ما هو بيع النجش؟

يعرف النجش لغة بأنه الإثارة، فنقول نجشت الريح الأتربة أي أثارتها، والمعنى اصطلاحًا زيادة في ثمن سلعة باتفاق مع البائع من شخص لايرغب في شرائها، ويطلق على هذا الشخص الناجش، والمثال الذي يتكرر كثيرًا على عملية التناجش يكون في المزادات حيث يدخل شخص في مزاد على بضاعة معينة وهو يعلم حاجته لشرائها فيزيد في سعرها أكثر من سعرها الحقيقي، ويقع الغبن على المشتري حيث تم خداعه.

ويكون النجش أيضا حينما يكون لدى بائع سلعة ما ويأتي مشتٍر لها، فيستعين البائع بشخص يعرفه يحضر عملية البيع ويثمن السلعة بثمن أكبر من ثمنها كي يغبن المشتري، الذي أحس هو وصاحبه البائع أنه يريد شراء السلعة، ومن صوره أيضا قول البائع للمشتري أن البضاعة محل

البيع

قد عرض عليه فيها مبلغ كذا، وعادة ما يكون سعر أكبر ويكون البائع كاذبًا يريد خداع المشتري.

ما هو بيع النجش في رأي الفقهاء؟

  • عرف كثير من

    الفقهاء

    النجش كونه ينطوي على خديعة وغبن يؤدي إلى إلحاق الضرر بالمجتمع الذي تنتشر فيه هذه الآفة التي هي عبارة عن أكل أموال الناس بالباطل.
  • فقد قال الإمام الترمذي رحمه الله في كتابه ”

    سنن الترمزي

    “، أن النجش هو أن يأتي الرجل الرجل الذي يفصل السلعة إلى صاحب السلعة فيستام بأكثر مما تَسوى، وذلك عندما يحضره المشتري، يريد أن يغتر المشتري به وليس من رأيه الشراء، وإنما يريد أن يخدع المشتري بما يستام” ومعني يستام يفصل في ثمن السلعة .
  • وقد عرف النجش الإمام الجرجاني في كتابه “التعريفات” حيث قال النجش أن تزيد في ثمن سلعة، ولا رغبة لك في شرائها”
  • وقد أوضح الحافظ ابن حجر في كتابه “فتح الباري”، فقال أن

    النجش

    هو الزيادة في ثمن السلعة ممن لا يريد شراءها ليقع غيره فيها، وقد سمي تناجشا، لأن الناجش يثير الرغبة في السلعة، ويقع ذلك بمواطاة البائع فيشتركان في الأثم.

أنواع النجش المختلفة

يوجد من النجش أنواع عديدة تشترك جميعها في وقوع ضرر على المشتري الذي يتعرض للخديعة، ومن هذه الأنواع مايلي:

  1. اشتراك الناجش والبائع للسلعة في خداع المشتري، ويكون تواطأ منهما على المشتري.
  2. يقوم الناجش بالتناجش بدون علم البائع، إذ يرفع السلعة من تلقاء نفسه.
  3. أن يغر البائع المُشتري بزعمه أنه اشتَري السلعة محل البيع بسعر أعلى من السعر الذي يبيع به للمشتري، وربما يقسم على ما يقول.
  4. أن يمدح شخص في سلعة ويعدد مزاياها وهو يعلم أن لا فائدة منها ، وذلك حتى يغري المشتري، وبعض الإعلانات مثال قوي على تلك العملية.

لا يقتصر التناجش على عملية البيع والشراء فقط، إذ قد يحدث التناجش في أمور أخري مثل تلك الصورة التي تحدث كثيرًا في مجتمعاتنا الإسلامية للأسف، وهي عندما يأتي إلى ولي أمر فتاة وقد حضر من يخطبها، فيذكر أنه يريد خطبتها هو وإنه سيقدم مهرا أغلى ليغر الخاطب بذلك، أو يذم في الفتاة التي ستتم خطبتها.

حكم النجش

هناك إجماع من الفقهاء على أن النجش حرام ومنهي عنه بقول الرسول صلّ الله عليه وسلم( لا تناجشوا)، وقد اتفق العلماء على أن الناجش عاص وآثم بفعله، لكنهم اختلفوا في حكم البيع إذا حدث بعد عملية التناجش، فقال جماعة من أهل الحديث إن البيع فاسد، وهو ما قاله

الإمام مالك،

والمشهور عند الحنابلة إذا كانت عملية التناجش تمت بمواطأة المالك أو فعله.

وقد استدل على ذلك القول بما روي عن عمر بن عبدالعزيز أن عاملا له باع سبيا، فقال له: لولا أني كنت أَزيد فأنفقه لكان كاسدا، فقال له عمر: “هذا نجش لا يحل”، فبعث مناديا ينادي: “إن البيع مردود، وأن البيع لا يحل”.

بينما قال الأحناف أن البيع صحيح، مع وقوع الإثم نتيجة التناجش، وهذا هو الرأي الأصح عند الشافعية، حيث قال الإمام الشافعي “إن نجش رجل فالناجش آثم فيما يصنع، والبيع جائز، لأن البائع غير الناجش”.

أما المالكية فقد قالوا أن للمشتري أن يختار بين أن يتم الشراء أو ينقضه، ولكن بعض المالكية قيد تحريم النجش بأن تكون قيمة الزيادة أعلى من ثمن المثل، وقالوا أن هناك ناجشا ليس عاصيا أو آثما وهو ذلك الرجل الذي رأي سلعة تباع أقل من سعرها فيزيد فيها حتي تصل إلى قيمة سعرها.

ورد البعض على هذا القول بأن على ذلك الرجل الذي زاد من سعر السلعة أن يخبر بائع السلعة بسعرها الحقيقي تاركا له الحق في البيع كيفما شاء.

النهي عن النجش

ربط أغلب الفقهاء بين آية في

سورة آل عمران

، وبين النجش حيث ورد أن الآية نزلت لتنه عن النجش حيث كان رجلا حلف بالله بعد أن أقام سلعته أنه أعطي فيها ما لم يعط، وهذا ثابت في كتب تفسير القرآن.

قال تعالى في محكم تنزيله “إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله  ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم.”

وأخرج الإمام أحمد عن

ابن عمر رضي الله

عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:”لا يبيع بعضكم على بيع بعض، ونهى عن النجش، ونهى عن بيع حبل الحبلة، كما نهى عن المزابنة التي تعني بيع الثمر بالتمر كيلا، وبيع الكرم بالزبيب كيلا.