من هم الماتريدية
” الماتريدية ” : هي فرقة كلامية بدعية ، تُنسب إلى مُنشئها أبو منصور الماتريدي المتوفي سنة 333 ، أحد علماء القرن 3 الهجري ، والذي يرجع نسبه إلى ابي أيوب الأنصاري وقد تلقى علوم الفقه الحنفي والكلام على أحد كبار علماء ذلك العصر ، وهو نصر بن يحي البلخي وغيره من كبار علماء الأحناف ، وقد اتحد مع الأشعري في محاربه
المعتزلة
، وقامت هذه الطائفة في أصل أمرها : على استعمال البراهين والدلائل العقلية والكلامية في الرد بالحجة على أعدائها ، من المعتزلة والجهمية وغيرهم ، لإثبات حقائق الدين والعقيدة الإسلامية ، وقد مرت الماتريدية بعدة فترات ، ولم تُعرف بذلك الاسم سوى عقب موت مؤسسها .
اعتمدت هذه الطائفة في أسسها ونشأتها على المذهب الحنفي فقهًا وكلامًا ، حتى كانت آراء أبو حنيفة هي الأصل الذي تفرعت منه آراء إمامهم ، وقد طرحت أفكارًا ومعتقدات ميزتها عن غيرها من الفرق الاسلامية كان من أبرزها : أنهم صرحوا أن مصدر التلقي في الإلهيات والنبوات هو العقل ، وأن المعرفة واجبة بالذهن قبل ورود السمع ، وفسروا الإيمان بأنه عبارة عن التصديق والإقرار ، واعتبروا الذكورة شرطًا في النبوة ، وقالوا بإمكان رؤية العبد لربه ولكنهم جهلوا كيفيتها ، وعدُّوا الجمال والقبح من اللوازم الذاتية للأشياء ، واعتقدوا بحدوث القرآن ، وقالوا بعدم جواز التكليف بما لا يطاق.
المراحل التي مرت بها الماتريدية
مرحلة التأسيس
والتي اتسمت بقوة المحاجات مع المعتزلة ، وصاحب تلك الفترة : أبو منصور الماتريدي ، وهو محمد بن محمد بن محمود الماتريدي ، نسبة إلى قرية ماتريد وهي قرية قرب
سمرقند
فيما وراء النهر، ولد بها ، ويُعد من رواد المدرسة العقلية ، ولم يكن له نصيب في الإعتناء بالنصوص الشرعية والآثار وروايتها ، شأن الغالب الأعم من المتكلمين والأصوليين ، وقد تأثّر أبو منصور الماتريدي بعقائد الجهمية : في مجموعة من الأبواب ، أهمهما : تأويل نصوص الصفات الخبرية ، والوقوع في بدع الإرجاء ، ومقالاتهم ، كما تأثر كذلك بابن كلاب (240هـ) أول من ابتدع القول بالكلام النفسي لله عز وجل في بدعته تلك .
مرحلة التكوين
وهذه الفترة أصحابها تلامذته ومن تأثر به من بعده ، وفيه أصبحت الطائفة فرقة مستقلة بنفسها ؛ بدأت في الظهور في سمرقند ، وعملت على إصدار أفكار شيخهم وإمامهم ، ودافعوا عنها ، وصنفوا التصانيف ، متبعين مذهب الإمام أبي حنيفة في الفروع ، فراجت العقيدة الماتريدية في هذه البلاد عن غيرها ، ومن أشهر أصحاب تلك الفترة : أبو القاسم إسحاق بن محمد بن إسماعيل الحكيم السمرقندي وأبو محمد عبد الكريم بن موسى بن عيسى البزدوي .
فترة التأليف والتأصيل للعقيدة الماتريدية
تمزت هذه المرحلة بكثرة التأليف وجمع الدلائل للعقيدة ؛ ولهذا فهي أكثر أهمية من المراحل الماضية في إنشاء المذهب ، ومن أكثر أعيان تلك الفترة أهمية : أبو المعين النسفي ، ونجم الدين عمر النسفي .
فترة الإتساع والانتشار
وتعتبر من أفضَل فتراتهم ، حيث وصلت أوجَ توسعها وانتشارها في تلك الفترة ؛ وما هذا سوى لمناصرة السلاطين العثمانيين لها ، فكان قوة ونفوذ هذه الطائفة يتسع وفق اتساع سلطان
الدولة العثمانية
، فانتشرت في شرق الأرض ، وغربها ، وبلاد العرب ، والعجم ، والهند ، والترك ، وفارس ، و
الروم
، ومن أبرز من فيها خلال هذه الفترة الكمال بن الهمام ، ولذلك تشعبت وتوسّعت الماتريدية ، وكثر أتباعها في بلاد الهند وما جاورها من البلاد الشرقية : كالصين ، وبنجلاديش ، وباكستان ، وأفغانستان ، كما تشعبت وتوسّعت في بلاد تركيا ، والروم ، وبلاد ما وراء النهر، وما زال لهم وجود قوي في تلك البلاد .
اعتقاد الماتريدية وآراؤهم في تقسيم أصول الدين
وقد قسمتها هذه الطائفة بشكل مخالف لمنهج أهل السنة والجماعة على الرغم من أن القرآن والسنة وإجماع الصحابة هم مصادر التلقي عندهم حيث قسمت أصول الدين إلى ما يختص العقل بإثباته وهي الإلهيات وتشمل أبواب التوحيد والصفات ، وإلى الشرعيات والسمعيات وهي الموضوعات التي يجزم الذهن بإمكانها ثبوتا ونفيا ، ولا سبيل للعقل إليها ، مثل النبوات و
عذاب القبر
وأمور
يوم القيامة
، علما بأن بعضهم جعل النبوات من قبيل العقليات .
فقد تحدثوا كغيرهم من الفرق الأخرى ، عن ضرورة معرفة الله سبحانه وتعالى بالعقل حتى قبل السماع به ، واعتبروه أول إلزام على المكلف ولاعذر بتركه ، بل تركه يوجب العقوبة حتى ولو قبل بعثة الأنبياء والرسل ، وهذا يعارض ما جاء في الكتاب والسنة ممايجعله قولا باطلا فقد صرح الله سبحانه وتعالى : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ) الإسراء/15