تفسير سورة الإخلاص مع بيان سبب نزولها
{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 1- 4]، سبب نزول السورة: قال عكرمة في سبب نزول السورة: لما قالت اليهود: نحن نعبد عزير بن الله، وقالت النصارى: نحن نعبد المسيح بن الله، وقالت
المجوس
: نحن نعبد الشمس والقمر، وقال المشركون: نحن نعبد الأوثان؛ أنزل الله على رسول الله صل الله عليه وسلم قوله تعالى {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1]
تفسير قل هو الله أحد:
جاء في تفسير
ابن كثير
لتفسير سورة الإخلاص: أن {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} يعني الواحد الأحد الذي لا نظير له ولا وزير، ولا نديد ولا شبيه له، ولم يطلق هذا اللفظ على أحد في الإثبات إلا على الله لأنه الكامل في صفاته وأفعاله.
تفسير الله الصمد:
قال عكرمة، عن
بن عباس
رضي الله عنه: يعني الذي يصمد الخلائق إليه في حوائجهم، وقال الأعمش عن شفيق عن أبي وائل: تعني السيد الذي قد انتهى سؤدده، وقال مالك عن زيد بن أسلم: الصمد هو السيد، وقال الحسن: هو الحي القيوم الذي لا زوال له، وقال عكرمة: الصمد هو الذي لم يخرج منه شيء ولا يطعم، وقال أنس: هو الذي لم يلد ولم يولد كأنه جعل ما بعده تفسيرًا له، عن الضحاك والسدى: الذي لا جوف له.
وقد قال الحافظ أبو القاسم الطبراني في كتاب السنة له، بعد إيراده كثير من هذه الأقوال في تفسير الصمد: وكل هذه صحيحة، وهي صفات ربنا عز وجل، وهو الذي يصمد إليه في الحوائج، وهو الذي قد انتهى سؤدده، وهو الصمد الذي لا جوف له، ولا يأكل ولا يشرب، وهو الباقي بعد خلقه.
تفسير لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد:
أي ليس له ولد ولا والد ولا صاحبة، قال مجاهد: { وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} يعني لا صاحبة له، وهذا كما قال تعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (101)} [سورة الأنعام: 101] أي هو مالك كل شيء وخالقه، فكيف يكون له من خلقه من نظير يساميه، أو قريب يدانيه، تعالى وتقدس وتنزه، وقال تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27)} [سورة الأنبياء: 26-27].
وقال
البخاري
: حدثنا أبو اليمان، حدثنا شعيب، حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن
أبي هريرة
، عن النبي صل الله عليه وسلم قال: «قال الله عز وجل: كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه إياي فقوله: لن يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته، وأما شتمه إياي فقوله: اتخذ الله ولدًا، وأنا الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد».