قصة التاجر ذو الحيلة الذكية
قصة التاجر ذو الحيلة الذكية من
كتاب الأذكياء لابن الجوزي
، يحكيها الشاعر عبد الواحد بن نصر المخزومي الشهير بالببغاء، وتحكي القصة عن تاجر غني سار في رحلة مع مجموعة من المسافرين الفقراء، وعندما تعرض لهم اللصوص، حاولوا الدفاع عنه وعن أنفسهم لكن التاجر منعهم فقد كانت لديه حيلة جعلته يتفوق على كل اللصوص بدون أن يبرح مكانه، فما هي هذه الحيلة؟
التاجر في طريقه إلى الشام:
قال عبدالواحد بن نصر المخزومي: أخبرني من أثق به أنه خرج في طريق الشام مسافرًا يمشي وعليه مرقعة “ثوب به رُقع”، وهو في جماعة نحو الثلاثين رجلًا كلهم على هذه الصفة، فصحبنا في بعض الطريق رجل شيخ حسن الهيئة ومعه حمار فاره يركبه، ومعه بغلان عليهما رجل وقماش ومتاع فاخر، فقلنا له: يا هذا إنك لا تفكر في خروج الأعراب علينا!! فإنه لا شيء معنا يؤخذ وأنت لا تصلح لك صُحبتنا مع ما معك، فقال: يكفينا الله، ثم سار ولم يقبل منا.
التاجر السخي والأعراب:
يقول عبد الواحد المخزومي: وكان هذا الرجل إذا نزل يأكل استدعى أكثرنا فأطعمه وسقاه، وإذا عيي الواحد منا أركبه على أحد بغليه، وكانت جماعة تخدمه وتكرمه وتتدبر برأيه إلى أن بلغنا موضعًا، فخرج علينا نحو ثلاثين فارسًا من الأعراب، فتفرقنا عليهم ومانعناهم. فقال الشيخ: لا تفعلوا، فتركناهم ونزل فجلس وبين يديه سفرته، ففرشها وجلس يأكل، وأظلتنا الخيل.
فلما رأوا الطعام “يعني اللصوص” دعاهم إليه فجلسوا يأكلون، ثم حلّ رحله وأخرج منه حلوة كثيرة وتركها بين يدي الأعراب، فلما أكلوا وشبعوا جمدت أيديهم وخدرت أرجلهم ولم يتحركوا، فقال لنا: أن الحلو مبنج، أعددته لمثل هذا وقد تمكن منهم وتمت الحيلة.
الانتقام من اللصوص:
قال التاجر لأصدقائه: لا يفك هذا البنج إلا أن تصفعُوهم، فافعلوا فإنهم لا يقدرون لكم على ضرر ونسير، ففعلوا فما قدروا على الامتناع، فعلمنا صدق قوله، وأخذنا أسلحتهم وركبنا دوابهم وسرنا حواليه في موكب، ورماحهم على أكتافنا، وسلاحهم علينا، فما نجتاز بقوم إلا يظنونا من أهل البادية فيطلبون النجاة منا فهذا أحيل ما رأيت.
عبدالواحد بن نصر المخزومي:
عبد الواحد بن نصر بن محمد أبو الفرج المخزومي الحنطبي، أطلق عليه العرب أبو الفرج الببغاء وذلك لفصاحته واسترساله في الشعر، اشتهر الببغاء بشعر المديح والغزل فأجاد استخدام الأوصاف والتشبيه بشكل رائع ومنظم، له ديوان شعر يعرف بـ “ديوان عبدالواحد بن نصر المخزومي – الببغاء” توفى المخزومي في عام 398 هـ،
بعض الأبيات من شعره:
أكل وميض بارقة كذوب … أما في الدهر شيء لا يريب
تشابهت الطباع فلا دنيء … يخن إلى الثناء ولا حسيب
وشاع البخل في الأشياء حتى … يكاد يشح بالريح الهبوب
فكيف أخص باسم العيب شيئا … وأكثر ما نشاهده معيب