مظاهر الاعتزاز بالهوية الثقافية

يُعتبر الإنتماء من أسمى صور الإخلاص التي تعبر عن اعتزاز الإنسان بهويته ؛ فمن الضروري أن يشعر الإنسان بالانتماء لوطنه ولغته وثقافته ، ومن أعظم صور الإنتماء هو الانتماء إلى الدين الإسلامي ومن ثَم

الاعتزاز بالهوية الاسلامية

، كما أن الحياة الثقافية هي أحد أهم الركائز التي يعتمد عليها الإنسان في إدارة أمور حياته وفهمه للعالم من حوله ، لذلك فإن الاعتزاز بالهوية الثقافية من الأمور المهمة التي تُشكّل حياة الأفراد داخل المجتمعات المختلفة.

ما هي الهوية الثقافية

الهوية الثقافية هي عبارة عن مجموعة من الصور الثقافية الأساسية الثابتة ؛ فهي تُعبر عن ثقافة معينة لمجموعة ما من البشر أو لشخص معين ، وتهتم هذه الهوية بالتناسق بينها وبين العقل من خلال نبذ التطرف الطائفي والعرقي في جميع أشكاله ، وتعبر هذه الهوية كذلك عن الأفكار والتصورات والقيم والرموز والتعبيرات لمجموعة ما والتي تكوّن أمة ذات هوية وحضارة تختلف من مكان لأخر حول العالم ، ومن ثَم فإن الهوية الثقافية تكون هي المنبع الرئيسي الذي يُعبّر عن الخصوصية التاريخية للأمة.

مظاهر الاعتزاز بالهوية الثقافية

تختلف الهوية الثقافية من مجتمع لآخر وذلك لاختلاف التوجهات الفكرية والأيديولوجية ؛ فهي عبارة عن مزيج من الدين واللغة والتاريخ والثقافة المجتمعية ، ومن الضروري أن تتوفر مظاهر الاعتزاز بها والحفاظ عليها داخل المجتمع ، والتي تتلخص فيما يلي :

الاعتزاز بالدين

إن الهوية الثقافية العربية تمتلك مقومات خاصة والتي تستمدها من الدين الإسلامي الحنيف ؛ حيث أن الخطاب القرآني موجه إلى جميع البشر ، ويُعد الدين هو المكون الرئيسي الأول للهوية الثقافية ؛ حيث أنه يعمل على تحديد فلسفة الأمة والتعريف بسر الحياة والهدف منها ، والاعتزاز بالدين لا يعني فقط إقامة الشعائر الدينية ؛ ولكنه موقف عام من ثوابت عديدة مثل ما يرتبط بتكوين الأسرة بشكل صحيح ؛ ومثل الارتباط بمنهج علمي الذي يعتمد على الوحي والعقل بصورة متوازنة ، ومن هنا فإنه لا يمكن وجود هوية ثقافية عربية إلا من خلال وجود الدين الإسلامي على اعتبار أنه السمة المميزة للمجتمعات العربية ، كما أنه الأداة الرئيسية التي تقاوم الاغتراب الثقافي.

الاعتزاز باللغة

تُعتبر اللغة بمثابة المكون الأول والرئيسي للهوية الثقافية ؛ حيث أنها حياة شاملة للأمة ؛ فهي ليست مجرد ألفاظ وكلمات يتم التفاهم من خلالها بل إنها الوعاء الذي يحتوي على المكونات الوجدانية والعقلية والمعتقدات الراسخة داخل المجتمعات ، ومن هذا المنطلق فإن الحفاظ على اللغة والإعتزاز بعا يعني استمرارية وبقاء أي مجتمع ، واللغة هي جزء من هوية الفرد وماهيته ؛ حيث أنها أحد أهم المقومات التي تؤدي إلى وحدة الشعوب ، وعلى المجتمعات العربية أن تعتز بلغتها العربية التي تحافظ من خلالها على الهوية الثقافية العربية.

الاعتزاز بالتاريخ

تاريخ أي أمة هو السجل الثابت لذكريات هذه الأمة وماضيها ، ولا يمكن أن تشعر أي أمة بوجودها إلا عن طريق التاريخ الذي يوضح مسالكها ويعبر عنها ، ويميز التاريخ الجماعات البشرية عن بعضها البعض ، وطمس التاريخ هو الطريق الأول لإخفاء هوية الأمة وتشويه ملامحها ؛ فلابد أن يكون هناك تفاخر بالتاريخ الذي أنشأ الأمة ، ولذلك فإنه من الضروري العمل على إيجاد نهضة فكرية تسعى إلى تثبيت دعائم التاريخ ، وعلى العرب إدراك أهمية التاريخ في تحديد هويتهم العربية والثقافية من خلال الوعي العلمي بتاريخ المجتمع العربي والوقوف على تطوراته وملابساته وإنجازاته ، ومن ثَم الحفاظ على الهوية الثقافية للمجتمعات العربية في كل مكان.