الغزل في العصر الاندلسي

يُعتبر الشعر أحد أهم الألوان الأدبية في الشعر العربي حيث قد نال اهتمام فئة كبيرة جدًا من أبناء الأمة العربية سواء في العصر الجاهلي أو عصور النهضة العربية والإسلامية ، وكان يعتبر أحد أهم الوسائل الإعلامية وتناقل الأخبار والحكايات المختلفة ، وكان الشعر يأتي بالعديد من الأغراض المختلفة حيث نجد غرض الغزل والذي كان منتشرًا بشكل كبير في

الشعر الاندلسي

إلى جانب أغراض المدح والهجاء والرثاء وغيرهم الكثير .

الشعر الأندلسي

لقد كان العصر الأندلسي أحد أهم العصور التي انتشر بها الشعر وبرع عدد كبير من الشعراء بالأندلس في نظم الأبيات الشعرية في جميع الأغراض الشعرية التقليدية مثل شعر الغزل وشعر الزهد والتصوف والشعر الخاص بالفخر والهجاء وغيرهم ، وقام شعراء الأندلس بإضافة بعض الأغراض الشعرية أيضًا التي أثرت الحياة الشعرية بشكل كبير مثل رثاء الممالك السابقة ورثاء المدن أيضًا وغيرها ، ولم يأتي ذلك من فراغ وإنما نتيجة ما تعرضت له الدولة الأندلسية من انهيار وتفكك ودمار وسقوطها أيضًا تحت سيطرة العدو ، وتأثر شعراء العصر الأندلسي أيضًا بالعديد من صور الحياة بالدولة مثل عدم الاستقرار على المستوى السياسي الذي شهدته الدولة وهذا ما أدى إلى ظهور لون شعري جديد أُطلق عليه اسم (شعر الاستغاثة) .

خصائص شعر الغزل في العصر الاندلسي

كان شعر الغزل هو أكثر أنواع الشعر شيوعًا وانتشارًا في العصر الأندلسي ، و

تعريف الغزل

هو التغني بجمال المرأة والشوق إلى المحبوبة بطريقة أخلاقية منضبطة ، حيث كان كل شعراء الأندلس كما هو معتاد في الشعر العربي يبدأون قصائدهم الشعرية بأبيات تتحدث عن الغزل ووصف المحبوبة والاشتياق إليها ، وكان بعض الشعراء ينظمون قصائد شعرية كاملة تتحدث فقط عن الغزل ، وبوجه عام كان شعر الغزل سائدًا أكثر من أي غرض شعري اخر بين شعراء الأندلس ، ويرجع ذلك إلى :

-جمال الطبيعة والمناظر الطبيعية الساحرة والخضرة والهواء العليل التي كانت تُساعد الشاعر على أن يعيش في حالة رومانسية كاملة .

-وجود احتكاك وتعامل مع الأسبانيين والنصارى ووجود عدد كبير من الجواري والنساء السبايا .

-كما أن اختلاف الثقافات داخل الأندلس سواء ثقافة المسلمين أو ثقافة أهل الأندلس الأصليين وهم الأسبانيين حاليًا أدت إلى انتشار نوعًا من الحرية والتحرر من بعض القيود المجتمعية التي تحدد شكل علاقة الرجل بالمرأة .

-ومن مظاهر تأثر الشعراء بهذا التنوع الثقافي هو وجود عدد من الشعراء الذين قد تغنوا وتغزلوا في العيون الملونة والشعر الأشقر وغيرها من صفات أهل الأندلس وهذا على النقيض من تغني شعراء المشرق العربي بالشعر الأسود وغيره .

امثلة على شعر الغزل الأندلسي

يوجد عدد لا حصر له من الأبيات الشعرية والقصائد الأندلسية التي قد تناولت الغزل ، ومنها ما قام بتأليفه الشاعر الأندلسي ابن سناء الملك في موشح يا شقيق الروح ، ومن أهم أجزاء هذا الموشح الشعري ، ما يلي :

-يا شقيقَ الرُّوحِ منْ جَسَدي

-أهوىً بي منك أم لَمَمُ؟

-ضِعْتَ بين العَذْلِ والعَذَلِ وأنـا وَحْـدي

-على خَبـَلِ ما أرى قلبـي بمُحْتـَمـِلِ

-ما يريـدُ البـَيـْنُ من خَـلَدي

-وهو لا خَـصْـمٌ ولا حَـكَـمُ

-أيـها الظَّـبْيُ الذي شرَدَا

-تَرَكَـتْني مُـقْـلَتاك سُـدى

-زَعَـمـوا أنّي أراكَ غـدا

-وأظـنُّ الـمـوتَ دونَ غـدِ أينَ منِّي اليومَ ما زعموا؟

ومن القصائد الأندلسية في الغزل أيضًا قصيدة لسان الدين بن الخطيب :

جـادَكَ الـغيْثُ إذا الغيْثُ هَمى          يـا زَمـان الـوصْلِ بـالأندَلس لـمْ

يـكُن وصْـلُك إلاّ حُـلُما فـي          الـكَرَى أو خِلسَةَ المُختلس إذْ

يـقودُ الـدّهْر أشْـتات المُنَى          تـنْقل الـخَطْو عـلَى مـا يُرْسَمُ

زُفَــرًا بـيْن فُـرادى وثُـنَى مـثْلَما          يـدْعو الـوفودَ الـموْسِمُ

والـحَيا قـدْ جـلّل الرّوض سَنا          فـثُـغورُ الـزّهْر فـيهِ تـبْسِمُ ورَوى

الـنّعْمانُ عـنْ ماءِ السّما          كـيْف يـرْوي مـالِكٌ عنْ أنسِ فـكَساهُ

الـحُسْن ثـوْبًا مُـعْلما          يـزْدَهـي مـنْهُ بـأبْهَى مـلْبَسِ