تفسير ” يا أيها النبي إذا طلقتم النساء ” وبيان سبب نزولها

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1)} [سورة الطلاق: 1] أخذ الفقهاء أحكام الطلاق من هذه الآية الكريمة التي أنزلها الله تعالى على رسوله ولكافة المسلمين.


سبب نزول يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: طلق رسول الله صل الله عليه وسلم السيدة حفصة فأتت أهلها، فأنزل الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} فقيل له: راجعها فإنها صوامة قوامة وهي من أزواجك ونسائك في الجنة.

وقيل أن عبدالله بن عمر طلق امرأة له وهي حائض، فذكر عمر لرسول الله صل الله عليه وسلم فتغيظ رسول الله ثم قال: «ليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرًا قبل أن يمسها، فتلك العدة التي أمر الله عز وجل».


تفسير الآية


{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ}:

جاء الخطاب للنبي أولًا تشريفًا له وتكريمًا ثم خاطب الأمة تبعًا

{فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}:

عن عبدالله قال: الطهر من غير جماع وقال ابن عباس: لا يطلقها وهي حائض ولا في طهر قد جامعها فيه ولكن تتركها حتى إذا حاضت وطهرت طلقها تطليقة،

{وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ}:

أي أحفظوها واعرفوا ابتدائها وانتهاءها لئلا تطول العدة على المرأة فتمتنع من الأزواج،

{وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ}:

أي اتقوا الله في ذلك.


{رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ}:

أي في مدة العدة لها حق السكنى على الزوج ما دامت معتدة منه، فليس للرجل أن يخرجها، ولا يجوز لها أيضًا الخروج لأنها معتقلة لحق الزوج أيضًا

{إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}:

أي لا يخرجن من بيوتهن إلا أن ترتكب المرأة فاحشة مبينة فتخرج من المنزل والفاحشة المبينة تشمل الزنا وتشمل ما إذا نشزت المرأة أو بذت على أهل الرجل وآذتهم في الكلام والفعال


{وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ}:

أي شرائعه ومحارمه

{وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ}:

أي يخرج عنها ويتجاوزها إلى غيرها ولا يأتمر بها

{فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ}:

أي بعل ذلك،

{لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا}:

أي إنما أقينا المطلقة في منزل الزوج في مدة العدة لعل الزوج يندم على طلاقها ويخلق الله في قلبه رجعتها فيكون ذلك أيسر وأسهل، وعن فاطمة بنت قيس أن زوجها طلقها على عهد رسول الله صل الله عليه وسلم، فبعث الرسول بزوجها في سرية، قالت: فقال لي أخوه: أخرجي من الدار، فقلت: إن لي نفقة وسكنى حتى يحل الأجل، قال: لا، قالت: فأتيت رسول الله صل الله عليه وسلم فقلت: إن فلانًا طلقني وإن أخاه أخرجني ومنعني السكنى والنفقة، فأرسل إليه، فقال: «مالك ولابنة آل قيس» قال: يا رسول الله إن أخي طلقها ثلاثًا جميعًا قالت: فقال رسول الله صل الله عليه وسلم: «انظري يا بنت آل قيس، إنما النفقة والسكنى للمرأة على زوجها ما كان له عليها رجعة فإذا لم يكن له عليها رجعة فلا نفقة ولا سكنى اخرجي فانزلي على فلانة»