الخميرة المعدلة واستخدامها وراثيا لتصنيع الأدوية المعقدة

اكتشف المهندسون البيولوجيون طريقة لصنع النوسكابين، وهو مثبط للسعال غير مخدر، يعد إحدى عائلات الخشخاش، والذي يحدث طبيعيا في خشخاش الأفيون، وخميرة البيرة .


استخدام الخميرة المعدلة وراثيا لتصنيع الأدوية المعقدة


لقد اكتشف المهندسون البيولوجيون في

جامعة ستانفورد

طريقة لصنع النوسكابين، وهو مثبط للسعال غير مخدر والذي يحدث بشكل طبيعي في خشخاش الأفيون وفي خميرة البيرة، حيث أدخل الباحثون 25 جينا غريبا في الفطر ذو الخلية الواحدة، لتحويلها إلى مصنع فعال لإنتاج الدواء، وجاءت العديد من الجينات المدرجة من الخشخاش، لكن العديد منها جاء من نباتات أخرى وحتى من الجرذان، وكل هذه الجينات كانت وصفات للإنزيمات : آلات البروتين التي تعمل معا، والتي يمكنها أن تبني مواد معقدة من مواد ابتدائية بسيطة .


حول الدراسة


قام الباحثون بتعديل بعض الجينات النباتية والفئران والخميرة، وكذلك الوسط الذي تنتشر فيه الخميرة لمساعدة كل شيء يعمل بشكل أفضل معا، وكانت النتيجة تحسين 18000 مرة في إنتاج النوسكابين، مقارنة مع ما يمكن الحصول عليه بمجرد إدخال جينات النبات والفئران في الخميرة .


تصريحات كريستينا سمولك


قالت كريستينا سمولك أستاذة الهندسة الحيوية : ” هذه التكنولوجيا ستغير طريقة تصنيع الأدوية الأساسية “، وستكون هناك حاجة إلى تحسينات إضافية تبلغ مائة ضعف من أجل الجدوى التجارية، على حد قولها، لكن يمكن تحقيق الكثير من ذلك عن طريق استبدال المفاعلات الحيوية على نطاق واسع بقوارير مختبرية بسيطة، وقد تم نشر هذه الدراسة في الثاني من أبريل الجاري في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم، وتعد سمولك هي المؤلف الرئيسية للدراسة وعالمة ما بعد الدكتوراه، وهي الآن أستاذة مساعدة في الهندسة الكيميائية والبيئية في جامعة كاليفورنيا – إيرفين .


دواء السرطان


تم اكتشاف قدرة النوسكابين على قمع

السعال

في عام 1930، وقد استخدم هذا الدواء على نطاق واسع منذ 1960 كدواء للسعال في جميع أنحاء آسيا وأوروبا وأمريكا الجنوبية، وكذلك في كندا وأستراليا وجنوب أفريقيا، والتجارب ما قبل السريرية تشير إلى احتمال أن يكون النوسكابين عقار مضاد للسرطان، مع أقل سمية للخلايا السليمة من العلاج الكيميائي المتاحة حاليا .


مصدر النوسكابين


مصدر النوسكابين الوحيد القابل للتطبيق هو خشخاش الأفيون، حيث يتم استخراج العديد من أطنان النوسكابين سنويا من المصنع، والتي تستغرق سنة كاملة حتى تنضج، في حين أن النوسكابين في حد ذاته غير ضار، فإن احتمالات وجود الخشخاش غير المشروعة تتطلب ضوابط مكلفة وتقييدية، ويمكن زراعة النباتات بطريقة قانونية فقط في منطقة جغرافية مركزية .

ويوجد نصف عدد نبات الخشخاش الناتج عن النوسكابين في أستراليا، والباقي معظمها في الهند وفرنسا وتركيا والمجر، مما يجعل إنتاج النوسكابين العالمي خاضعا للأحداث البيئية المحلية ولظروف التربة والمغذيات المختلفة، وبالإضافة إلى ذلك يجب فصل النوسكابين بشكل جيد عن العديد من المواد الجزيئية المصاحبة، والمخدرات وغيرها، التي لا تحدث في

الخميرة

.


