تفسير قول الله تعالى حتى يلج الجمل في سم الخياط

يقول الله تعالى في سورة الاعراف في الآية رقم 40: ” إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَ اسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَ كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ”، و سوف نعرض تفسير هذه الآية.


تفسير السعدي


يخبرنا الله تعالى في هذه الآية عن الكفار و عذابهم، حيث ان من كذب بآيات الله و لم يؤمن بها و يتبعها، فإنه لن يدخل الجنة و يكون جزاؤه من جنس عمله، حيث أن هؤلاء الذين يتولون عن آيات الله إذا ماتوا و صعدت إلى السماء أرواحهم فإنهم لن تفتح لهم ابواب السماء كما ذكرت الآية، و على العكس فإن المؤمنين الذين صدقوا و آمنوا بآيات الله فإنهم سوف تفتح لهم الأبواب في الجنة يدخلون منها، و يقول السعدي ان المقصود بالجمل هو البعير، و معنى قول الله عز و جل: ” وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ”، أي أنهم لا يدخلون الجنة كما لا يدخل البعير أو الجمل في سم الخياط، و سم الخياط هو خرق الإبرة، و يعد خرق الإبرة من أضيق الأشياء، فبالتالي فالأمر الثاني محال، و يترتب على ذلك أن الأمر الأول أيضا محال.


تفسير ابن كثير


يقول العلامة إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي الدمشقي المعروف ب

ابن كثير

، أن المقصود من أنه لا تفتح لهم أبواب السماء في الآية، أن الله لا يتقبل من الكفار و الذين كذبوا آيات الله عملهم الصالح، و لا يستجيب دعاءهم، و ذكر ابن كثير رأيا آخر، و هو أن المراد أنه لا تفتح لأرواحهم أبواب السماء حين تصعد بعد موتهم.


كيف تفتح ابواب الجنة للمؤمنين


و يورى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه تحدث عن أرواح المؤمنين كيف تصعد إلى الجنة، و قد حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن المنهال بن عمرو عن اذان عن البراء بن عازب عن روس الله صلى الله عليه و سلم أنه قال: “إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا و إقبال إلى الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس معهم كفن من أكفان الجنة و حنوط من حنوط الجنة حتى يجلسوا منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس المطمئنة اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان”.

ثم قال” فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن و في ذلك الحنوط و يخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذه الروح الطيبة فيقولون فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا حتى ينتهوا به إلى السماء الدنيا فيستفتحون له فيفتح له”.


الكفار لا تفتح لهم ابواب الجنة


و في نفس الحديث السابق يقول

رسول الله صلى الله عليه و سلم

: “و إن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا و إقبال إلى الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم المسوح فيجلسون منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه، فيقول أيتها النفس الخبيثة أخرجي إلى سخط الله و غضب، قال فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول، فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح و يخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذه الروح الخبيثة فيقولون فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا حتى ينتهي بها إلى السماء الدنيا فيستفتح فلا يفتح له ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا تفتح لهم أبواب السماء و لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط”.