بحث عن آفات اللسان وطرق التغلب عليها
جميعا نعرف الآفة أنها كل ما يصاب به الشئ فيفسده، كأفة الزرع مثلا التي تفسده وتؤثر على جميع المزروعات، لذلك تعرف الآفة بأنها كل ما يصيب الشيء من عاهة أو مرض، وفي الشرع تعرف آفات اللسان على أنها كل ما نهى عنها الشرع، وذلك يرجع إلى أن للسان شأن كبير لأن ما ينطق به الإنسان محاسب عليه، كما قال الله عز وجل (مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ)
آفات اللسان في السنة النبوية
وقد وردت الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة التي تطرقت إلى موضوع آفات اللسان ، حيث شملت هذه الأحاديث تعاليم للتحذير منها وضرورة صون اللسان من أي آفة، ومن هذه الأحاديث:
1- قول رسول الله عليه الصلاة والسلام عن
معاذ بن جبل
(وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ) رواه الترمذي
2- وأيضا عن
أبي هريرة
رضي الله عنه قال رسول الله صل الله عليه وسلم (إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ)
أنواع آفات اللسان
1- الكلام فيما لا يعني الشخص:
وهنا يقصد به الكلام الذي لا يضر المرء عند السكوت عنه أي أنه لا يعتبر آثما إن سكت عنه، كالتدخل مثلا في الكلام الذي لا يعنيه، أو السعي مثلا وراء معرفة آخبار الأخرين التي ليس بحاجة اليها، وحتى إضاعة الوقت بكلام ليس منه فائدة
وللحد من هذه الآفة: لابد من
حفظ اللسان
من الكلام الفارغ ، وتعويد النفس على التزام الصمت في الأمور التي لا تعني ، وهنا نذكر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال ( إن من حسن إسلام المرء تركه ما الا يعنيه)
2- اللعن:
يعرف اللعن بأنه الطرد من رحمة الله، والمعروف أيضا أنه لا يجوز اللعن على أي شيء سواء أنسان أو حيوان أو مجموعة أو جماعة أو شخص معين، وهو أمر لا يجوز، والتهاون في ألفاظ اللعن هو أمر خطير جدا
ويمكن التغلب على اللعن: من خلال تعويد اللسان على عدم ذكره وتباع قول الرسول ( ليس المؤمن بطعان ولا بلعان)
3- فضول الكلام:
وتعني هذه الآفة هي الخوض فيما لا يعني المرء، كالمبالغة أو عدم الايجاز في الكلام وتكراره بدون فائدة.
وللحد منها:
يكون عن طريق ذكر حاجته فقط وعدم المبالغة في الكلام، وقول المضمون المفيد، كقول رسول الله (طُوبَى لِمَنْ أَمْسَكَ الْفَضْلَ مِنْ لِسَانِهِ، وَأَنْفَقَ الْفَضْلَ مِنْ مَالِهِ).
4- الخوض في الباطل:
المعروف عن هذه الآفة انها من أخطر الأنواع لأنها خوض في المحرمات والمعاصي مثل مجالس الخمور وأمور النساء وغيرها، أو التحدث بجهل عن المذاهب الدينية والبدع.
وللحد منها:
لابد من تجنبها تماما لأنه أمر خطير وله عواقبه في الدنيا والآخرة، كقول أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم (إِنَّ أَعْظَمَ النَّاسِ خَطَايَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ خَوْضًا فِي الْبَاطِلِ)
5- الغيبة والنمية:
تعرف
الغيبة
على أنها ذكر عيوب الآخرين في غيابهم، وهذا أمر غير محبوب ، كالكلام في ظهر الآخرين أو الابتسامة الخفية أو الهمز واللمز، أما النمية فهي نقل الكلام بين الطرفين وكافصاح عن سر مؤتمن عليه، وهذا يعتبر نقصا وعيبا
ويمكن الحد منه:
عن طريق تفادي الغيبة والنمية لأنه أمر محرم مثل قول الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ) وأيضا في الحديث الشريف (لا يَدخلُ الجنّةَ نَمَّامٌ)
6- المراء والجدال:
وهو الاعتراض على الكلام وإظهار العيب فيه، أو مخالفة المتكلم والقصد بذلك، حيث يجب على المرء ترك هذه الآفة كما جاء في الحديث الشريف (لاَ تُمَارِ أَخَاكَ وَلاَ تُمَازِحْهُ وَلاَ تَعِدْهُ موعدًا فتُخلِفَه)
7- التقعر بالكلام:
وهو تكلف السجع والفصاحة والتصنع بالكلام، حيث يجب على الانسان الاقتصار على الكلام المقصود وعدم المبالغة فيه لأنه من الأمور المذمومة، وقد جاء في الحديث الشريف (إنَّ مِن أبغضَكِم إليَّ وأبعدَكُم منِّي يومَ القيامةِ الثَّرثارونَ والمُتشدِّقونَ والمُتفيهِقونَ)
8- السب وبذاءة اللسان :
ويقصد هنا التعبير عن الأمور القبيحة بصريح العبارة بألفاظ لا يجوز قولها، لذلك يجب استبدال هذه الألفاظ بألفاظ أخرى مناسبة وكذلك لما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (إِنَّ الْفُحْشَ وَالتَّفَحُّشَ لَيْسَا مِنَ الإِسْلامِ فِي شَيْءٍ، وَإِنَّ أَحْسَنَ النَّاسِ إِسْلامًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا)
9- السخرية والاستهزاء:
ومعناها ذكر عيوب الأشخاص والاستهزاء منهم بهدف الضحك أو التحقير، وتتعدد أشكاله كالقول والفعل والايماءات، وكلها منهي عنها كما جاء في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِن نِسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)
10- الكذب في القول واليمين:
وهذه الآفة من أعظم الآفات والتي لها عواقب جسيمة، كالاعتقاد بغير الحقيقة أو الجهل بالشيء لذلك يعد الكذب من أعظم الخطايا التي يجب تجنبها ، كما جاء في الحديث الشريف (إياكم والكذبَ، فإنه مع الفجورِ، وهما في النارِ)
وهناك أيضا أنواع أخرى كالمبالغة في المدح، والغفلة عن الخطأ في الكلام، والوعد الكاذب، وافشاء السر، والمزاح، والسخرية والاستهزاء والغناء والشعر ، والكلام ذو اللسانين، وكلها أمور يجب تجنبها ومراعاة الله سبحانه وتعالى في القول والفعل.