ملحمة جلجامش أقدم قصة كتبها الإنسان عبر التاريخ
ملحمة جلجامش هي أقدم قصة كتبها الإنسان على وجه الأرض حسب روايات المؤرخين وهي ملحمة سومرية كتبت بطريقة شعرية بالخط المسماري تم اكتشافها في القرن التاسع عشر في عام 1853م في أحد المواقع الأثرية عن طريق الصدفة، حيث تم اكتشاف 12 لوحًا مصنوعة من الطين، وبعد اكتشاف هذه الألواح تم اكتشاف مكتبة كاملة في نينوي في
العراق
، للملك آشور بانيبال الأشوري، والتي بعد فحصها وجد أنها مكتوبة باللغة الأكادية، وموقعة من قبل شخص يدعى شين مما يعني أنه كاتب هذه الملحمة.
ملحمة جلجامش :
وتحكي هذه الملحمة عن أحد الملوك ويدعى جلجامش وهو ملك أورك، والذي اعتبرته الأساطير ثلثي إله، فوالدته إله ووالده بشر، مما يجعله معرض للفناء فهو ليس بإله كامل، وعندما أدرك هذه الحقيقة وعلم بأن الموت لا محالة منه، بدأ في استخدام ممارسات غريبة وعنيفة مع رعيته، مما جعله ملك مكروه بين شعبه ورعيته الذين طالما رجوا من الآلهة أن تخلصهم من هذا الطاغية الملعون وقد يبدو حسب القصة أن الآلهة استجابت لهم بعد هذا الصراع الطويل مع الملك وقرروا مساعدتهم.
أنكيدو المخلص :
قامت الآلهة أرورو بإنقاذهم من خلال أنكيدو هذا الرجل ذو الشعر الكثيف الذي خلقته خصيصًا من أجلهم، وكان أنكيدو يأكل الأعشاب ويشرب الماء ويقوم بتخليص الحيوانات من المصيدة، مما جعل الصيادين يرفعون شكواهم للملك بما يفعله أنكيدو الذي كبدهم الخسائر، وبالفعل قام الملك بوضع خطة ذكية للتخلص من انكيدو فقام باستدعاء إحدى خادمات المعبد واسمها شمخات على أن تقوم بممارسة الجنس عن طريق إغراء أنكيدو حتى يقع في حبها، وبالفعل نفذت شمخات أوامر الملك وقامت بإيقاع انكيدو في حبها وأقنعته بممارسة الجنس معها وبدأت في تعليمه طريقة الحياة العادية للبشر، كيف يأكل ويشرب ويلبس حتى صار إنسانًا عاديًا، ثم أخبرته بعادة الملك في الدخول بأي فتاة قبل زوجها، وجعلت تسرد الحكايات في قوة جلجامش الذي لا يستطيع أحد أن يقف أمامه، مما استفذ أنكيدو وقرر مصارعة الملك حتى يتوقف عن هذه العادة السيئة.
أنكيدو وجلجامش محبة بعد عداوة :
حدثت المواجهة القوية بين أنكيدو وجلجامش وصارت المصارعة شديدة وقوية فكلاهما قويان بما فيه الكفاية ليقضي أحدهما على الآخر، وكانت النهاية التي حسمت بانتصار جلجامش على أنكيدو واعتراف أنكيدو بذلك، ثم صار الإثنين أصدقاء بعد أن كانوا أعداء لفترة طويلة.
وفي نفس الوقت كان جلجامش يعمل على تخليد اسمه عبر صفحات التاريخ من خلال القيام بأعمال عظيمة وقوية، مما جعله يقدم على تقطيع جميع أشجار الأرز الموجودة في الغابة ولكن عليه أولًا أن يتخلص من الحارس خومبابا ذلك المخلوق الضخم، ويساعده على تنفيذ خطته صديقه الحميم أنكيدو.
وفاة أنكيدو الصديق البطل :
يقوم أنكيدو وجلجامش بتنفيذ الخطة والبدء في قطع الأشجار وهو ما جعل حارس الغابة يظهر غضبانًا، ويبدأ الصراع العنيف بين ثلاثتهم والذي ينتصر فيه الصديقان ويقومان بقتل هذا المخلوق على الرغم من توسلاته لهم إلا أنهم يقومون بقتله، مما آثار آلهة الماء أنليل والتي كانت تركت الغابة في مسؤولية خومبابا، بعد هذه الحادثة يصبح جلجامش مشهورًا ممات يجعل الآلهة عشتار تقوم بطلب الزواج منه لكنه يرفض مما يجعلها تثير سخطها عليه، وتطلب من والدها آنو أن ينتقم لها، الذي يقوم بإرسال ثور مقدس لقتل جلجامش إلا أن أنكيدو يستطيع الإمساك بقرني الثور ويقوم جلجامش بقتله، وتصبح هذه الحادثة هي حديث ومثار غضب الآلهة وذلك لقتل جلجامش لهذا الثور المقدس، ولكنهم لا يستطيعون قتل جلجامش لان دماء الآلهة تسري في عروقه فيقررون معاقبة وقتل أنكيدو لأنه اشترك في هذه الفعلة، فيصبوه بمرض قاتل يموت على أثره أنكيدو.
رحلة البحث عن الخلود:
بعد وفاة أنكيدو حزن جلجامش حزنًا عميقًا على وفاة صديقه، ورفض دفنه وبعد أن بدأت الجثة في التحلل قام بدفنه، وانطلق شاردًا في البرية باحثًا عن الخلود بعد أن أدرك حقيقة الموت، ولكي يحقق ذلك كان عليه أن يجد “أوتنابشتم” لأنه الوحيد الذي يملك هذا السر، وفي الطريق يقابل الآلهة سيدروي التي تحاول أن تثنيه عن رغبته وتقنعه بأن يعيش الحياة ويترك البحث عن الخلود إلا أنه يرفض فأرسلته إلى الطواف “أورشني” والذي سوف يساعده في عبور بحر الأموات ليصل إلى الشخص المطلوب.
حتى وجد جلجامش أوتنابشتم هو وزوجته فأخبرهم عما يبحث عنه، فقصا عليه طريق الخلود الذي اتبعوه وأن الطوفان قد قضى على جميع أهلهم ولم ينجى أحد منهم سوى هو وزوجته لذلك قرر الآلهة أن يمنحوهم الخلود، ومع إصرار جلجامش على الحصول على الخلود أخبره أوتنابشتم أن عليه أن يظل منتبهًا بدون نوم لمدة 6 أيام و7 ليالي بعدها سوف يصبح خالدًا وهو ما فشل جلجامش في القيام به، وظل يخبرهم أن يحاولوا معه مرة أخرى، فقامت زوجة أوتنابشتم بإخبار جلجامش عن عشب سحر موجود في قاع البحر يعيد إليه الشباب وبالفعل يقوم جلجامش بإحضار هذا العشب، ولكنه لم يتناوله ويقرر العودة به وتجربته على أحد المسنين بأوراك، وفي الطريق يقرر الاغتسال في النهر وأثناء قيامه بذلك تقوم أحد الأفاعي بسرقة العشب وتناوله مما يجعله يود حزينًا، وفي طريقه إلى أورك شاهد السور الذي كان قد أقامه فعلم أن أعماله هي الخلود وهي التي سوف تنقش أسمه على جدران التاريخ فقرر أن يترك فكرة الخلود ويتجه إلى القيام بالأعمال الخالدة حتى أن الملحمة تنتهي بحزن شعب الأورك بعد وفاته.