سبب نزول الآية ” وما نتنزل إلا بأمر ربك له “

{وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [سورة مريم: 64-65]


سبب نزول الآية:


– عن

ابن عباس

رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم لجبرائيل: «ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما تزورنا؟» قال، فنزلت: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [أخرجه البخاري في باب التفسير ورواه الإمام أحمد].

– وقال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: احتبس جبرائيل عن رسول الله صل الله عليه وسلم، فوجد رسول الله صل الله عليه وسلم من ذلك وحزن، فأتاه جبرائيل وقال: يا محمد {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا}.


تفسير الآيات:



{وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ}:

وهذا التنزيل يحتمل وجهين: أحدهما: إنا إذا أُمرنا نزلنا عليك، والثاني إذا أمرك ربك نزّلنا عليك فيكون الأمر على الأول متوجهًا إلى النزول وعلى الوجه الثاني متوجهًا إلى التنزيل.

{لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا}:

قيل: المراد ما بين أيدينا أمر الدنيا، وما خلفنا أمر الآخرة

{وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ}:

ما بين النفختين، وهذا قول عكرمة ومجاهد والسدي، وقيل

{مَا بَيْنَ أَيْدِينَا}:

ما يستقبل من أمر الآخرة،

{وَمَا خَلْفَنَا}:

أي ما مضى من الدنيا،

{وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ}:

أي ما بين الدنيا والآخرة، واختاره ابن جرير، والله أعلم.


{وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا}:

قال مجاهد والسدي: معناه ما نسيك ربك، وقد تقدم عنه أن هذه الآية كقوله: {وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} [سورة الضحى: 1-3]، وعن

أبي الدرداء

يرفعه قال: «ما أحل الله في كتابه فهو حلال وما حرمه فهو حرام وما سكت عنه فهو عافية فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسى شيئاً»، ثم تلا هذه الآية: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [رواه ابن أبي حاتم]

وقوله:

{رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا}:

أي خالق ذلك ومدبره، والحاكم فيه والمتصرف الذي لا معقب لحكمه،

{فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا}

قال ابن عباس رضي الله عنهما: هل تعلم للرب مثلاً أو شبيهاً وهو قول مجاهد وقتادة وسعيد بن جبير وغيرهم . وقال عكرمة، عن ابن عباس: ليس أحد يسمى الرحمن غيره تبارك وتعالى وتقدس اسمه،  وروى إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال: هل تعلم له ولدًا أي نظيرا أو مثلا أو شبيها يستحق مثل اسمه الذي هو الرحمن،

{وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ}:

أي لطاعته ولا تحزن لتأخير الوحي عنك بل اشتغل بما أمرت به وأصل اصطبر اصتبر فثقل الجمع بين التاء والصاد لاختلافهما فأبدل من التاء طاء كما تقول من الصوم صطام.

قد يهمك:

التعليقات مغلقة.