جريمة الاتراك في حق اهل المدينة ” سفر برلك “

ذكر عدد من المؤلفين والمؤرخين من مواليد

المدينة المنورة

، ذلك التاريخ الأسود لآخر محتل تركي قام باحتلال المدينة المنورة، والمعروف ب

الجزار فخري باشا

، والذي قام بترك تاريخ أسود خالد في ذاكرة أهالي المدينة المنورة، والذي قام بنهب الآثار والوثائق والأمانات المقدسة

،

وقام بتحويل المسجد النبوي الشريف إلى ثكنة عسكرية، وعندما قامت القوات العربية بمحاصرته في عام 1916م، هددهم بأن ينسف الحجرة النبوية، ولم يهتم بأهل المدينة المنورة.

تحويل المدينة المنورة لثكنة عسكرية

وكما ذكر في كتاب الدكتور وليد بن سعيد طولة تحت عنوان (شفر برلك وجلاء أهل المدينة المنورة إبان الحرب العالمية) الصادر في عام 2016م، أنها عندما قرر فخري باشا بجعل المدينة المنورة ثكنة عسكرية، منع الناس من ممارسة حياتهم الطبيعية ومنع البيع والشراء، وأغلق المحلات، وقام بجمع كافة أنواع التمور من كل البساتين، ومنع القبائل العربية وقواتها من دخول المدينة المنورة

،

وأرسل حملات كبيرة لتقوم بتفتيش المنازل لتوفير الرزق لعساكره وجيشه، مما جعل الأهالي مضطرة إلى أن تترك المدينة وتخرج بعيدا.

التهديد بنسف الحجرة النبوية

وعندما قامت القبائل العربية بمحاصرته، هدد أن يقوم بنسف الحجرة النبوية، حتى ضاق جنوده به، ويؤكد الدكتور سهيل صابان، أستاذ تاريخ

الدولة العثمانية

في

جامعة الملك سعود

في تلك الحادثة على أنه في أحد الأيام قام أحد زملاؤه بتكتيفه لرفع العلم الذي يدل على الاستسلام، ومن ثم قاموا بأخذ فخري باشا إلى

مدينة ينبع

.

تهجير أهل المدينة المنورة

– كما كشف الدكتور عائض الردادي المؤرخ الكبير والذي يعد واحدا من أبناء المدينة المنورة، أن فخري باشا هو اسم لا يغيب أبد عن ذاكرة أي فرد عاش في هذا الزمن أو بعده، ولكنه يعد مأساة حدثت لأهالي المدينة المنورة لا تزال أثارها موجودة في نفوس الأهالي الذين تم تهجيرهم خارج المدينة، وتعرف تلك المأساة في التاريخ بمصطلح (سفر برلك) ومعناها التهجير الإجباري بالتركية.

– وهناك روايات كثيرة في تلك الحادثة أو بالأحرى في هذه المأساة، فيحكى أنهم كانوا يأخذون أهالي المدينة أسرى إلى القطارات، على هيئة أفراد أو جماعات، كما روي عن وجود رجل قد تم أسره وقد كان خارجا للبحث عن الطعام لزوجته النفساء التي لازالت حديثة الولادة، لتخرج هي الأخرى للبحث عنه لتأخره ليتم أسرها أيضا ويترك الرضيع وحده في المنزل.

نهب الأمانات المقدسة و التهجير الاجباري بالمدينة

– كما قيل أن فخري باشا قام بنقل الأمانات المقدسة إلى دمشق و

اسطنبول

، حيث أنها كانت متواجدة في مكتبة الحرم النبوي، كما نقل الذخائر التي كانت متواجدة في الثكنات العسكرية لداخل

المسجد النبوي الشريف

.

– وقد قام الكاتب السعودي محمد الساعد بإصدار كتاب تحت عنوان (سفر برلك.. قرن على الجريمة العثمانية في المدينة المنورة) ليقوم برصد واحدة من أكثر الجرائم المروعة التي ارتكبتها الدولة العثمانية في حق الإنسان العربي تحت مسمى التهجير الإجباري أو سفر برلك.

– كما يوضح الساعد أن هذه الجريمة كانت محاولة من الدولة العثمانية بقيادة فخري باشا، لتحويل المدينة المنورة إلى واحدة من الثكنات العسكرية التركية، وذلك للتمهيد لتحويلها إلى مدينة تركية فيما بعد، وفصلها عن الحرم المكي الشريف لتلحق بالدولة العثمانية تماما، وتصبح هي على حدود الدولة العثمانية داخل الجزيرة العربية.

– وكما ذكر من قبل المؤرخين العرب، فإنه بسبب التهجير الإجباري أو سفر برلك، لم يتبقى من أهل المدينة المنورة سوى 80 شخص أو 100 بحد أقصى، حيث تم تهجير ما يزيد عن 40 ألف مواطن من المدينة المنورة، ولم يكتف فخري باشا بذلك، بل قام باحتكار المواد الغذائية القليلة لجنوده، واستخدم المسجد النبوي الشريف مستودعا للأسلحة، حتى ظهرت المجاعة في المدينة وتفشت بين الأطفال والأهالي المتبقيين الذين فقدوا أسرهم وعائلاتهم نتيجة التهجير.

الأثار التي نهبها الأتراك من المدينة

– وقام الأتراك في عام 1917م بنقل كافة الأمانات المقدسة بما فيها الهدايا والأثار التي تم إهداءها إلى حجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم طوال 1300 عام بلا استثناء عبر القطارات إلى الدولة العثمانية، ويتم عرض تلك الكنوز منذ سنوات طويلة وحتى الآن في متاحف اسطنبول، وتضم الشمعدانات الذهبية والمجوهرات والمصاحف الأثرية، بالإضافة إلى لوحات وسيوف مرصعة بالماس، وعدد كبير لا حصر له من العلاقات والمباخر وغيرها من القطع الأثرية التي تجاوزت ال 400 قطعة، بالإضافة إلى راية رسول الله صلى الله عليه وسلم وبردته ونعله ومكحلته وخلصة من شعره ورباعيته.

– ونشرت الكثير من الروايات والكتب لمؤرخين وكتاب عاصروا تلك المأساة، ليتناقلوها للأجيال القادمة فيما بعد، فقام جميعهم بذكر ما كان يحدث في ذلك الوقت من نهب الخيرات في المدينة، وسرقة رزق أهاليها وظلمهم وتجويعهم وتشريدهم ومن ثم نفيهم وترحيلهم، لدرجة أن تلك المجاعة بلغت بهم أن قام عدد من أهالي المدينة بأكل القطط، على الرغم من أن المستودعات كانت مملوءة بخيرات البلاد ولكنها كانت مقتصرة على الجنود الأتراك، وغير مسموح لأحد من أهالي المدينة بالإقتراب منها حتى ولو تمرة واحدة أو حبة من القمح.