وقفات تربوية من سورة يس
لقد نزل القرآن الكريم بجملة رسائل وعظات من الله عزّ وجل لجميع البشرية ، وذلك من أجل أن يتحقق الإيمان الكامل في نفوس البشر ، وكانت سورة يس من بين سور القرآن التي لها مكانة خاصة في نفوس المسلمين ؛ حيث أن
فضل سورة يس
عظيم لما تحمله من رسائل تربوية وأخلاقية مميزة ، وقد عُرفت يس بأنها قلب القرآن الكريم ، وورد في فضلها عدة أحاديث شريفة ، ولكن أهل العلم ذكروا بأنها ضعيفة.
سورة يس
هي السورة الحادية والأربعون في ترتيب نزول القرآن الكريم ، بينما أخذت الترتيب السادس والثلاثين في المصحف الشريف ، وهي سورة مكية بلغ عدد آياتها ثلاث وثمانون آية ، وقد أخذت هذا الاسم نتيجة لمسمى الحرفين الواقعين في أولها ؛ حيث يقول الله تعالى ؛
بسم الله الرحمن الرحيم
“يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ” ، وذلك لأنها انفردت بهذا الاسم ، وقد تضمنت هذه السورة الكريمة تقرير الأصول الثلاثة وهم الوحدانية والرسالة والحشر.
وقفات تربوية من سورة يس
لقد جاءت سورة يس بالعديد من المقاصد التعليمية والتربوية التي يجب أن يتأملها الإنسان كي يصل إلى حقيقة الحياة الدنيا والآخرة ، ومن الوقفات التربوية بها :
تهذيب النفس وخضوعها لله تعالى من خلال تحدي الإعجاز القرآني بالحروف المقطعة ، ومن خلال القسم بالقرآن في إشارة إلى بلوغه من الحكمة أعلى الدرجات ، وفي ذلك قال الله تعالى “يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ(2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ”
بناء الأسس العقيدية داخل النفوس البشرية ؛ حيث تعرضت إلى طبيعة الوحي والرسالة النبوية الصادقة ، كما أولت اهتمام بقضية الوحدانية ، وقد قال الله تعالى ” إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ”
إقرار حقيقة الموت والبعث التي تدعو إلى عودة النفوس إلى الله تعالى ؛ حيث يقول المولى عزّ وجل “إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ”
ضرب المثل بالفريقين المتعارضين ؛ حيث النجاة لفريق الدعوة إلى الله تعالى والهلاك لمن ضل الطريق ، وهو المثل الوارد في قصة أهل القرية التي كفرت وكذبت بالرسل المرسلة ، ومما ورد في ذلك قوله تعالى “وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (14)”
تأكيد مبدأ الإيمان والوقوف مع الحق وحب الخير للآخرين في كل الأحوال ؛ حيث أن ذلك من أول الأسباب التي يكون فيها الجزاء الأعظم هو دخول الجنة ، وقد جاء ذلك في قصة الرجل الذي آمن بالرسل ؛ فدعا قومه للإيمان ولكنهم قتلوه ؛ فنال خير الجزاء ، ويقول الله تعالى في ذلك ” إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (25) قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (26) بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ “
بيان دلالة النعم والآيات التي ينفرد بها الخالق سبحانه وتعالى من خلال توضيح جملة من آيات الكون ، وذلك من أجل إيقاظ النفوس من الغفلة وتربيتها بأسلوب يعتمد على التدبر والاعتبار ، ومما ورد في ذلك قوله تعالى “وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ”
تربية النفوس على خشية الله تعالى والإيمان به وتأكيد مبدأ أن الجزاء من جنس العمل ؛ حيث يقول الله تعالى ” فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ”
تذكير العباد بأن الله هو القادر على كل شيء ؛ كي يستعيدوا أنفسهم بالعودة إلى الله ، وفي ذلك قال الله تعالى “أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ “.