سبب نزول ” إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها “

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الله وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآَخِرَةَ فَإِنَّ الله أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا } [سورة الأحزاب: 28-29]


سبب نزول الآيات ابن كثير :


هذا أمر من الله تبارك وتعالى لرسول الله صل الّه عليه وسلم، بأن يخير نساءه بين أن يفارقهن فيذهبن إلى غيره، ممن يحصل لهن عنده الحياة الدنيا وزينتها، وبين الصبر على ما عنده من ضيق الحال، ولهن عندش الله تعالى في ذلك الثواب الجزيل، فاخترن رضي الله عنهن وأرضاهن، الله ورسوله والدار الآخرة، فجمع الله تعالى لهن بعد ذلك بين خير الدنيا وسعادة الآخرة.

روى البخاري عن

عائشة رضي الله عنها

زوج النبي صل الله عليه وسلم أن رسول الله صل الله عليه وسلم جاءها حين أمره الله تعالى أن يخيّر أزواجه، قالت: فبدأ بي رسول الله صل الله عليه وسلم فقال : «إني ذاكر لك أمراً فلا عليك أن لا تستعجلي حتى تستأمري أبويك» قالت : وقد علم أن أبويَّ لم يكونا يأمراني بفراقه، قالت : ثم قال : «إن الله تبارك تعالى قال: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ }» الآيتين، قالت عائشة رضي الله عنها فقلت : أفي هذا أستأمر أبويّ؟ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة [خرجه البخاري، وفي بعض رواياته عن عائشة قالت: ثم فعل أزواج النبي صل الله عليه وسلم مثل ما فعلت].

وروى الإمام أحمد عن جابر رضي الله عنه قال : أقبل أبو بكر رضي الله عنه يستأذن رسول الله صل الله عليه وسلم، والناس ببابه جلوس، والنبي صل الله عليه وسلم جالس فلم يؤذن له، ثم أقبل

عمر رضي الله عنه

، فاستأذن فلم يؤذن له، ثم أذن لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما فدخلا والنبي صل الله عليه وسلم جالس وحوله نساؤه، وهو صل الله عليه وسلم ساكت، فقال عمر رضي الله عنه: لأكلمن النبي صل الله عليه وسلم لعله يضحك.

فقال عمر رضي الله عنه : يا رسول الله لو رأيت ابنة زيد ” امرأة عمر”- سألتني النفقة آنفاً فوجأت عنقها، فضحك النبي صل الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه وقال: «هن حولي يسألنني النفقة»، فقام

أبو بكر

رضي الله عنه إلى عائشة ليضربها، وقام عمر رضي الله عنه إلى حفصة كلاهما يقولان : تسألان النبي صل الله عليه وسلم ما ليس عنده، فنهاهم رسول الله صل الله عليه وسلم فقلن : والله لا نسأل رسول الله صل الله عليه وسلم بعد هذا المجلس ما ليس عنده.

قال: وأنزل الله عزَّ وجلَّ الخيار، فبدأ بعائشة رضي الله عنها فقال: «إني أذكر لك أمراً ما أحب أن تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك»  قالت وما هو؟ قال فتلا عليها : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ } قالت عائشة رضي الله عنها أفيك أستأمر أبوي؟ بل أختار الله تعالى ورسوله، وأسألك أن لا تذكر لامرأة من نسائك ما اخترت، فقال صل الله عليه وسلم : «إن الله تعالى لم يبعثني معنفاً ولكن بعثني معلماً ميسراً، لا تسألني امرأة منهن عما اخترت إلا أخبرتها» [ أخرجه مسلم والإمام أحمد ].

قوله تعالى: { فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا } أي أعطيكن حقوقكن وأطلق سراحكن، قال عكرمة : وكان تحته يؤمئذ تسع نسوة، خمس من قريش : عائشة، وحفصة، و

أم حبيبة

، وسودة، وأم سلمة رضي الله عنهن، وكانت تحته صل الله عليه وسلم صفية بنت حيي النضيرية، وميمونة بنت الحارث الهلالية، وزينب بنت جحش الأسدية، وجويرية بنت الحارث المصطلقية رضي الله عنهن وأرضاهن أجمعين.