الفرق بين الاستشارة والاستخارة
في كل يوم يمر على الإنسان يتعرض إلى المواقف والأحداث التي تتطلب منه أن يتخذ بعض القرارات المصيرية الهامة ، وفي الكثير من الأحيان يختلط الأمر على الإنسان فيكون في حيرة من أمره ولا يعرف ما هو الرأي السديد والقرار الصحيح الذي يجب عليه أن يتخذه ؛ وهنا يلجأ إلى استشارة من حوله من أهل الثقة إلى جانب اللجوء إلى الله تعالى من خلال
صلاة الاستخارة
حتى يتبين له القرار الصحيح .
الاستخارة والاستشارة
على الرغم أن كل من الاستخارة والاستشارة هي أمر خير للمسلم وتعينه على أن يقوم بحسم قراره في الكثير من أمور الحياة ؛ إلا أنه يوجد فرق بين كل من المصطلحين ، كما يلي :
معنى الاستشارة
المقصود بالاستشارة هي أن يلجأ الإنسان إلى إنسان آخر من أجل معرفة رأيه تجاه قضية ما أو مشكلة ما ، وهناك عدة أوجه للاستشارة ؛ حيث أنها قد تكون في بعض الأحيان قانونية ويتم هنا اللجوء إلى أحد رجال القانون وقد تكون استشارة طبية وقد تكون استشارة تربوية أو دينية وهكذا ، وهنا يتم اللجوء إلى أهل الاختصاص والثقة في كل أمر وفقًا لطبيعته ونوعه .
وهناك وجه اخر أيضًا للاستشارة ؛ حيث أن أولي الأمر والحكام دائمًا ما يلجأون إلى استشارة من حوله من الرجال والتابعين له من أجل اتخاذ قرارات حاسمة فيما يخص حالات السلم والحرب وغيرها ، وقد أعلى الله تعالى شأن الاستشارة حينما قال في كتابه العزيز : { اسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْر } سورة ال عمران [ اية : 159 ] ، ولذلك كان قدوتنا وقائدنا رسول الله ـ صل الله عليه وسلم ـ دائمًا ما يستشير من حوله في أمور الدولة الإسلامية .
ومن أبرز أمثلة استشارة رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه لأصحابه ؛ حينما عرض عليهم أمر غزوة الخندق وماذا يرون فعله من أجل الانتصار في المعركة ؛ فأشار عليه الصحابي سلمان الفارسي بأن يتم حفر الخندق من أجل قطع الطريق على الأعداء ومنعهم من الوصول إلى المسلمين ؛ وقد أخذ رسول الله بهذا الرأي وانتصر المسلمين .
ومن أهم فوائد الاستشارة أنها تُساعد الإنسان على أن يتطلع إلى طريقة تفكير من حوله وارائهم تجاه المواقف المختلفة ومن ثَم تسهيل مهمة الوصول إلى القرار الصحيح وتقليل نسبة الوقوع في الخطأ .
معنى الاستخارة
أما الاستخارة فهي أسمى من الاستشارة لأنها تعني تضرع العبد ولجوئه إلى ربه من أجل أن يلهمه الله تعالى القدرة على أن يصل إلى القرار السليم في أي أمر من أمور حياته ، كما أن الاستخارة أمر يسير جدًا على كل مسلم ولا تتطلب سوى أن يقوم المسلم بصلاة ركعتين بنية الاستخارة ؛ وفي نهاية الركعتين يقوم بترديد دعاء الاستخارة ، وهو :
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال : كان رسول الله ـ صل الله عليه وسلم ـ يُعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كالسورة من القرآن ، يقول : {
إذا هَمَّ أحدُكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ، ثم ليقل : اللهم إني استخيرك بعلمك ، واستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك العظيم ، فإنك تقدر ولا أقدر ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علام الغيوب ، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري ( أو قال : عاجل أمري وآجله ) فاقدره لي ، ويسره لي ، ثم بارك لي فيه ، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري ( أو قال : عاجل أمري وآجله ) فاصرفه عني ، واصرفني عنه ، واقدر لي الخير حيث كان ، ثم رضني له
، قال:
ويُسَمِّي حاجته .
ومن المفاهيم الخاطئة بين المسلمين أن دليل الاستخارة يأتي في صورة أحلام ، ولكن هذا الأمر ليس قطعيًا حيث أنه من الممكن أن يستخير العبد ربه في أي أمر من أمور حياته سواء الزواج أو الالتحاق بعمل جديد أو أي أمر اخر ؛ ثم يجد تيسير ملحوظ في هذا الأمر أو تصعيب ملحوظ دون أن يرى أحلام ؛ وبالتالي فإن تيسير الأمر أو تعسيره هو من فعل الله عز وجل لإتمام الأمر للعبد إذا كان خيرًا له أو صرفه عنه إذا كان شرًا له .
وفي النهاية ؛ يُمكننا أن نُلخص الفرق بين الاستشارة والاستخارة على أن الاستشارة تعني اللجوء إلى العبد ذو الاختصاص بينما الاستخارة تُعني اللجوء إلى رب العباد سبحانه وتعالى وكلاهما يُساعد الإنسان على الوصول إلى القرار السليم .