قصة معن بن زائدة الشيباني والعبد الأسود

معن ابن زائدة الشيباني، ورد في كتاب الذهبي سِير أعلام النبلاء، الطبقة السادسة، في مادة “معن بن زائدة”، أن معن بن زائدة هو أمير العرب أبو الوليد الشيباني، أحد أبطال الإسلام، وعين الأجواد من المعروف عنه أنه كان أحد رجال

الدولة الأموية

، وكان مشهور بين الناس لجوده وسعة حلمه، وهذه إحدى قصصه الرائعة مع الجود والكرم، والتي وجد فيها من هو أكرم منه.


معن ابن زائدة والعبد الأسود:


قال مروان بن أبي حفصة: أخبرني معن بن زائدة أن الخليفة أبو جعفر ألح في طلبه وأنه جعل لمن يحمله إليه مبلغًا من المال فاضطررت لشدة الإلحاح بالطلب، أن تعرضت للشمس حتى لوحت وجهي فلبست جبة صوف وركبت جملا وخرجت متوجها إلى البادية لأقيم بها، فلما خرجت من باب حرب وهو أحد أبواب بغداد تبعني عبد أسود متقلد بسيفه، فقبض على خطام الجمل فأناخه وقبض على يدي.

فقلت له : ما بك ؟

فقال: أنت مطلوب لأمير المؤمنين.

فقلت :ومن أنا حتى أطلب؟

فقال :أنت معن بن زائدة.

فقلت له :يا هذا اتق الله أين أنا من معن.

فقال : دع هذا فوالله إني لأعرف بك منك،

يقول معن: فلما رأيت منه الجد في الحديث قلت: هذا جوهر قد حملته ويساوي أضعاف ما وهبه المنصور لمن يجيئه بي فخذه ولاتكن سببا في سفك دمي.

فأخذه ونظر فيه وقال : صدقت في قيمته ولست قابله حتى أسألك عن أمر فإن أصدقتني القول أطلقتك.

فقلت : تكلم.

قال :إن الناس قد وصفوك بالجود فأخبرني هل وهبت مالك كله ؟

قلت: لا

قال: فنصفه أو ثلثه.

قلت: لا حتى بلغ العشر فاستحيت وقلت : أظن أني فعلت هذا.

فأجاب : وما ذاك بعظيم وأنا والله راجل ورزقي من أبي جعفر المنصور عشرين درهمًا كل شهر، وهذا الجوهر قيمته ألوف الدنانير وقد وهبته لك ووهبتك لنفسك ولجودك المأثور بين الناس ولتعلم أن في هذه الدنيا من أجود منك فلا تعجبك نفسك ولتحقر بعد هذا كل جود فعلته ولا تتوقف عن مكرمة ثم رمى العقد وولى منصرفًا.

فقلت :يا هذا والله لقد كشفت أمري ولسفك دمي أهون علي مما فعلت، فخذ ما دفعته لك فإني غني عنه

فضحك العبد وقال: أردت أن تكذبني في مقالي، فوالله لن آخذه ولا آخذ لمعروف ثمنًا أبدا.

ومضى لسبيله وبعدها طلبته بعد أن أمنت وبذلك لمن يجئ به ما شاء فما عرفت له خبرًا وكأن الأرض ابتلعته.


نهاية معن بن زائدة:


على الرغم من كرم وجود معن بن زائدة إلا أن قصة وفاته جاءت على نحو محزن فقد تم اغتياله على يد مجموعة من

الخوارج

قاموا إليه وهو يحتجم في داره حتى أنهم شقوا بطنه بخنجر، ولكن يزيد بن مزيد ابن أخوه غار عليهم فقتلهم جميعًا، وكانت هذه نهاية معن بن زائدة الشيباني الذي طالما تحدثت العرب عن جوده وكرمه وسعة صدره، رحمة الله عليه.