اديب دمشقي من علماء اللغة
إن اللغة العربية هي لغة القرآن والأدب ، وقد حدث التطور العظيم منذ
نشأة اللغة العربية
؛ حيث أن اللغة في البداية كانت مجرد عبارات شفوية حتى انتشرت اللغة والثقافات المختلفة ؛ فكان من الضروري وضع ضوابط لغوية وهو ما سعى
علماء اللغة العربية
دائمًا إلى إتقانه ، وقد كانت دمشق محطة رئيسية لكبار علماء اللغة والذين جمعوا بين العلم اللغوي والأدبي ؛ ليتخرج علماء لغة وأدباء عظماء في ذات الوقت ؛ والذين أثروا اللغة العربية بأعظم المؤلفات.
أديب دمشقي من علماء اللغة
من أبرز العلماء بدمشق هو الشيخ عبدالرازق بن حسن بن إبراهيم البيطار ؛ والذي يُعتبر أحد أهم علماء وأدباء ومؤرخي دمشق ؛ فهو عالم باللغة والدين كما أنه كان متمكنًا في الأدب :
مولد البيطار
وُلد عبدالرازق البيطار في حي الميدان بدمشق عام 1837م ، وكان ينتمي إلى أسرة تشتهر بالعلم والفضل ؛ فحفظ القرآن الكريم في سن مبكر ، وقد أخذ المتون في مبادئ العلوم من دروس أبيه الشيخ حسن البيطار ، وقام بقراءة فقه أبي حنيفة على أخيه الأكبر الشيخ محمد ، كما قرأ علم القراءات على شقيقه الثاني الشيخ عبدالغني ، وقد لازم حضور الدروس الخاصة بالشيخ محمد الطنطاوي ؛ حيث أتم معه دراسة العلوم الشرعية والعربية ، كما تعلم منه علمي الحساب والفلك.
كان عبدالرازق البيطار متبحرًا في علوم الحديث والسنة ، وقد قام بملازمة الأمير عبدالقادر الجزائري ؛ حيث قرأ عليه مجموعة من الكتب كان من أبرزها “الفتوحات المكية” ، واتجه إلى المذهب السلفي وكان لا يأخذ الأحكام إلا بالدلائل ، وقد كان واعظًا وأدبيًا وعالمًا جليلًا في عصره ، وكان يتسم بالأسلوب الجيد الذي يستطيع من خلاله أن يقنع الآخرين بالحجة والبرهان ؛ لذلك فإنه فاز بمحبة الكثيرين ممن كانوا يستمعون إلى علمه بجامع الدقاق ، ومن أهم اهتماماته كانت الموسيقى العربية.
قام الشيخ عبدالرازق البيطار بعدة رحلات داخل بلاد الشام ومصر ، وقد ذهب إلى مجلس الشيخ محمد عبده ؛ حيث تم تكريمه هناك لأن الشيخ محمد عبده قد عرف فضله آنذاك ، وقد كتب كتاب بعنوان “الرحلة” والذي اشتمل على مجموعة من الرحلات ومنها الرحلة البعلية والرحلة القدسية ، ويُذكر أنه لم يقبل أي منصب عُرض عليه ؛ بل جعل حياته فقط للدروس والعلم.
أعماله البيطار
كان للعالم عبدالرازق البيطار يد في الأدب ، ومن أعماله عدة قصائد دمجها بكتابه “حلية البشر” ، وقصائد أخرى موجودة بكتاب “تاريخ علماء دمشق” كما وضع بعض المقطوعات الأخرى بكتاب “أعلام الأدب والفن” ، ومن أهم أعماله “كتاب الرحلة النجدية الحجازية” ؛ وكتاب “حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر” وهو عبارة عن ثلاثة أجزاء ، وقد تميزت أشعاره بالنزعة الصوفية ، كما بدا التأثر البالغ بالموسيقى من خلال حسن اختيار القوافي التي تنساب بسهولة ورقة.
ومن أبرز أقواله للحث على التنقل والترحال “فعليك بالتغرب لترى الدنيا ؛ وإياك وخبث الطوية ؛ وخوف المنية ، فإنها لا تدفع في الوطن والحضر ؛ ولا في الغربة والسفر” ، وقد أصيب بالشلل في يده اليمنى في أعوامه الأخيرة ، وتوفي في دمشق ودفن فيها عام 1916م.