الخميرة البيرة


يمكن لخلايا الخميرة التي أنتجتها شركة سمولك أن تخرج كميات كبيرة من عقار النوسكابين في غضون ثلاثة أو أربعة أيام، وقد حقق الباحثون هذه النتيجة عن طريق خياطة ثلاثة أقسام منفصلة من مسار تخليق النوسكابين في سلالة خميرة واحدة، وفي البداية كان إنتاج النوسكابين هزيلا حسبما قالت سمولك، حيث صرحت : ” لقد حصلنا على أدويتنا من العالم الطبيعي بشكل رئيسي من النباتات، ولكن خطوط التركيب الجزيئي للنباتات تطورت لتحسين بقاء النباتات، وليس لتخليق دواء من مادة واحدة نحن البشر نرغب في وضع أيدينا عليها، وبالإضافة إلى ذلك نحن نضعهم في سلالة الخميرة لدينا، وهي عصب غريب، وهناك خلية مشتركة للخميرة وخلية الخشخاش لديهم الكثير من القواسم المشتركة، ولكن في بعض النواحي تختلف اختلاف الأرض والمريخ ” .


الإنزيمات


يحفز كل إنزيم مجموعته المحدودة من التفاعلات الكيميائية، لذا فإن تركيب المواد الكيميائية المعقدة يتطلب خط تجميع كامل من إنزيمات مختلفة، تعمل بالتنسيق مع بعضها البعض بشكل مثالي مع كل إنزيم في سلسلة الإنتاج، بحيث يولد ما يكفي فقط من منتج وسيط معين لإبقاء المنتج التالي مشغولا، وكما هو الحال مع حزام ناقل مصنع كان النشاط قليل جدا، أو أكثر من اللازم، وفي أي وقت يمكن أن يتشوش الخط، وتحتاج الإنزيمات إلى إمدادات الطاقة أيضا، وبعضها يحتاج إلى مساعدة من جزيئات إضافية قد تكون موجودة في الكائن الحي الذي يأتي منه، ولكن ليس بالضرورة في خلية خميرة .

وينطوي ذلك من بين أمور أخرى على الربط في جينات الفئران التي توجه إنتاج الدوبامين، وهو وسيط رئيسي في تخليق النوسكابين، إن إنتاج الدوبامين في النباتات غير مفهوم بشكل جيد، ولكن بسبب أهمية الدوبامين باعتباره مادة كيميائية حاسمة في الجهاز العصبي للحيوان، فإن الإنزيمات المسئولة عن إنتاجه توجدفي الثدييات بشكل مكثف، وقد استخدم العلماء كريسبر، وهي أداة لتحرير الجينات، لتغيير الجينات المدخلة بحيث تعمل الإنزيمات التي تم تشفيرها بشكل أكثر كفاءة، وسط الحموضة الغريبة والطابع الأسموزي والتركيب الكيميائي لمنزلهم الجديد، وحافظت أيضا على إنتاج الخميرة لمادة كيميائية كانت مستوياتها منخفضة جدا للحفاظ على إنتاج النوسكابين القوي .


براءة الاختراع


قالت سمولك : ” لم نعد محصورين بما يمكن أن تقوم به الطبيعة، نحن ننتقل إلى عصر يمكننا فيه استعارة عمليات تصنيع الطب الطبيعي، وباستخدام الهندسة الوراثية نبني مصانع صغيرة مصغرة تصنع ما نريد “، ويحمل مكتب ترخيص التكنولوجيا في ستانفورد براءات الاختراع المعلقة على الملكية الفكرية المرتبطة بالنتائج في هذه الدراسة، وقد قامت شركة Antheia Inc وهي شركة تعمل في مجال التكنولوجيا الحيوية ومقرها في مينلو بارك بولاية كاليفورنيا، والتي أسستها شركة سمولك في عام 2015، بترخيص التكنولوجيا من شركة ستانفورد وتعمل الآن على تسويق إنتاج النوسكابين في الخميرة، جدير بالذكر أن سمولك هي الرئيس التنفيذي في Antheia .