوب الصياغة و
بنية المقامة
، ولكن تختلف في أنها تتميز ببلاغة لغوية شديدة في الجمل التي يتم استخدامها والمفردات التي يتم استخدامها، وغالباً ما ترتبط بالقصص الخيالية التي ينسخها الكاتب من وحي خياله.
يعد فن المقامة من أقدم الفنون العربية القديمة، والتي كان يتم استخدامها في المجالس الأدبية، وكانت تهتم برواية النوادر والقصص الفكاهية، وكانت تحتوي نصوصها على الكثير من الفوائد اللغوية والكثير من الجماليات الأدبية والأبيات الشعرية الغريبة والأمثال، مما ساهم على انتشارها بين جموع الناس، واهتمامهم بمتابعتها حتى يدركوا الفوائد المرتبطة بنص المقامة.
تذهب بعض الآراء والدراسات التاريخية إلى أن فن المقامات نشأته في الأدب العربي تعود إلي أبي أحمد بن فارس وأبي بكر بن دريد، وهم من أثنين من الأدباء العرب القدماء، ولكن لم يصل إلينا الكثير من المقامات التي ألفوها، أما عن انتشار المقامات بهذا الشكل الكبير في الأدب العربي فهو مرتبط بالأدب العربي المشهور بديع الزمان الهمذاني، وهو الذي كتب وألف العديد من المقامات المعروفة، والتي مازالت معروفة إلى الآن.
تعريف القصة
هي فن أدبي وعالمي قديم للغاية، قد وجد عند العديد من الشعوب والأمم قبل وبعد الإسلام، وخصوصاً في الحضارات الرومانية والفارسية، ولقد احتوى القرآن الكريم على العديد من القصص التي كان يقص الله فيها تاريخ الأمم السابقين، فسبحانه وتعالى صاغ هذه القصص حتى يخاطب العرب بالطريقة القصصية الملائمة لهم ولفهمهم وطبائعهم وميولهم التي تعتمد على حب الاستماع إلى القصص والأخبار التاريخية، والحكاية المختلفة في مجالس السهر والسمر.
تميزت القصص العربية فيما قبل الإسلام بواقعيتها وتميزت بخلوها من المبالغة والخيال في السرد إلا في القصص التي تتناول الأساطير، ومن المظاهر التي تبين اهتمام العرب بالقصص، حرصهم على أن يجمعوا القصص ويروون أخبارهم التاريخية والحكايات المتعلقة بالحوادث الهامة التي تحدث بين فترة وأخرى وحكاياتهم عن حروبهم وأبطالهم وغيرها من حكايات التفاخر.
للقصة نوعان، منها الخيالي ومنها الحقيقي، القصة الخيالية هي التي تكون الشخصيات فيها منسوجة من خيال الكاتب، وليس لها وجود في الأساس، ومن الممكن أن تكون القصة من النوع الرومنسي الذي يصور فيها الكاتب الفرسان أو أبطال القصة بشكل جمالي يتصف بالعلاقات السامية والأخلاق النبيلة.
القصص قد تكون اجتماعية أن يتحدث الكاتب فيها عن القضايا المختلفة في المجتمع، وهناك أيضاً قصص الخيال العلمي التي ليس لها علاقة بهذا الواقع بالأساس، فهي تحكي عن قصة في عالم خيالي بحت، ومن القصص أيضاً ما تتناول معلومات مكانية أو زمانية حقيقية وأحداث واقعية، يمثلها أشخاص واقعيون، مثل سير الحكام والملوك وقصص التراث القديم والقصص التاريخية.
الغاية من القصة هو تحقيق الفائدة عن طريق طرح المشاكل التي تواجه المجتمع ومقترحات لحل هذه المشاكل، ومن الممكن أن تكشف القصة عن أمور دقيقة يهتم القارئ بها ولكن لا يستطيع أن يفسرها، وتحقق القصة المتعة للمستمع أو للقارئ من خلال الطريقة التي يتم بناؤها بها وتسلسل أحداثها، والإبداع في سرد أحداث القصة ورسم شخصياتها.