قصة حديث مجتابي النمار

مجتابي النمار هم جماعة وفدوا إلى رسول الله صل الله عيه وسلم من قبيلة مضر، كانوا على هيئة وحال، جعلت رسول الله يقف في المسلمين ليخطب فيهم يطلب منهم التكافل والتآزر فيما بينهم، وفي هذه القصة ضرب المسلمون أروع مثال للتضامن الاجتماعي حققوا فيها حديث رسول الله صل الله عليه وسلم : « المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا »، وقد ورد حديث مجتابي النمار في كتاب رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين للإمام النووي رحمه الله.


حديث مجتابي النمار :


عن جرير بن عبدالله رضي الله عنه قال: كنا في صدر النهار عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءه قوم عُراة مُجتابي النِّمار أو العَباء متقلدي السيوف، عامتهم من مُضر، بل كلهم من مضرَ؛ فتمعَّر وجهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، لِما رأى بهم من الفاقةِ، فدخل ثم خرج، فأمر بلالاً فأذَّن وأقام، ثم صلى، ثم خطب فقال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}، والآية الأخرى التي في آخر الحشر: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ}، تصدَّقَ رجلٌ من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بُرِّه، من صاع تمره، حتى قال: ولو بشِق تمرة، قال: فجاء رجل من الأنصار بصُرَّة كادت كَفُّه تَعجِز عنها، بل قد عجزت؛ ثم تتابَعَ الناسُ حتى رأيت كَوْمَينِ من طعامٍ وثياب، حتى رأيتُ وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلَّل كأنه مُذْهَبَة؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « مَن سنَّ في الإسلام سنة حسنة، فله أجرها وأجر مَن عمِل بها بعده، من غير أن يَنقُص من أجورهم شيء؛ ومن سنَّ في الإسلام سنة سيئة، كان عليه وزرها ووزر من عمِل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء » [ رواه مسلم ]


معاني كلمات الحديث :

مجتابي النمار :

النِّمار: جمع نَمِرة، وهي الكساء من الصوف المُخطَّط


فتمعَّر :

أي تغيَّر وجهُه.


والمُذْهَبة :

القطعة المطليَّة بالذهب.


قصة مجتابي النمار :


يروي جرير ابن عبدالله قصة مجموعة من الفقراء جاءوا إلى رسول الله صل الله عليه وسلم من قبيلة مضر، وهي إحدى قبائل العرب الشهيرة، يشتكون الفاقة والفقر، كانوا يرتدون ملابس رثة مقطعة من الصوف لا تستر أجسامهم بالكامل ومتقلدين سيوفهم، فلما رآهم رسول الله صل الله عليه وسلم على هذه الحالة تغير وجهه ورق لحال هؤلاء المسلمين فدعى

بلال

أن يؤذن في الناس ليجمعهم.

ولما حضر المسلمون بين يدي

رسول الله

صل الله عليه وسلم خطب فيهم وذكرهم بتقوى الله عز وجل قائلًا: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} ونبههم إلى مراقبة الله تعالى لعباده، ثم حثهم على العطية والصدقة مذكرًا إياهم أن ما يقدمه الرجل اليوم هو ذخيرة وحصيلة للغد أي في الآخرة قائلًا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ}.

فضرب المسلمون هنا أروع الأمثلة في التكافل والتضامن فيما بينهم فقدموا لإخوانهم ما فاضت به أنفسهم وأثروهم على نفسهم حتى ارتضى رسول الله صل الله عليه وسلم، وأخبرهم بجزاء من يستن سنة حسنة في الإسلام، وكذلك حذرهم ممن يستن سنة سيئة في الإسلام.