قصة استشهاد أبو عقيل بن ثعلبة بطل اليمامة
أبو عقيل عبد الرحمن بن ثعلبة وهو بدري شهد المشاهد كلها مع رسول الله صل الله عليه وسلم، شهد بدرَا وأُحُدًا و
الخندق
كان كاتبًا، وكان اسمه في الجاهلية عبد العُزى، فسماه النبي صَلَّ الله عليه وسلم: عبد الرحمن، ضرب أروع الأمثال في البطولة أثناء موقعة اليمامة لما شعر بأن الغلبة للكفار عليهم فأصر على استكمال المعركة رغم كثرة جروحه رضي الله عنه، فكافأه الله بالشهادة وقال فيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما سمع بأمره كان رضي الله عنه من خيار أصحاب نبینا صل الله عليه وسلم وقديم إسلامهم.
موقعة اليمامة:
روى
ابن الجوزي
عن جعفر بن عبد الله بن أسلم، قال: لما كان يوم اليمامة، واصطف الناس كان أول من جرح من المسلمين أبو عقيل عبد الرحمن بن ثعلبة، رمي بسهم فوقع بين منكبيه وفؤاده في غير مقتل، فأخرج السهم ووهن له شقه الأيسر في أول النهار وجر جريحًا إلى الرحل، فلما حمي القتال واشتد انهزم المسلمون وجاوزوا رحالهم، وأبو عقيل واهن من جرحه، حتى سمع معن بن عدي يصيح ويحث المسلمين على الإقدام في مواجهة عدوهم قائلًا: يا للأنصار، الله الله والكرة على عدوكم.
وأنا أجيبه ولو حبوًا:
قال
عبد الله بن عمر
رضي الله عنهما، لما سمع أبو عقيل النداء كان جريحًا، نهض يريد قومه، فقلت له: ما تريد؟ ما فيك قتال أي لا تستطيع القتال وأنت جريح واهن، قال أبو عقيل: قد نوه المنادي باسمي، قال ابن عمر: فقلت له: إنما يقول: يا للأنصار، ولا يعني الجرحى، قال أبو عقيل: أنا من الأنصار، وأنا أجيبه ولو حبواً، قال ابن عمر: فقام أبو عقيل فتحزم وأخذ السيف بيده اليمنى، ثم جعل ينادي: يا للأنصار كرة كيوم حنين فاجتمعوا رحمكم الله جميعا تقدموا فالمسلمون دريئة دون عدوهم أي يستترون حتى يخدعوا عدوهم، حتى أقحموا الكفار في الحديقة فاختلطوا واختلفت السيوف بيننا وبينهم.
الإصابة في سبيل الله ثم الشهادة:
قال ابن عمر: فنظرت إلى أبي عقيل وقد قطعت يده، المجروحة من المنكب فوقعت إلى الأرض وبه من الجراح أربعة عشر جرحًا كلها قد خلصت إلى مقتل وقتل عدو الله مسيلمة، قال ابن عمر: فوقفت على أبي عقيل وهو صريع بآخر رمق فقلت: يا أبا عقيل، قال: لبيك بلسان ملتاث “أي ثقيل وبطئ في الكلام”، لمن الدبرة؟ أي لمن النصرة والغلبة، قلت: أبشر قد قتل عدو الله، فرفع إصبعه إلى السماء يحمد الله، ومات يرحمه الله،
قال ابن عمر: فأخبرت عمر، بعد أن قدمت خبره كله، فقال: رحمه الله، ما زال يسعى للشهادة ويطلبها، وإن كان ما علمت من خيار أصحاب نبینا صل الله عليه وسلم وقديم إسلامهم رضي الله عنه.