سبب نزول الآية ” الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه “

{الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ} [سورة الزمر: 18] تفسير الطبري للآية مع بيان سبب نزولها لكل من

الإمام الطبري

والإمام القرطبي وابن كثير رحمة الله عليهم جميعًا.


تفسير الطبري :



{ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ }

يقول الله جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : فبشر يا محمد عبادي الذين يستمعون القول من القائلين، فيتبعون أرشده وأهداه، وأدله على توحيد الله، والعمل بطاعته، ويتركون ما سوى ذلك من القول الذي لا يدل على رشاد، ولا يهدي إلى سداد، وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل، ذكر من قال ذلك : حدثنا بشر قال : ثنا يزيد، قال : ثنا سعيد، عن قتادة :

{


فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ }

وأحسنه طاعة الله، حدثنا محمد قال : ثنا أحمد، قال : ثنا أسباط، عن السدي في قوله :

{


فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ }

قال : أحسن ما يؤمرون به فيعلمون به.

وقوله :

{ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ


}

يقول تعالى ذكره :

{ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ }

،

{


الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ


}

، يقول : وفقهم الله للرشاد وإصابة الصواب، لا الذين يعرضون عن سماع الحق، ويعبدون ما لا يضر، ولا ينفع وقوله :

{ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ }

يعني : أولوا العقول والحجا.


سبب نزول الآية :


ذكر الإمام الطبري أن هذه الآية نزلت في رهط معروفين وحدوا الله، وبرئوا من عبادة كل ما دون الله قبل أن يبعث نبي الله ، فأنزل الله هذه الآية على نبيه يمدحهم. ذكر من قال ذلك : قال ابن زيد في قوله : { وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ }، حدثني أبي أن هاتين الآيتين نزلتا في ثلاثة نفر كانوا في الجاهلية يقولون : لا إله إلا الله : زيد بن عمرو، وأبي ذر الغفاري، و

سلمان الفارسي

، نزل فيهم : { وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا } في جاهليتهم { وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ } وهو: لا إله إلا الله ، أولئك الذين هداهم الله بغير كتاب ولا نبي { وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ }.

وقال الإمام ابن كثير في سبب نزول الآية: قال زيد بن أسلم: نزلت الآية في زيد بن عمرو وأبي ذر وسلمان الفارسي رضي اللّه تعالى عنهم، والصحيح أنها شاملة لهم ولغيرهم، ممن اجتنب عبادة الأوثان، وأناب إلى عبادة الرحمن، فهؤلاء لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة.

وقال الإمام القرطبي : روي أنها نزلت في عثمان و

عبدالرحمن بن عوف

وسعد وسعيد وطلحة والزبير رضي الله عنهم؛ سألوا أبا بكر رضي الله عنه فأخبرهم بإيمانه فآمنوا. وقيل : نزلت في زيد ابن عمرو بن نفيل وأبي ذر وغيرهما رضي الله عنهم ممن وحد الله تعالى قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم.