تفسير قوله تعالى ” علم الله انكم كنتم تختانون انفسكم “

يقول الله تعالى في كتابه العزيز ” عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ”، و لكي نفهم معنى تختانون انفسكم سوف نشرح تفسير الآية بالتفصيل في قوله عز و جل: “أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ ۚ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ۗ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ ۖ “.


تفسير الآية عند ابن كثير


يفسر ابن كثير قول الله عز و جل:” أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ ۚ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ۗ”، بأن تلك الآية هي رخصة من الله عز و جل للمسلمين لأمر كان محرما قبل الاسلام، حيث جاء الاسلام و أحل للرجل اذا افطر ان يأكل و يشرب كما يحلو له، و ان يجامع زوجته كما شاء، بينما كان الامر قبل الاية ان لا يأكل او يشرب او يجامع زوجته بعد صلاة العشاء او اذا نام قبل صلاة العشاء.


سبب نزول الآية


يقول

ابن كثير

ان سبب نزول الآية يرجع الى موقف مر به قيس بن صرمة الأنصاري، حيث كان أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم إذا كان الرجل صائما فنام قبل أن يفطر لم يأكل و لم يشرب و لم يقرب زوجته حتى مغرب اليوم التالي، و كان قيس صائما و يعمل في ارضه و لما رجع لبيته طلب الطعام من امرأته فلم يكن عندهم طعام فخرجت تشتري الطعام و عادت فوجدته قد غلبه النوم، و لما انه نام قبل ان يفطر اكمل صومه لليوم التالي دون طعام او شراب، و تسبب الامر في جعله يفقد وعيه ظهر اليوم التالي، فذهب يذكر ذلك لرسول الله، فنزلت الآية.


تفسير قوله علم انكم كنتم تختانون انفسكم


يقول ابن كثير ان القصد من قول الله عز و جل: “علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم” اي ان الله يعلم ايها المسلمون انكم تجامعون النساء و تأكلون و تشربون بعد العشاء، فتاب عليكم و عفا عنكم فالآن باشروهن و جامعوهن و ابتغوا ما كتب الله لكم، و كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل، فكان ذلك عفوا من الله وررحمة.


سبب النزول


يقول ابن كثير في تفسيره للآية: كان الناس في رمضان إذا صام الرجل فأمسى فنام، حرم عليه الطعام و الشراب و النساء حتى يفطر من الغد، فرجع عمر بن الخطاب من عند النبي صلى الله عليه و سلم ذات ليلة و قد سمر عنده، فوجد امرأته قد نامت فأرادها، فقالت: إني قد نمت، فقال: ما نمت، ثم وقع بها، و صنع كعب بن مالك مثل ذلك، فغدا عمر بن الخطاب إلى النبي صلى الله عليه و سلم فأخبره فأنزل الله: “علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم و عفا عنكم فالآن باشروهن”.


تفسير قوله حتى يتبين لكم الخيط الابيض


يقول ابن كثير ان الله تعالى أباح الأكل و الشرب، مع ما تقدم من إباحة الجماع في الليل، فقال تعالى: “و كلوا و اشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود”، و لم يقل الله عز و جل: “من الفجر”، و قال الإمام أحمد: حدثنا هشيم، أخبرنا حصين، عن الشعبي، أخبرني عدي بن حاتم قال: لما نزلت هذه الآية: “و كلوا و اشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود”، عمدت إلى عقالين، أحدهما أسود و الآخر أبيض، قال: فجعلتهما تحت وسادتي، قال: فجعلت أنظر إليهما فلا تبين لي الأسود من الأبيض، و لا الأبيض من الأسود، فلما أصبحت غدوت على رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخبرته بالذي صنعت، فقال: ” إن وسادك إذا لعريض، إنما ذلك بياض النهار و سواد الليل”.