علَيكَ سَلامُ الله يا قَبرَ عُثمانِ – الشاعر بهاء الدين زهير
علَيكَ سَلامُ الله يا قَبرَ عُثمانِ – الشاعر بهاء الدين زهير
علَيكَ سَلامُ الله يا قَبرَ عُثمانِ
وحياكَ عني كلُّ روحٍ وريحانِ
ولا زالَ منهلاًّ على تربكَ الحيا
يُغاديكَ منهُ كلُّ أوْطَفَ هَتّانِ
لقد خُنتُهُ في الوُدّ إذْ عِشتُ بَعدَهُ
وما كنتُ في ودّ الصّديقِ بخَوّانِ
وَعَهدي بصَبري في الخُطوبِ يُطيعُني
فما لي أراهُ اليَوْمَ أظْهَرَ عِصياني
فَيَا ثاوِياً قد طَيّبَ الله ذِكْرَهُ
فأضحى وطيبُ الذكرِ عمرٌ له ثانِ
وَجَدْتَ الذي أسلاكَ عني وَإنّني
وحقكَ ما حدثتُ نفسي بسلوانِ
وعوضتَ عن دارٍ بأكنافِ جنة ٍ
وعوضتَ عن أهلٍ بحورٍ وولدانِ
فَدَيتُ الذي في حُبّهِ اتّفَقَ الوَرَى
فلوْ سئلوا لم يختلفْ منهمُ اثنانِ
لقد دَفَنَ الأقْوَامُ يَوْمَ وَفَاتِهِ
بَقِيّة َ مَعرُوفٍ وَخَيرٍ وَإحسانِ
وَوَارَوْهُ والذّكْرَى تُمَثّلُ شخصَه
كأنّهُمُ وَارَوْهُ ما بَينَ أجفاني
يُواجِهُني أينَ اتَّجهتُ خَيالُهُ
كما كنتُ ألقاهُ قديماً ويلقاني
وأقسمُ لوْ ناديتهُ وهوَ ميتٌ
لجاوبني تحتَ الترابِ ولباني
هنيئاً لهُ قد طابَ حياً وميتاً
فما كانَ محتاجاً لتطييبِ أكفانِ
صَديقي الذي مُذ ماتَ ماتَتْ مسَرّتي
فما ليَ لا أبكيهِ والرزءُ رزآنِ
وكانَ أنيسي مذْ بليتُ بغربة ٍ
وكنتُ كأنّي بينَ أهلي وَأوْطاني
وقد كانَ أسلاني عنِ الناسِ كلهمْ
ولا أحَدٌ عَنهُ منَ النّاسِ أسْلاني
كريمُ المُحَيّا باسِمٌ مُتَهَلّلٌ
متى جئتهُ لم تلقهُ غيرَ جذلانِ
يمنّ لمنْ يرجوهُ منْ غيرِ منة ٍ
فإنْ قُلتَ مَنّانٌ فقُلْ غَيرَ مَنّانِ
فَقَدْتُ حَبيباً وَابْتُلِيتُ بغُرْبَة ٍ
وحَسبُكَ من هَذينِ أمْرانِ مُرّانِ
وما كنتُ عنهُ أملِكُ الصّبرَ ساعَة ً
فما كان أقساني عليهِ وأقصاني
هوَ المَوْتُ ما فيهِ وَفاءٌ لصاحِبٍ
وهَيهاتَ إنْسانٌ يَموتُ لإنسانِ
كذلكَ ما زالَ الزّمانُ وَأهْلُهُ
فمنْ قبلنا كم قد تفرقَ إلفانِ
وما الناسُ إلاّ راحلٌ بعدَ راحلٍ
إلى العالمِ الباقي مِنَ العالمِ الفَاني
وإلاّ فأينَ الناسُ من عهدِ آدمٍ
ومن عهدِ نوحٍ ثمّ منهُ إلى الآنِ