لماذا تستورد السويد النفايات ؟
أصبحت
السويد
مستوردا كبيرا للنفايات الصادرة من بلدان أخرى، ولكن الواردات منها أصبحت مثيرة للجدل بعض الشيء. حيث يقول النقاد إنه يتعين علي السويد التركيز أكثر على تقليل كمية
النفايات
الناتجة داخليا في المقام الأول. وفي السويد، لا تذهب النفايات إلى المقالب بعد الآن، حيث أنه خلال العقد الماضي أصبحت هذه الدولة متطورة بشكل كبير في
إعادة تدوير
النفايات، وزادت في نفس الوقت من قدرتها على استعمالها بشكل كبير في إنتاج الطاقة. حيث أنه حتى عام 2008، كانت المحارق السويدية تغذيها النفايات المنزلية بشكل رئيسي. ولكن لماذا تستورد السويد النفايات؟ وبهذه الكميات الضخمة؟
إعادة تدوير النفايات في السويد
وفقًا للخبراء، يتجه العالم نحو زيادة كارثية في درجات الحرارة بسبب تغير
المناخ
والغازات المسببة للاحتباس الحراري. مع تناقص معتبر في
الوقود
الأحفوري، بينما من المتوقع أن يزداد الطلب العالمي على الطاقة بنسبة 50٪ في عام 2030. مع استمرار نمو سكان العالم ، سيزداد إنتاج النفايات بشكل كبير. في مواجهة هذه التوقعات، حدد بلد واحد فرصة للمحيط الأزرق وبدأ ثورة إعادة التدوير، من خلال إستراتيجية شاملة لإعادة التدوير على مستوى الدولة بأكملها، حوّلت السويد عبء النفايات المرتفع التكلفة إلى مشروع مربح.
ولا توفر السويد المال فقط عن طريق استبدال الوقود الأحفوري بالنفايات لإنتاج الطاقة؛ فهي تولد 100 مليون دولار أمريكي سنويًا عن طريق استيراد النفايات وإعادة تدوير النفايات التي تنتجها الدول الأخرى.
المملكة المتحدة
والنرويج وإيرلندا و
إيطاليا
على استعداد لدفع 43 دولارًا أمريكيًا لكل طن من النفايات التي تستوردها السويد لهذا الغرض.
ويتم إرسال 1 ٪ فقط من سلة المهملات في السويد إلى مدافن
النفايات
. وعن طريق حرق القمامة، يتم تحويل 52 ٪ منها إلى طاقة ويتم إعادة تدوير 47 ٪ من النفايات المتبقية. بذلك توفر كمية الطاقة الناتجة من النفايات وحدها التدفئة لمليون منزل والكهرباء تكفي 250000 بيت. مقارنة بالمملكة المتحدة التي تعيد تدوير 44 ٪ فقط من نفاياتها.
ولكن كيف طورت السويد من فكرة تدوير النفايات ؟. أولاً وقبل كل شيء، كانت السويد سريعة لتحديد الطلب المتزايد. لقد أدركوا في وقت مبكر أن ندرة الموارد وتغير المناخ هما اتجاهان لا رجعة فيهما و لهما مسارات واضحة. من خلال النظر إلى هذه الاتجاهات من المنظور الصحيح و رسم نظرة ثاقبة وإستراتيجية واضحة حول كيف الاستفادة من النفايات بإعادة تدويرها بدل التخلص منها في المقالب والذي يعمل مع الوقت على خلق نوع من التلوث البيئي الخطير، تمكنت السويد من تحويل النفايات إلى طاقة تقدر بملايين.
ثانيا، يتم تعليم الأطفال في سن مبكرة جدا وتثقيفهم حول إعادة التدوير واستخدامات النفايات، وبذلك يصبح المجتمع كله بجميع شرائحه العمرية متكافل وعلى وعي تام. وحتى أنه هناك يوم وطني يجتمع فيه الأطفال في جميع أنحاء البلاد لالتقاط القمامة وتنظيف محيطهم. ويخضع المعلمون بدورهم لتدريب خاص لإشراك الأطفال في الأنشطة العملية، مثل التخلص من مهملاتهم الخاصة أو تنفيذ سياسات النفايات في المدارس.
أخيرًا، بتدخل المجتمع بأكمله وحكومته ،جعلت السويد إعادة التدوير سهلة ويمكن الوصول إليها بسهولة، حيث يمكن العثور على محطة إعادة التدوير على بعد 300 متر من أي منطقة سكنية. وهناك حوافز يحصل المواطنون السويديون على قسائم خصم كمكافأة لاستخدام آلات إعادة التدوير القريبة.
ثورة إعادة التدوير في السويد
بدأت الجهود الأولى لتحويل النفايات إلى طاقة في منتصف القرن العشرين مع تنفيذ سياسة إعادة تدوير وطنية متماسكة مع مرور الوقت.، عزز هذا معدلات إعادة التدوير ووضع السويد كرائد عالمي في إعادة التدوير ، بتحويل نفاياتها إلى طاقة، خفضت السويد انبعاث
ثاني أكسيد الكربون
بمقدار 2.2 مليون طن سنويًا بين عامي 1990 و 2006، انخفضت انبعاث ثاني أكسيد الكربون بنسبة 34 ٪، ومن المتوقع أن تنخفض انبعاث الغازات المتسببة في الاحتباس الحراري بنسبة 76 ٪ بحلول عام 2020، مقارنة مع مستوياتها في عام 1990.
ويتيح استيراد السويد للنفايات وإعادة تدويرها بيئة أنظف، كما توفر طاقة منخفضة التكلفة لأكثر من مليون منزل. يضمن استغلال النفايات ربح للسويد ليس فقط من خلال تخفيض التكاليف، بل أيضا من خلال القضاء على التكاليف المرتفعة للوقود الأحفوري وكذلك تحقيق إيرادات سنوية قدرها 100 مليون دولار لإعادة تدوير النفايات المستوردة.
وأخيراً، ثقافة استيراد النفايات وإعادة تدويرها في السويد، خلق نظاما شاملا اجتمع في تطبيقه جميع أفراد المجتمع بالتعاون مع دولتهم، والتي تقدم لهم حوافز جذابة ومغرية. وربما يكون أكبر حافز هو في القضاء على النفايات والحفاظ على بيئة نظيفة وتسر الناظر إليها.
وعلى الرغم من الضغوط المتصاعدة، اتخذت السويد الأمور بايجابية وتمكنت من مسك زمام الأمور ،كحل بديل عوض الرضوخ إلى التغير المناخي وندرة الموارد والتكيف مع الوضع. وأصبحت السويد رائدة في صناعة إعادة التدوير، وخلق محيطًا أزرق نظيف ، من خلال تحالف
التكنولوجيا
، والمسؤولية الاجتماعية، وفعالية التكلفة. ربما حان الوقت لأن تحذوا الكثير من الدول حذوها.