قصة ماريا والجوزة الذهبية

يحكى أنه كانت هناك فتاة صغيرة تدعى ماريا، وكانت مارية تعيش داخل بيت صغير بجانب الغابة مع أمها المريضة، كانت ماريا تجمع بين جمال القلب وجمال الوجه، فقد كانت تملك  شعر أسود طويل، ووجه أبيض نقي كنقاء قلبها، وعيون سوداء كسواد الليل الحالك، فازت ماريا بحب جميع جيرانها لها، بسبب حبها للخير، ومساعدتها للغير، وكانت تشعر بالألم والحزن لرؤية جيرانها الفقراء، وتمنت من قلبها لو تستطيع أن تقدم لهم أية مساعدة، رغم أنها كانت فقيرة أيضًا، ولكنها كانت تفكر في غيرها ولا تهتم بالتفكير في نفسها.


ماريا داخل الغابة

وفي يوم من الأيام، ذهبت ماريا إلى الغابة القريبة من بيتها الصغير، لتأتي ببعض

التوت البري

من أجل أمها المريضة، وبينما هي تقوم بجمع ثمار التوت داخل سلتها، تعثرت قدمها في شيء صلب، نظرت ماريا إلى الأسفل لترى ما الذي تعثرت به قدمها، فإذا بها تجد ثمرة جوز ذهبية كبيرة ولامعة كأشعة الشمس، تقع على الأرض، فرحت ماريا فرحًا شديد، وقالت إن تلك الجوزة باستطاعتها أن تنقذني أنا وجميع أهل بلدتي من الفقر، ولن يكون هناك بالبلدة أحد جائع أو محتاج.

مدت ماريا يدها الصغيرة لتقوم بالتقاط الجوزة الذهبية من الأرض، ولكن فجأة ظهر من بعيد ضوء شديد كاد أن يخطف بصرها من شدته، وضعت ماريا يدها على عينها من قوته، وفجأة تحول هذا الضوء إلى جنية ذات شعر ذهبي طويل، وترتدي ثياب بيضاء، وفي يدها عصاة سحرية، نظرت إليها ماريا في تعجب، ثم سألتها من أنت، قالت أنا حارسة الجوزة الذهبية، تعجبت ماريا مرة أخرى وسألتها لماذا تحرسينها، قالت لها الساحرة إن تلك الجوزة سحرية، وإذا أردت الحصول عليها، فعليك أولاً بثلاثة أمور، قالت لها ماريا وما هي تلك الأمور.


شروط الحصول على الجوزة الذهبية

قالت لها الساحرة الأمر الأول، أن هناك دب يعيش فوق قمة الجبل الموجود في أخر الغابة، وهذا الدب متوحش لا يستطيع أحد الاقتراب منه، وعليك الحصول على شعرتان من شارب هذا الدب، قالت لها ماريا، والأمر الثاني، فأجابتها الساحرة، الأمر الثاني أن هناك امرأة فقيرة تعيش داخل كوخ صغير بجانب النهر، وتلك المرأة لا تملك شيء على الإطلاق سوى طفلها الصغير، وغطاء من الصوف تحتمي به من البرد هي وصغيرها، وعليك أن تحضري شيء من تلك المرأة، سألتها ماريا وما الأمر الثالث قالت الساحرة، الأمر الثالث سؤال إذا استطعت الجواب عليه صارت الجوزة ملك لكي، ولكن لن أسألك هذا السؤال إلا بعد أن تنفذي الأمرين الأخرين.


ماريا تصعد الجبل للقاء الدب

قالت الساحرة كلماتها الأخيرة لماريا ثم اختفت، وقفت ماريا في حيرة من أمرها فكيف لها تنفيذ تلك الأمور فهي تخشى لقاء هذا الدب المتوحش، وكيف لها أن تأخذ منه الشعرتان، ولكنها لم يكن أمامها سوى المحاولة، لإنقاذ نفسها وجيرانها من الفقر، انطلقت ماريا متجهة للجبل الذي في أخر الغابة حتى تلتقي بالدب، وجعلت تصعد الجبل وقلبها يخفق بسرعة شديدة من كثرة الخوف، إلا أن وصلت إلى قمة الجبل.

وجدت ماريا الدب نائم، وقفت مكانها في حيرة شديدة وهي لا تدري ماذا عليها أن تفعل، وفجأة استيقظ الدب من نومه، فوجد ماريا واقفة مكانها، فريسة لذيذة هم أن ينقض عليها ولكنه لم يستطيع لأن قدمه كانت مصابة بشدة، فعاد يجلس مكانه وهو يبكي من شدة الألم، حتى غاب عن الوعي، نظرت إليه ماريا بأسف شديد، واقتربت منه بهدوء ثم قامت بنزع منديلها الذي كانت تضعه فوق شعرها، وقامت بلفه حول قدم الدب المصابة، حتى يتوقف الدم، ثم نزلت من فوق الجبل.

قامت ماريا بإحضار بعض شجيرات

البامبو

من الغابة، حتى يقوم الدب بأكلها، لأنه لن يستطيع البحث عن الطعام بسبب قدمه المصابة، وصعدت الجبل من جديد ثم قامت بوضع شجيرات البامبو بجانب الدب بكل حذر، ثم جلست بعيد عنه حتى استيقظ من نومه فوجد قدمه مربوطة والطعام أمامه، ففرح بالطعام كثير لأنها كان جائع بشدة، وبعد أن انتهى من الأكل، نظر إلى ماريا التي كانت تراقبه من بعيد نظرت امتنان وشكر بسبب ما فعلته، وهذا ما شجعها على الاقتراب منه.

