اعمال اليوم الثامن من ذي الحجة ” يوم التروية “
الحج فرضه الله عز وجل على كل مسلم، فقال الله تعالى :(وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا)، وهو بجب على كل مسلم قادر ، يذهب لبيت الله الحرام في
مكة المكرمة
وذلك لأداء أفعال معينة في وقت معين ، وتكون مرة في العمر، ودليل ذلك ما رواه
أبو هريرة
رضي الله عنه، حيث قال: خطبَنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: (أيّها النّاسُ، قد فرض اللهُ عليكم الحجَّ فحجُّوا، فقال رجلٌ: أَكُلَّ عامٍ يا رسولَ اللهِ؟ فسكت حتّى قالها ثلاثاً، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: لو قلتُ: نعم، لوجبَت ولما استطعتُم).
شروط وجوب الحج
الحج لا يجب الا على المسلم الذي تتوفر فيه شروط، والتي بينها العلماء فيما يأتي:
الإسلام
فالحج لا يجب على غير المسلم.
العقل
فلا يجب الحج على المجنون أو فاقد العقل، حيث ورد عن
النبي صل الله عليه وسلم
قال (رُفِعَ القلمُ عن ثلاثةٍ: عن النائمِ حتّى يستيقظَ، وعن الصبيِّ حتى يحتلمَ، وعن المجنونِ حتى يعقِلَ).
البلوغ
فلا يجب الحج الا على المسلم العاقل البالغ.
الحرية
فلا يجب الحج علي العبد وذلك لأنه مملوك لسيده لا يستطيع التصرف إلا بإذنه.
القدرة
وذلك لأن وجوب
الحج
مشروط بان يكون هناك استطاعة للإنسان للقيام به، ويوجد نوعين من القدرة، هما: القدرة البدنية:
وهي أن يكون المسلم قادر على أفعال الحج من الطواف، والسعي والوقوف بعرفة، وغيرها من أعمال الحج.
القدرة المالية
وذلك أن يملك المسلم مال يكون كافي يمكنه من أداء الحج.
وبعض العلماء وضعوا شرط آخر مع هذه الشروط، وهوان يكون طريق مكة المكرمة آمن ، وبالنسبة للنساء، أن يكون معها محرم لها، وألّا تكون معتدة من وفاة او طلاق وذلك لقول الله سبحانه وتعالى:(لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ).
يوم التروية
حيث ان من أيام العشر الأوائل من شهر ذي الحجة يرم يسمى ب
يوم التروية
، وهو اليوم الثامن من شهر ذي الحجة، وفيه يجب ان يجدد الحاج المتمتع الإحرام للحج، ولكن الحاج القارن والمفرد فيكونا على إحرامهما الأول، وكذلك الحاج الذي لم يحرم فيحرم في يوم التروية، وبعد ذلك يذهب الحجاج جميعهم بعد طلوع الشمس إلى منى، و يظلوا فيها حتى غروب شمس اليوم التالي وهو يوم عرفة، ويقومون بالصلاة فيها الظهر والعصر قصراً دون جمع، وكذلك المغرب والعشاء، و الحجاج في هذا اليوم يحرمون من مكانهم، ولا يلزم ان يذهبوا إلى
المسجد الحرام
، أو غيره من المساجد، حيث جاء في الحديث: (أقيموا حلالاً، حتّى إذا كان يومُ الترويةِ فأهلُّوا بالحجِّ).
اعمال يوم التروية
يوم التروية يبدأ بغروب شمس اليوم السابع من ذي الحجة، ويجب للحاج سواء كان قارناً أو متمتعاً أو مفرداً أن يقوم بعدة أعمال وأمور منها:
– في يوم التروية يستحب للمتمتع أن يحرم بالحج في وقت
الضحى
من مسكنه الذي يقيم فيه فترة الحج، وكذلك مثلما للذي نوى الحج من أهل مكة، لكن القارن والمفرد فيكونوا على إحرامهم الاساسي وذلك لان القارن يقرن بين الحج والعمرة و إحرامه يستمر بينهما، ولكن المفرد يبدأ بمناسك الحج ولا يأتي بعمرة، فهو يفعل في إحرامه مثلما فعل عندما أحرم من الميقات، كما يجوز له أن يحرم من مكة، كما يجوز له أن يحرم من خارجها.
– للحاج في يوم التروية وقبل الإحرام يستحب له أن يغتسل ويتنظف ويتطيب وذلك إذا كان متمتع كما ذكرنا من قبل ، وانه يفعل ما يفعله الذي يريد الإحرام بالضبط. – كذلك للحاج يستحب له يوم التروية أن ينوي الحج بقلبه ثم يبدأ بالتلبية ويقول : لبيك اللهم حجا، ولكن إذا خاف أن لا يستطيع من إتمام الحج لأي عائق يعترضه فيجوز له الاشتراط في النية، فيقول: فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، ولكن اذا كان يريد الحج عن غيره فينوي الحج بعد أن يقرن اسم الذي يريد الحج عنه فيقول: لبيك اللهم حجا عن فلان ويسميه، أو عن فلانة مع ذكر اسمها، ثم يبدأ بالتلبية قائلا: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)، كما يجوز أن يزيد على الصيغة قائلاً: (لبيك إله الحق لبيك) وذلك ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم.
– كذلك للحاج يوم التروية يستحب أن يتوجَه إلى مشعر منى في فترة الضحى وقبل الزوال، كما يجب عليه أن يكثر من التلبية في هذه الفترة.
– وبعد أن يصل الحاج إلى منى يقوم بصلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء فيها ، ويظل ماكث فيها حتى فجر اليوم التاسع من ذي الحجة، فيقوم بصلاة الفجر فيها، وتكون صلاته فيها قصراً بلا جمع إلا صلاتي المغرب والفجر فهمت لا يقصران أصلا وقد ثبت ذلك عن النبي صل الله عليه وسلم فعل ذلك فيقول: (فلمَّا كان يومُ التَّرويةِ توجَّهوا إلى منًى فأهَلُّوا بالحجِّ، ركِب رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فصلَّى بها الظُّهرَ والعصرَ والمغربَ والعشاءَ والصُّبحَ ثمَّ مكَث قليلًا حتَّى طلَعتِ الشَّمسُ)، كما أن لأهل مكة يجوز القصر في الصلوات الخمس يوم التروية حيث أن النبي صل الله عليه وسلم -قد أم الناس فيه قصرا، وكان ممن صلى خلفه أناس من أهل مكة فلم يأمرهم بالإتمام، ولو كان ذلك واجباً لأمرهم به.
– كما للحاج ان يبيت في منى ليلة
يوم عرفة
وذلك كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، حتى إذا طلعت شمس يوم عرفة انطلقوا إلى جبل عرفة ملبيا
فجميع الأعمال التي ذكرناها فينبغي على الحاج القيام بها يوم التروية و هي على سبيل الاستحباب لا الوجوب، فلو لم يقم الحاج بشيء منها ثم أحرم يوم عرفة وابتدأ الحج منه فحجه يجوز ، ولكنه يكون قد خالف سنة النبي صل الله عليه وسلم والتي ثبت عنه قيامه بهذه الأعمال كما ذكرنا، فالحاج يجب عليه الاقتداء بالنبي صل الله عليه وسلم لكي يحصل على الأجر التام في الحج، وحتى لا يفوته فضل الاقتداء بالنبي في أعمال يوم التروية وإدراكا لأجر القيام بها.