خريطة دولة الغساسنة
لقد تكونت بعض الدول والحضارات القديمة نتيجة لهجرة الأقوام إلى أماكن معينة ؛ حيث قد تمكنوا من تأسيس تاريخ خاص بهم ، ليصبحوا جزءًا من هذا العالم الكبير الذي يحوي العديد من الدول والبلدان على
خريطة العالم
، وقد كانت دولة الغساسنة من هذه الدول التي تكونت حينما هاجر مجموعة من الناس إلى بلاد الشام ؛ حيث تمكنوا من إثبات وجودهم وتوسيع رقعة مملكتهم في حدود البلاد ، لتصبح لهم خريطة تختص بحدود دولتهم آنذاك.
من هم الغساسنة
الغساسنة هم مجموعة من الناس يعود نسبهم إلى قبائل الأزد ، وقد هاجرت هذه القبائل من بلاد اليمن في القرن الثالث الميلادي إلى بلاد الحجاز ، لينتقلوا فيما بعد إلى جنوب بلاد الشام ، وقد كانت اقامتهم عند نبع ماء يُعرف باسم غسّان قبل استقرارهم في سوريا ، ولذلك أُطلق عليهم اسم الغساسنة ، كما أنهم عُرفوا بأسماء أخرى مثل قبيلة آل جفنة أو أولاد جفنة ، وكان ذلك الاسم نسبةً إلى أول ملوكهم وهو جفنة بن عمرو ، ولقد اعتنقوا الديانة النصرانية اتباعًا للمذهب اليعقوبي.
خريطة مملكة الغساسنة
هاجر الغساسنة إلى بلاد الشام ، وقد واصلو هجرتهم إليها حتى وصلوا إلى أراضيها الجنوبية والمعروفة اليوم باسم الأردن ، وكان بها قومًا أُطلق عليهم اسم الضجاعمة قد ولاهم الروم هناك ؛ حيث كانوا يمتلكون أراضي ذات مساحات واسعة وممتدة في بلاد الشام ؛ حيث فرضوا سيطرتهم على المناطق الواقعة بين جبل الشيخ والجبال الفلسطينية ، ومنطقة الغور وهي الفاصل بين الأردن وفلسطين ، والعقبة ، والبلقاء ، والجبال الكركية الموجودة في أرض الأردن.
أثار حكم الضجاعمة الغضب في نفوس الغساسنة نتيجة لفرض الإتاوات عليهم ، وهو ما تسبب في نشوب الحرب بينهم حتى انتهت بانتصار الغساسنة ، وبذلك تمكنوا من الاستيلاء على كافة الأراضي التي كانت تحت حكم الضجاعمة ، وقد كان تأسيس دولة الغساسنة عام 220م ، وقد توسعت مملكتهم حيث شملت الأردن وغوطة دمشق وجنوب سوريا والجولان وسهل حوران ، وأصبحت جابية الجولان هي عاصمتهم السياسية بعد أن كانت بصرى الشام هي العاصمة الدينية في البداية.
ملوك مملكة الغساسنة
لقد وصل عدد ملوك دولة الغساسنة إلى 36 ملكًا ، وكان أول ملوكهم هو الملك جفنة بن عمرو ، والذي يرجع نسبه إلى الشاعر العربي الشهير امرؤ القيس ، وكان حكمه ما بين عام 220م و 265م ، بينما كان جبلة بن الأيهم هو آخر ملوك دولتهم ، والذي حكم ما بين 632م وحتى 638م ، وقد أعلن جبلة إسلامه في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، ولكنه سرعان ما عاد إلى الديانة النصرانية ، وقد اندثر عهد قوة الغساسنة بعد انتهاء عهد النعمان ؛ حيث أن نفوذ دولة الغساسنة قد انتهى تمامًا بعد أن هاجم كسرى أبرويز الساساني سوريا عام 613م ، كما تم احتلال القدس ودمشق.
حينما انتشر الإسلام عن طريق الفتوحات الإسلامية ؛ قام الغساسنة بدعم البيزنطيين أثناء محاربتهم للمسلمين ، وقد تمكن خالد بن الوليد رضي الله عنه من تحقيق النصر عليهم في معركة مَرج الصفر خلال عام 624م ، كما قدم جبلة بن الأيهم الدعم للبيزنطيين عام 636م في معركة اليرموك ضد المسلمين ، ولكن خالد بن الوليد تمكن من تحقيق النصر أيضًا في هذه المعركة ، وهو ما جعل المسلمون يستقرون في بلاد الشام لاستكمال مسيرة فتح مدنها ، ليواصلوا مسيرتهم فيما بعد إلى فتح الشمال الإفريقي.