جلست ماريا بجانب الدب، ورغم علمها بأنه لن يفهم حديثها ولكنها حكت له حكاية الجوزة الذهبية، والشروط التي أملتها عليها الساحرة، والدب ينظر إليها في صمت، فأحست بأنه قد استطاع فهم حديثها، فنظرت إليه وسألته هل من الممكن أن أخذ منك الشعرتان، فاقترب منها الدب، الذي كان ممتن لما فعلته معه، لتأخذ الشعرتان من شاربه، أخذت ماريا الشعرتان وهي في شدة الفرح، وشكرت الدب كثير، ثم ودعته وانصرفت.


ماريا في كوخ المرأة الفقيرة

كان على ماريا أن تنفذ الأمر الثاني قبل أن تعود للقاء الساحرة، ولذا أسرعت بالذهاب إلى كوخ المرأة الفقيرة وبالفعل وجدته بجانب النهر، فقامت بالاقتراب من الكوخ، ثم قالت هل من أحد هنا، فخرجت لها امرأة يبدو عليها الفقر الشديد، وترتدي ثياب مرقعة، وسمحت لها المرأة بالدخول إلى الكوخ، دخلت ماريا إلى الكوخ فلم تجد به أي شيء سوى طفل صغير نائم، وغطاء من الصوف تم تغطية الصغير به، وهذا بالفعل ما أخبرتها به الساحرة، شردت ماريا طويلا وجعلت تسأل نفسها في حيرة شديدة ماذا عليه أن أخذ من هذا الكوخ الذي لا يوجد بداخله شيء.

سألت ماريا المرأة ماذا أصاب طفلك أهو مريض؟ قالت لها المرأة: نعم، فقد أصابه سحر قوي وليس هناك أي طريقة لشفائه، إلا طريقة واحدة، سألتها ماريا وما هي تلك الطريقة، قالت لها إذا قامت فتاة صغيرة بقص شعرها ووضعته حول خصر الطفل شفي في الحال، لم تفكر ماريا طويلًا وقامت بأخذ منجل كان يوجد بخارج الكوخ كانت المرأة تستخدمه في قطع جزوع الأشجار من أجل استخدامها كحطب.

وعلى الفور قامت ماريا بقص شعرها الطويل وقامت بلفه حول خصر الصغير، فاستعاد صحته على الفور، فرحت المرأة فرح شديد بشفاء ابنها، ولم تعلم كيف تكافئ ماريا على ما فعلته، وقالت لها إنني لا املك شيء حتى أعطيه لك جزاء لما فعلتيه، ولكن خذي هذا المنجل ذكرى مني تذكرك بي، فرحت ماريا كثير لأنها قد أخذت شيء من المرأة وهذا شرط الساحرة الثاني وشكرت المرأة ثم ودعتها وانصرفت.


ماريا تعود للقاء الساحرة

عادت ماريا إلى الغابة، ووقفت في المكان الذي التقت فيه بالسحرة، وانتظرت قدومها، لم يمر وقت طويل حتى عادت الساحرة بالظهور من جديد، فقالت لها ماريا لقد أحضرت الشعرتان من شارب الدب، وأحضرت هذا المنجل من المرأة الفقيرة، كانت الساحرة تراقب، ماريا من بعيد، وشاهدت كل ما فعلته ماريا مع الدب ومع المرأة الفقيرة، ولكنها قالت لماريا، مازال هناك سؤال صغير وعند إجابتك عليه إجابة صحيحة بعدها تصبح الجوزة ملك لك.

سألتها ماريا بلهفة شديدة وما هذا السؤال، قالت لها لماذا تريدين أخذ الجوزة الذهبية؟ قالت لها من أجل أن أتخلص من الفقر أنا وجيراني بالبلدة، قالت لها ولكن هناك شرط حتى تستطيعي الحصول على الجوزة، فإما أنا تأخذيها أنت وحدك ووقتها لا يجوز لك تقاسمها مع أحد، أو تعطيها لجيرانك ووقتها أيضا ليس من حقك تقاسمها معهم، وإذا قمت بمخالفة هذا الشرط وقتها تتحول الجوزة الذهبية إلى حجر في الحال.

حزنت ماريا كثير فهي لا تستطيع أخذ الجوزة الذهبية لنفسها وتتخلى عن جيرانها لأن قلبها طيب وتحب الخير للناس أكثر من حبها لنفسها، وهي أيضا حزينة لأنها كانت تريد أن تتخلص من الفقر هي وأمها المريضة، ولكنها لم تفكر كثير.


ماريا تفوز بالجوزة الذهبية

قالت ماريا للساحرة، ليس مهم سوف أعطي الجوزة الذهبية لجيراني حتى يصبحوا سعداء، ووقتها سوف أشعر بالسعادة لأن من حولي سعيد، ابتسمت الساحرة مما قالته ماريا، وقالت لها لقد شاهدت ما فعلتيه من أجل الدب فكان باستطاعتك تركه جريح وجائع وتفري بالهرب ولكنك، قمتي بمعالجة جرحه وأحضرت له الطعام، وشاهدت أيضا ما فعلته مع المرأة الفقيرة وكيف تخليتي عن شعرك من أجل طفلها المريض.

والآن وبعد كل هذا العناء تتخلين عن الجوزة الذهبية من أجل جيرانك، وهذا يدل على نقاء قلبك، وصفاء روحك، ولهذا فإن الجوزة الذهبية قد أصبحت من حقك افعلي بها ما تشائين وقومي بمشاركتها مع من تحبين، وقامت الساحرة بتحويل بيت ماريا إلى قصر كبير من الذهب، وكذلك جميع بيوت البلدة تحولت إلى قصور من الذهب، ولم يعد بالبلدة فقير أو محتاج، وعاش الجميع بسعادة دائمة، فمن يفعل الخير لا يحصد إلا الخير الكثير.