معنى مقولة ” تسمع بالمعيدي خير من أن تراه ” ومناسبتها
تسمع بالمعيدي خير من أن تراه مثل عربي قديم عن أحد كرماء العرب وهو المعيدي الذي اشتهر بسخاءه وحكمته وكرمه على الجميع حتى أن الجميع أحبه وذاع صيته في جميع أنحاء المدينة، حتى وصلت أخباره إلى الخليفة فأراد الخليفة أن يقابله حتى يرى من حكمته وكرمه فإذا تأكد له ما سمع عن هذا الرجل جعله من حاشيته ورجاله، وبالفعل أرسل في طلب المعيدي ودعاه لمجلسه وما أن دخل عليه المعيدي حتى تفاجأ الخليفة من شكله فهو بسيط الثياب على الرغم من غناه كما انه دميم الوجه.
فضحك الملك منه وقال: “تسمع عن المعيدي خير من أن تراه” يعني أن سيرته بين الناس أفضل بكثير من شكله وهيئته، فحزن المعيدي لكلام الخليفة ولكنه رد بحكمة وفصاحة بالغة عليه فقال له: “يا مولاي، إن الرجال ليسوا بقراً ولا غنماً كي تنظر إلى وجوههم وأجسامهم، إنما يعيش المرء بأصغريه قلبه ولسانه” فأعجب الملك لفصاحته وعينه في حاشيته كمستشار خاص له.
كن معيدي ولا تكن قارون:
إذا نظرت بعين الحكمة تجد المعيدي هو رجل بسيط أنفق بكرم وسخاء على قومه فلم يحرمهم من ماله لكنه لم يتمتع بجمال الوجه وهذا لا دخل له فيه وإنما هو خلقة الله، وهو على عكس
قارون
الذي كان يتمتع بالثياب الفاخرة والشكل الحسن وخزائن المال والذهب ولكنه كان مقتر على قومه متكبر وظالم، فأيهما تريد أن تكون؟ لا تجعل المظاهر هي كل ما يلفت انتباهك في الناس ولا تقلل من شأن أحد فقد يكون عند الله أثقل في الميزان فقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الحجرات:11]
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: «لا يدخل
الجنة
من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر». فقال رجل: إن الرجل يجب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنة ، فقال عليه الصلاة والسلام: «إن الله جميل يحب الجمال ، الكبر: بطر الحق وغمط الناس». أي: إن تحسين المظهر واللباس ليس من التكبر المذموم، بل إن المذموم هو احتقار الناس والاستخفاف بهم.
لا تطلق على أخاك لقبًا يعيبه:
اشتهر بين الشباب اطلاق الأسامي والألقاب على بعضهم وعلى غيرهم بذكر ما يعيبهم في الشكل والجسم من باب المزح، وقد نهانا الله تعالى عن التنابز بالألقاب فقال {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الحجرات:11]، وقال أيضًا من باب تشديد العقوبة: {وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ} [الهمزة:1]. والويل: هو العذاب أو واد في جهنم لكل طعّان عيّاب على الناس.