ماهو الاستحداد
الاستحداد في اللغة مشتق من ” استحد ” أي حلق عانته ، والاستحداد من الحديدة أي الاحتلاق بالحديد ، وقد قال النووي الاستحداد هو إزالة
شعر العانة
، هو الذي حول الفرج ، سواء إزالته بنتف أو نورة أو حلق ، مأخوذ من الحديدة ، وهي الموسى التي يحلق بها .
حكم الاستحداد
ذكر جمهور الفقهاء أن الاستحداد سنة ، وهناك بعض الدلائل التي تفيد استحباب الاستحداد منها :
– ما رواه البخاري، قال: حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا إبراهيم بن سعد، حدثنا ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة – رضي الله عنه – سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((الفطرة خمس: الختان، والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظفار، ونتف الآباط)) .
– عن
عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها
قالت: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((عشرٌ مِن الفِطرة: قصُّ الشَّارب، وإعفاءُ اللِّحيةِ، والسِّواكُ، واستنشاقُ الماءِ، وقصُّ الأظفارِ، وغَسلُ البَراجِم، ونَتْفُ الإبْط، وحَلْقُ العانةِ، وانتقاصُ الماءِ)). قال زكريَّا: قال مُصعَبٌ: ونسيتُ العاشرةَ، إلَّا أن تكونَ المضمضةَ .
– قال ابن قدامة: وهو – يعني الاستحداد – مستحب؛ لأنه من الفطرة، ويفحش بتركه .
– قال النووي: معظم هذه الخصال ليست بواجبة عند العلماء، وفي بعضها خلاف في وجوبه كالختان، والمضمضة والاستنشاق ، ولا يمتنع قرن الواجب بغيره، كما قال تعالى: ﴿ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ﴾ [الأنعام: 141] ، والإيتاء واجب، والأكل ليس بواجب .
حكم ترك الاستحداد فوق أربعين يومًا
هناك اختلاف بين العلماء في حكم من يترك الاستحداد ونتف الإبط وقص الشارب وتقليم الأظافر فوق الأربعين يومًا ، حيث يوجد قولين وهما :
– القول الأول :
يُكره ترك شعر العانة ونتف الإبط وقص الشارب وتقليم الأظافر لفترة تتعدى الأربعين يومًا ، وهذا مذهب الشافعية والحنابلة ، والدليل من السنة :
عن
أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه
قال: ((وُقِّتَ لنا في قصِّ الشَّارِبِ، وتقليمِ الأظفارِ، ونتْفِ الإبْط، وحَلْقِ العانةِ: أنْ لا تُترَكَ أكثرَ مِن أربعينَ)) .
حيث يقولون أن ” وقت لنا ” هو من صيغ الأحاديث المرفوعة ، مثلما في قوله ” أمرنا بكذا ” ، لذلك فهو يعد من المقدرات التي ليس للرأي فيها مدخل ، فيكون كالمرفوع .
– القول الثاني :
يذهب هذا القول بتحريم ترك كل من شعر العانة ونتف الإبط وقص الشارب وتقليم الأطافر لأكثر من أربعين يومًا ، وذلك في مذهب الحنفية ، وقد اختاره الشوكاني وابن باز ، والدليل من السنة هو :
عن أنسِ بِن مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((وُقِّتَ لنا في قصِّ الشَّارِبِ، وتَقليمِ الأظفارِ، ونتْفِ الإبْطِ، وحَلْقِ العانةِ: أنْ لا تُترَكَ أكثرَ مِن أربعينَ)) .
فيقولون أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد حدد وقت للناس في قلم الأظافر وحلق العانة ونتف الغبط وقص الشارب ، فأن لا يتم تركهم لأكثر من أربعين ليلة ، وفي هذا دليل على وجوب هذا الأمر قبل مضي أربعين ليلة .
كيفية الاستحداد
يفضل في الاستحداد الحلق ، وتجوز الإزالة بأي شئ ، فيمكن القص والنتف والنورة ، والرجل والمرأة في ذلك سواء ، وذلك في مذهب الحنابلة ، والذي اختاره النووي وابن دقيق العيد وابن باز ، والدليل من السنة :
عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((الفِطرةُ خَمسٌ: الخِتان، والاستحدادُ، وقصُّ الشَّارِبِ، وتقليمُ الأظفارِ، ونتفُ الآباطِ))
ففي الحديث نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد فرّق بين كل من إزالة شعر العانة وإزالة شعر الإبط ، حيث قال ” الاستحداد ” مع شعر العانة ، و ” النتف ” مع شعر الإبط ، وفي هذا دليل على رعاية هاتين الهيئتين في محلهما .
مباشرة الأجنبي لحلق العانة
يجب على الشخص أن يحلق عانته بنفسه ، وأن لا يطلع شخص آخر على عورته ، إلا من يحل له الاطلاع عليها مثل الزوجه أو الأم ، والدليل على ذلك من القرآن الكريم قوله تعالى : قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ” .
كذلك توجد أدلة من
السنة النبوية
الشريفة وهي :
– عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لا يَنظُرُ الرَّجُلُ إلى عورةِ الرَّجُلِ، ولا المرأةُ إلى عورةِ المرأةِ، ولا يُفضِي الرَّجُلُ إلى الرَّجُلِ في ثوبٍ واحدٍ، ولا تُفضِي المرأةُ إلى المرأةِ في الثَّوبِ الواحِدِ)) .
– عن بَهزِ بن حَكيمٍ، عن أبيه، عن جَدِّه، قال: ((قلتُ: يا رسولَ الله، عَوراتُنا ما نأتي منها وما نَذَر؟ قال: احفظْ عورتَك إلَّا مِن زَوجَتِك أو ما ملَكت يمينُك. قال: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، فإذا كان القومُ بعضُهم في بعضٍ؟ قال: إنِ استطعتَ ألَّا يراها أحدٌ فلا يَريَنَّها، قلتُ: فإذا كان أحدُنا خاليًا؟ قال: فاللهُ أحقُّ أن يُستحيَا منه)) .