تفسير قول الله تعالى ” يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب “
يقول الله تعالى في كتابه العزيز في سورة الأنبياء، الآية الرابعة بعد المائة: ” يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ۚ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ ۚ وَعْدًا عَلَيْنَا ۚ إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ”، و هي آية من بين مجموعة من الآيات التي وردت في سورة الأنبياء، و يتحدث فيها الله عز و جل عن يوم القيامة و النار و عذابها.
تفسير الطبري لآية “يوم نطوي السماء”
في تفسير و تأويل قول الله عز و جل: “يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب”، يذكر الامام الطبري في كتابه قول بعض اهل العلم أن المقصود بالسجل هنا هو ملك من الملائكة، فإذا صعد بالاستغفار قال: اكتبها نورا، و قال البعض الآخر أن السجل يقصد به رجل أو كاتب كان يكتب ل
رسول الله صلى الله عليه و سلم
، و قال نفر آخر من اهل العلم أن السجل يعني به الصحيفة التي يكتب فيها، و معنى طي السجل أي طي الصحف “جميع صحيفة”.
و يرجح الامام الطبري أن القول بأن السجل هو الصحيفة، هو القول الأقرب للصواب في رأيه، فهذا المعنى متماشي مع لغة العرب، و كلامهم، و لم يرد إلينا ان رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يستخدم كاتبا اسمه السجل لنفسه، كما أننا لا نعلم أيضا ملكا من الملائكة اسمه السجل، فهي أقول و تفسيرات بعيدة في نظره.
تفسير قول الله تعالى “كطي السجل للكتب”
و من الأسئلة التي ترد في ذهننا فور قراءة الآية، هو أنه كيف تطوى السماء، فالمقصود هنا ان السماء لا يتم طيها، بل تطوى على ما ورد في السجلات، كما تقفل الكتب على ما ورد فها من كلام، و حرف اللام في كلمة “للكتب” يقصد به “على”، فيكون المعنى أنه نطوي السماء على ما فيها كما تطوي السجلات على ما كتب فيها،
تفسير قول الله عز و جل ” كما بدأنا أول خلق نعيده “
و في تأويل قول الله عز و جل: “كما بدأنا أول خلق نعيده”، يقول
الطبري
في كتابه ان المقصود هنا أن كل من خلق الله من البشر سوف يعودون كما خلقهم الله تعالى على هيئتهم الأولى، و هم عراة و حفاة كما كانوا في بطون أمهاتهم، و قد روي عن مجاهدا أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول لإحدى نسائه: “يَأْتُونَهُ حُفاةً عُرَاةً غُلْفا” فاستترت زوجة النبي بكم درعها، و قالت: ” وَا سَوأتاه”، و روي عن ابن عباس أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: “يُحْشَرُ النَّاسُ حُفاةً عُرَاةً غُرْلا فَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى إِبْرَاهيمُ، ” ثم قرأ قول الله عز و جل: “كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ “.
و قد أخرج ابن جرير حديث
أم المؤمنين عائشة رضي الله
عنها، حيث قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه و سلم و عندي عجوز من بني عامر، فقال صلى الله عليه و سلم: “من هذه العجوز يا عائشة؟”، فقالت: “إحدى خالاتي، فقالت العجوز: ادع الله أن يدخلني الجنة، فقال: إن الجنة لا يدخلها العجز، فأخذ العجوز ما أخذها “اي فانزعجت”، فقال صلى الله عليه و سلم: إن الله ينشئهن خلقا غير خلقهن، ثم قال: تحشرون حفاة عراة غلفا، فقالت: حاش لله من ذلك ! فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: بلى ، إن الله قال “كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين”، فأول من يكسى إبراهيم خليل الرحمن.