هل الاستفراغ يبطل الصيام

الصيام هو أحد أهم الركائز التي تقوم عليها العبادات في الاسلام ، تلك العبادة التي كانت من بين

الأركان الخمس للإسلام

، و هناك بعض الأمور قد تفسد هذه العبادة ، و تعرف باسم مبطلات الصيام ، و التي لابد من تحري الدقة فيها حتى لا يفسد الصوم ، فما حكم الاستفراغ أثناء الصيام ، و هل هو من مبطلات الصوم أم لا ؟

الاستفراغ اثناء الصوم

من بين الأمور التي قد تصيب الصائم في فترة صومه الاستفراغ أو القئ ، و قد تحدث البعض عن هذا الأمر ، و كان مثار للحديث بين الفقهاء ، فقيل ان الاستفراغ أثناء الصوم ليس من مبطلاته ، على شرط ألا يكون

الاستفراغ

برغبة الشخص ، فإن كان الاستفراغ ليس للشخص دخل به فلا يفسد الصوم و ذلك اعتمادا على قول رسول الله صلى الله عليه و سلم مَنْ ذَرَعَهُ اَلْقَيْءُ، فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَمَنْ اسْتَقَاءَ، فَعَلَيْهِ اَلْقَضَاءُ. رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ.

القئ عن عمد أثناء الصوم

في حالة القئ برغبة الشخص أو عن عمد كما يقال ، فالأمر هنا يختلف ، حيث ان هذه الطريقة تعتبر من مبطلات

الثوم

و ذلك بإجماع جمهور العلماء ، و في هذه الحالة لابد من قضاء هذا اليوم فيما بعد.

ابتلاع القئ اثناء الصوم

في حالة شعر و الشخص بالرغبة في الاستفراغ أثناء الصوم ، و صعد ما بالمعدة إلى الحلق و قام الشخص بمنع خروجه و ابتلعه عن عمد فهنا قد فسد صومه ، و لا يصح أن يستكمل صومه ، و ذلك شريطة خروج القئ إلى مكان يتمكن الشخص من إخراجه فيه ، و ذلك اعتمادا على قول الدردير بترك إيصال قيء أو قلس (وبلغم أمكن طرحه) أي طرح ما ذكر، فإن لم يمكن طرحه بأن لم يجاوز الحلق فلا شيئ فيه ، و قال أيضا : وَلَا نَعْلَمُ فِي الْقَلْسِ, وَالدَّمِ : الْخَارِجَيْنِ مِنْ الأَسْنَانِ لا يَرْجِعَانِ إلَى – الْحَلْقِ , خِلَافًا فِي أَنَّ الصَّوْمَ لا يَبْطُلُ بِهِمَا, وَحَتَّى لَوْ جَاءَ فِي ذَلِكَ خِلافٌ لَمَا اُلْتُفِتَ إلَيْهِ; إذْ لَمْ يُوجِبْ بُطْلانَ الصَّوْمِ بِذَلِكَ نَصٌّ.

الاستفراغ عند صوم التطوع

في حالة الصوم كتطوع أو نافلة و قد اصاب الشخص الاستفراغ ، فهنا لابد أن يفطر و يقوم بالصيام في يوم أخر و ذلك اعتمادا على قول ابن قدامة رحمه الله: من دخل في صيام تطوع استحب له إتمامه ولم يجب، فإن خرج منه فلا قضاء عليه روي عن ابن عمر، وابن عباس أنهما أصبحا صائمين ثم أفطرا. وقال ابن عمر: لا بأس به ما لم يكن نذرا ولا قضاء رمضان. وقال ابن عباس: إذا صام الرجل تطوعا ثم شاء أن يقطعه قطعه، وإذا دخل في صلاة تطوعا ثم شاء أن يقطعها قطعها. وقال ابن مسعود: متى أصبحت تريد الصوم فأنت على آخر النظرين إن شئت صمت وإن شئت أفطرت. فهذا مذهب أحمد والثوري  والشافعي وإسحاق.

حكم صعود الجشاء إلى الفم عند الصوم

– اعتمادا على ما قد سلف ذكره فهنا القياس هو الطريقة التي يتم العمل على اصدار الفتوى منها ، و قيل أن الجشاء إذا صعد في فم الصائم و كان بإمكانه بثقه و لكنه قد ابتلعه فقد افطر ، و إن قام ببثقه فلا يفطر ، و ذلك بالاعتماد على قول سليمان الجمل الشافعي: “وإذا أصبح وحصل له الجشاء المذكور، يلفظه ويغسل فاه، ولا يفطر، وإن تكرر ذلك منه مرارا”.

– و في هذا الصدد تحدث ايضا

ابن العثيمين

قائلا في إحدى الجلسات الرمضانية السؤال : حينما يتسحر الإنسان ثم يمسك، فأحياناً يخرج من جوفه بعض الهواء، ويخرج معه شيء من الطعام ويبقى أثره في الفم، فإن رماه وأخرجه من فمه بقي الأثر، وإن ابتلعه فهذا مشكل، فما العمل والحال هذه؟ الجواب: الصورة: الظاهر أنه أحياناً يتجشأ الإنسان فيخرج من معدته بعض الطعام، نقول: إذا وصل إلى الفم فإنه لا يجوز أن تبلعه، لو بلعته وأنت عالم أفطرت ولكن اتفله، إما في منديل إذا كان معك مناديل أو في طرف ثوبك، وإذا قُدر أنه بقي طعام فاتفل حتى يزول الطعام، لأنك إذا تفلت مرة مرتين سوف يذهب الطعام وحينئذٍ لا يضرك، لكن لو فرض أن الرجل ابتلعه وهو لا يدري أن ذلك حرام عليه فصيامه صحيح.

قول ابن عثيمين في التقيؤ عمدا في الصيام

من رحمة الله نقول: إذا تقيأ الإنسان عمداً إن كان لغير عذر، فهو حرام عليه في

الصوم

الواجب، لأنه يفسد صومه، وإن كان لعذر قلنا: من رحمة الله أن نقول: إنك أفطرت، لماذا؟ لأنه إذا تقيأ لعذر يبيح له الفطر قلنا له: الآن كُل واشرب، لأن كل من أفطر لعذر شرعي، فإنه يجوز أن يأكل ويشرب، خذوا بالكم من هذه القاعدة، فهي مفيدة أيضاً: كل من أفطر لعذر شرعي في أول النهار فإنه يجوز أن يأكل ويشرب بقية النهار، فهمتم القاعدة هذه؟ إي نعم، هذه القاعدة مفيدة جداً للإنسان، فنقول لهذا الرجل الصائم: إذا قال لك الأطباء، أو أنت رأيت أنه من الضروري أن تتقيَّأ، افرض أن الإنسان أكل طعاماً متسمماً، الطعام المتسمم من أقوى علاجه أن يتقيأ الإنسان الطعام، فإذا تقيأه خرج هذا الطعام المتسمم، وخف عليه، فإذا فعل هذا قلنا له: الآن قمت تقيأت بعذر شرعي، فكُل واشرب حتى تعود عليك قوة بدنك، فصار القول بأن القيء مفطِّر من رحمة الله، لأنه إذا كان الإنسان غير محتاج إليه قلنا له: لا تتقيأ في الصوم الواجب، تفسد صومك، وإن احتاج إليه قلنا: تقيأ وكُل واشرب بقية يومك.