القيم المستفاده من سورة الروم

ربما تتساءل عند قراءة سورة الروم في القرآن الكريم حول

من هم الروم

، تقول بعض كتب التاريخ أن الروم سلالة بشرية يطلق عليهم بنو الأصفر، وهم من نسل العيص بن إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام، والذين يتسمون ببياض البشرة واتباعهم لدين النصرانية أو المسيحية، وكلمة الروم أطلقت تاريخيا على الإمبراطورية الرومانية الشرقية أو البيزنطية، والتي كانت تتخذ من القسطنطينية عاصمة لها .

سورة الروم

يقول الله سبحانه وتعالى في بداية سورة الروم

بسم الله الرحمن الرحيم

: ” الٓمٓ (١) غُلِبَتِ ٱلرُّومُ (٢) فِىٓ أَدۡنَى ٱلۡأَرۡضِ وَهُم مِّنۢ بَعۡدِ غَلَبِهِمۡ سَيَغۡلِبُونَ (٣) فِى بِضۡعِ سِنِينَ‌ۗ لِلَّهِ ٱلۡأَمۡرُ مِن قَبۡلُ وَمِنۢ بَعۡدُ‌ۚ وَيَوۡمَٮِٕذٍ يَفۡرَحُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ (٤) بِنَصۡرِ ٱللَّهِ‌ۚ يَنصُرُ مَن يَشَآءُ‌ۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ (٥) وَعۡدَ ٱللَّهِ‌ۖ لَا يُخۡلِفُ ٱللَّهُ وَعۡدَهُ وَلَـٰكِنَّ أَڪۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ (٦) يَعۡلَمُونَ ظَـٰهِرًا مِّنَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُمۡ عَنِ ٱلۡأَخِرَةِ هُمۡ غَـٰفِلُونَ (٧) أَوَلَمۡ يَتَفَكَّرُواْ فِىٓ أَنفُسِہِم‌ۗ مَّا خَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَہُمَآ إِلَّا بِٱلۡحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ ٱلنَّاسِ بِلِقَآىِٕ رَبِّهِمۡ لَكَـٰفِرُونَ (٨) أَوَلَمۡ يَسِيرُواْ فِى ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ‌ۚ ڪَانُوٓاْ أَشَدَّ مِنۡہُمۡ قُوَّةً وَأَثَارُواْ ٱلۡأَرۡضَ وَعَمَرُوهَآ أَڪۡثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَآءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَـٰتِ‌ۖ فَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظۡلِمَهُمۡ وَلَـٰكِن كَانُوٓاْ أَنفُسَہُمۡ يَظۡلِمُونَ (٩) ثُمَّ كَانَ عَـٰقِبَةَ ٱلَّذِينَ أَسَـٰٓـُٔواْ ٱلسُّوٓأَىٰٓ أَن ڪَذَّبُواْ بِـَٔايَـٰتِ ٱللَّهِ وَكَانُواْ بِہَا يَسۡتَهۡزِءُونَ (١٠) ” .

ما هي القيم المستخلصة من سورة الروم

1- يعد سبب نزول سورة الروم هو ما روي عن الترمذي وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه لما تحارب الفرس والروم وغلبت الفرس الروم، فرح المشركين من أهل مكة بغلب الفرس، لأن الفرس كانوا من المشركين بينما الروم من أهل الكتاب، وبالتالي كان الفرس حالهم شبيه بحال قريش، وكان عرب العراق والحجاز من أنصار الفرس، بينما عرب الشام من أنصار الروم، فتطاولت قريش بسبب هذا على المسلمين، لذا أنزل الله سبحانه وتعالى سورة الروم لكي يوضح أن الروم سوف ينتصرون فيما بعد، لكي يبطل تطاول قريش على المسلمين، فكانت الآيات الأولى من سورة الروم كما جاءت وقرأها أبو بكر الصديق رضي الله عنه في كل نواحي مكة : ” الم * غلبت الروم * في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون * في بضع سنين “، وقد راهن أبو بكر الصديق رضي الله عنه المشركين على هذا .

2- الهدف الرئيسي من السورة هو كشف الرابط الوثيق بين أحداث الحياة والناس المتقلبة، وتوضيح ماضي البشرية وحاضرها بل ومستقبلها أيضا، وسنن الكون في تعاقب النصر والهزيمة، وأن كل شيء غير باقي على حاله، وأن التغيير سنة من سنن الكون، وأن الأمر كله بيد الله عز وجل حيث يقول الله تعالى في سورة الروم : ” لله الأمر من قبل ومن بعد ” الروم : 4 .

3- تجعلنا السورة نفكر في أسباب نهوض الأمم وأسباب انحدارها، وهذا ما لم يفعله المشركون ولم يتفكروا فيه .

4- تجعلنا السورة نتفكر في الحياة الأخرى الباقية ولا نتعلق فقط بالحياة الدنيا الزائلة .

5- تجعلنا السورة نتفكر في وحدانية الله سبحانه وتعالى، والربط بين سنة الله عز وجل في نصر المؤمنين والحق الذي قامت عليه السماء والأرض .

6- السورة أيضا تدل على أن دعوة الإسلام مرتبطة بأوضاع العالم كله، وأنها ليست مرتبطة فقط بهذه الأرض، لكنها مرتبطة بفطرة الكون كله ونواميسه الكبيرة .

7- تدعونا الآية إلى التمسك بدين الإسلام، لأنه هو الدين الصحيح القويم، وأن الله لن يقبل غير الإسلام دينا، لأن الإسلام هو الدين الذي فطر الله الناس عليه .

8- أيضا تجعلنا هذه السورة نتفكر في إحياء الأموات، لأن الله سبحانه وتعالى ضرب أمثالا فيها لإحياء الموتى بعد انتهاء الحياة وزوالها، وإحياء الأمم من بعد الخسارة واليأس، وتحقيق القوة من بعد الضعف والضعف من بعد القوة، وهذا يبين قدرة الله سبحانه وتعالى وأنه لا يعجزه شيء سبحانه وهو مالك كل شيء .

9- تكشف لنا سورة الروم ما عليه الناس من طبيعة متقلبة لا يمكن أن تقام عليها الحياة، إلا إذا ارتبط الناس بمعايير ثابتة وتخلصوا من الأهواء المتقلبة، وإيمانهم برزق الله الذي يمنعه ويبسطه كيف يشاء، ورحمه الله وعقابه التي يجب أن يؤمنوا بها .

10- تربط هذه السورة بالفساد الذي ظهر في البر والبحر، وتوضح أن هذا يكون من عمل الناس، الذين عليهم أن ينظروا قليلا في عواقب أفعالهم .

11- تثبت سورة الروم البعث يوم القيامة، وأن هذا حق غير مشكوك فيه، ولا يشك فيه إلا كل جاهل جاحد .

12- هذه السورة تحث على الصبر، حيث أنها حثت الرسول صلى الله عليه وسلم على الصبر على نشر الدعوة، وإلى الاطمئنان لوعد الله سبحانه وتعالى .