ملحمة البارجة جراف شبي
جراف شبي أطلق عليها الألمان السفينة المدرعة وهي حدى
السفن الحربية
التي خدمت في الجيش الألماني في الحرب العالمية الثانية وقد تم تسميتها “شبي” تخليدًا لذكرى الأدميرال “فون شبي” قائد الأسطول الألماني في منطقة شرق أسيا والذي توفى في
الحرب العالمية الأولى
أثناء تأدية خدمته، تم تصميمها بشكل بالغ الدقة لتستطيع القتال والمواجهة وإلحاق الأضرار بالسفن البريطانية والفرنسية، وقد استطاعت فعلًا إيقاع عدد من السفن في وقت بسيط جدًا خاضت بعدها معركة حربية شرسة ضد ثلاث طرادات إنجليزية وكانت هذه هي المعركة الحربية الأولى والأخيرة لها.
البارجة العملاقة جراف شبي:
وضعت معاهدة فرساي مجموعة من القيود والقوانين الخاصة بإنشاء السفن الحربية، ولكن هذه المعاهدة تم تجاهلها تمامًا عند إنشاء الـ جراف شبي التي بدأ العمل فيها في أكتوبر 1932، وفي يناير 1936 أصحت البارجة جاهزة للانطلاق والعمل بمنتهى الكفاءة حيث انضمت للأسطول الألماني وتم التلاعب في السجلات الألمانية من خلال تسجيل وزن البارجة 10 آلاف طن بينما كانت في الحقيقة تزن 16 ألف طن تسير بسرعة قصوى تصل إلى 28 عقدة أي 52 كم/ س ، كما تم تجهيزها بست مدافع كبيرة الحجم وبرجين كبيرين، وثماني بطاريات ثانوية وأربع محركات ديزل بقوة 54 ألف حصان وستة مدافع للسلاح الجوي، ومنجنيق تم وضعه على سطح السفينة وقاذفين للطوربيدات وأربعة عشر مدفع ما بين 1.5 انش و0.79 انش وكذلك تم وضع رادار عليها وتدريعها بالكامل ضد الطلقات، بلغ عدد طاقم السفينة 30 ضابط و 1040 جندي، حيث تم تصميم الجراف وسط مجموعة من السفن القتالية التي تم تجهيزها خصيصًا بحيث تستطيع اللحاق بأي سفينة أخرى تقوم بمطاردتها.
دوريات عدم التدخل:
هي مجموعة من الدوريات تقوم بها السفن عادةً ولا تدخل في سياق الحرب وهو ما قامت به الـ جراف شبي حيث قامت بخمس دوريات من دوريات عدم التدخل خلال الحرب الأهلية الإسبانية وذلك من عام 1936 إلى عام 1938، كذلك شاركت في حفل تتويج الملك “جورج السادس” ملك إنجلترا في عام 1937، وصلت بعدها إلى المحيط الأطلسي وقد كانت هذه الفترة هي الفترة التمهيدية لعمل البارجة، أو كما يقال الهدوء الذي يسبق العاصفة كما خطط له الألمان ، حيث بدأت الـجراف شبي أولى حملاتها في سبتمبر 1939 حيث استطاعت في شهر واحد إغراق سبعة سف ضخمة بإجمالي حمولة 50089 طن، كانت جميعها سفن شحن تجارية.
معركة نهر الريفير بلايت:
في الثالث عشر من ديسمبر نفس السنة 1939 بدأت المعركة الحربية الأولى في الحرب العالمية الثانية حيث واجهت معركة شرسة ضد ثلاث بارجات بريطانية في معركة “نهر الريفر بلايت” وفي هجوم قاسي استطاعت إحراز تقدم كبير وإلحاق الخسائر بالثلاث طرادات دفعة واحدة بعد قتال عنيف استمر لأيام استطاعت فيه إحدى الطرادات إصابتها في موقع التسليح الرئيسي بها في محاولة من الطرادات لإلحاق الخسائر بها، وعلى الرغم من تسديد طلقات مدافع الجراف شبي لها ضربات قاتلة إلا أن أحد الطرادات استطاعت اختراق تدريع خزان الوقود مما عمل على نفاد الوقود ولم يتبقى سوى كمية بسيطة تكفي لستة عشر ساعة من الإبحار، وهو ما جعل الجراف في مأزق كبير لجأ على أثره قبطان الجراف “لانجسدروف” إلى الاتجاه في طريق ميناء محايد وهو ميناء “مونتيفيديو”
وما هي إلا دقائق حتى عادت الـ جراف شبي للقتال مرة أخرى محاولة إلحاق أكبر الخسائر بالطرادات وقد استطاعت فعلا إلحاق أضرار كارثية بإحداهم وهي “الاكستر” بينما ظلت الطرادتان ” إياكس” و”أخيل” تحاولان الدفاع عنها بإلقاء القذائف على الـجراف شبي مما جعلها تشن هجومًا ضاريًا عليهم وتدمير جزء كبير من الطرادة إياكس التي حاولت تتبع الجراف شبي بعد ذلك ولكنها مع طلقات النيران عادت وقد حاولت الطراداتان إرسال الرسائل للاستغاثة وطلب التعزيزات من السفن البريطانية للحاق بهم في نهر الريفير بلايت وأبلغوا عن تمكنهم من رصد الطرادة جراف شبي، وأخيرًا استطاعت الوصول إلى ميناء مونتيفيدو في الأوروجواي لتبدأ بعدها مرحلة صراع سياسي وتنتهي مرحلة القتال حيث تعد هذه المعركة الأولى والأخيرة لهذه الطرادة العملاقة، التي تم إحراقها وإغراقها، بعد ذلك.