بحث عن بر الوالدين
بر الوالدين أي الإحسان إلى الوالدين قولًا وفعلًا تقربًا إلى الله عز وجل ، وإيمانًا بأهمية ومكانة الوالدين في الإسلام فقد كرمهما الله عز وجل وجعل
طاعة الوالدين
والإحسان إليهما في المنزلة التالية لعبادته ، قال الله تعالى : { وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا }.
فضل بر الوالدين
– بر الوالدين مقدم على الجهاد:
جاء رجل إلى النبي فاستأذنه في الجهاد، فقال : « أحي والداك؟ ». قال: نعم. قال النبي: « ففيهما فجاهد »
– بر الوالدين بركة في العمر وسعة في الرزق:
عن
أنس بن مالكٍ
، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « من سره أن يبسط عليه رزقه، أو يُنسأ في أثره، فليصل رحمه » [رواه مسلم]
– بر الوالدين وصية من الله:
قال الله تعالى: { وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا } [سورة النساء: 36].
– بر الوالدين من صفات الأنبياء:
قال الله تعالى: { وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا } [سورة مريم: 31-32]
– رضا الآباء من رضا الله:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « رضا الله في رضا الوالدين وسخط الله في سخط الوالدين »
بر الوالدين في حياة الصحابة
ورد في الأثر عن صحابة رسول الله الذين تأسوا به وساروا على نهجه، برهم لأباءهم ورعايتهم لهم وتأدبهم معهم، ومن أروع الأمثلة في التأدب مع الوالدين هو الصحابي الجليل
أبو هريرة
رضي الله عنه الذي روي عنه أنه كان إذا أراد أن يخرج من بيته وقف على باب أمه فقال: السلام عليكم يا أماه ورحمة الله وبركاته، فتقول: وعليك السلام يا ولدي ورحمة الله وبركاته، فيقول: رحمك الله كما ربيتني صغيرًا، فتقول: رحمك الله كما بررتني كبيرًا.
كذلك ضرب لنا الصحابي الجليل
عبد الله بن مسعود
رضي الله عنه أروع الأمثلة عن بره بأمه وهو ما روي عنه أن أمه طلبت في إحدى الليالي ماء، فذهب ليجيء بالماء فلما جاء وجدها نائمة، فوقف بالماء عند رأسها حتى الصباح، فلم يوقظها خشية إزعاجها، ولم يذهب خشية أن تستيقظ فتطلب الماء فلا تجده
بر الوالدين في القرآن الكريم والسنة
القرآن الكريم
{ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ } [
سورة لقمان
: 14].
{ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا } [سورة الإسراء: 23-24]
{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا } [
سورة البقرة
: 83].
{ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ } [سورة الأحقاف: 15].
{ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } [سورة العنكبوت: 8]
السنة
فسئل عليه الصلاة والسلام قيل: يا رسول الله! أي العمل أفضل؟ قال: « الصلاة على وقتها ». قيل: ثم أي؟ قال: «
بر الوالدين
». قيل: ثم أي؟ قال: « الجهاد في سبيل الله »
في الصحيحين عن أبي بكرة الثقفي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « ألا أنبئكم بأكبر الكبائر » كررها ثلاثاً قالوا: بلى يا رسول الله! قال: « الإشراك بالله، وعقوق الوالدين »، وكان متكئاً فجلس، فقال: « ألا وقول الزور ألا و
شهادة الزور
».
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من أرضى والديه فقد أرضى الله، ومن أسخط والديه فقد أسخط الله »
” أويس ” نموذج عن بر الوالدين
ونحن هنا أمام نموذج شرفه الله تعالى بقبول دعاءه وما هذا إلا جزاءً لبره بأمه، فمن هو ؟ !!! إنه
أويس القرني
أحد التابعين الذي أخبر به رسول الله صل الله عليه وسلم صحابته وأخبرهم أذا قابلوه أن يطلبوا منه أن يستغفر لهم، عجبًا رسول الله يوصي صحابته أن يطلبوا من أويس أن يستغفر لهم فهل هناك منزلة أرفع من هذه؟
فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لصحابته: « يأتيكم أويس ابن عامر من اليمن، كان به برص فدعى الله، فأذهبه أذهب الله عنه هذا المرض كان له أم هو بها بر، يا عمر إذا رأيته، فليستغفر لك فمره يستغفر لك » وفي رواية أخرى « لو أقسم على الله لأبره » ، وبالفعل بعد وفاة رسول الله صل الله عليه وسلم وفي خلافة
عمر بن الخطاب
رضي الله عنه جاءه وفد من اليمن للحج وكان عمر شغوفًا أن يلقى أويس فسألهم رضي الله عنه أفيكم أويس ابن عامر؟ فجاء أويس وكان رجلًا متواضعًا من عامة الناس، فسأله عمر: أنت أويس ابن عامر؟ قال: نعم، قال: هل كان بك برص فدعوت الله فأذهبه؟ قال: نعم، قال عمر: استغفر لي! فقال أويس متعجبًا: يا عمر أنت خليفة المسلمين !! فأخبره عمر بما كان من أمر النبي صل الله عليه وسلم وأنه أخبر به، فاستغفر له أويس ، فلما انتشر الخبر أمام الناس اختفى عنهم، وذهب حتى لا يصيبه العجب، أو الثناء فيحبط عمله.