الفارس العربي موسى بن أبي الغسان
موسى بن أبي الغسان ينتمي لأسرة عريقة ذات حسب ونسب يتصل بالقصر الملكي في
مدينة غرناطة
، يمتد نسبها إلى قبيلة الغساسنة التي حكمت بلاد الشام قبل الإسلام، تربى على الفروسية والشجاعة والجرأة على القتال، حتى صار فارسًا مغوارًا يجيد القتال والمبارزة، كان لمكانته الاجتماعية دورًا كبيراً فقد كان رئيسًا لعشيرته، مما جعل الملك يعتمد عليه، ويستشيره قبل اتخاذ القرارات المهمة، رفض تسليم غرناطة للنصارى وقدم مثالًا حيًا للقائد النبيل الشجاع وقاتل حتى آخر لحظة في حياته حتى توفى في عام 897م.
مركزه السياسي والاجتماعي :
تمتع موسى بن أبي الغسان بمركز اجتماعي وسياسي مرموق فقد ساهم موسى مع الملك في إدارة شؤون البلاد لما تمتع به من ذكاء ورجاحة العقل والفطنة، كما أن لمكانته الاجتماعية دورًا كبيراً فقد كان رئيسًا لعشيرته، مما جعل الملك يعتمد عليه، ويستشيره قبل اتخاذ القرارات المهمة.
وقد أتاح له ذلك القرب الشديد من بلاط الملك أبو عبد الله الصغير “آخر ملوك غرناطة” إمكانية المشاركة في الأحداث السياسية بصورة اكبر حتى صار جزءًا منها وعاملًا مهماً للتصدي لجميع الحلول التي تدعو للانهزامية والاستسلام، فقد كان قائدًا للفرسان في غرناطة،.
مواقفه السياسية الجريئة :
رفض الاستسلام وتسليم الحمرا للملك “فرناندوا الخامس” على الرغم من إبداء الملك أبو عبد الله الصغير موافقته، وأصر على ذلك في إباء وشمم، وفي عام 896م، واجهت غرناطة حصارًا قوي من البر والبحر، ورابطت السفن الإسبانية في مضيق جبل طارق وظل الحصار فترة طويلة حتى حاصرهم الجوع واليأس فلا يوجد أي أمل في الحصول على مدد أو عون من أفريقيا المحتلة من البرتغاليين أو من المغرب التي تعاني من التفكك والتشتت مما يعني الموت المحال، وهنا قرر الملك أبو عبد الله الصغير الاستسلام فلا توجد فائدة الانتظار، إلا أن القائد موسى بن أبي غسان يرفض بشدة، وراح يشجع المسلمين في جميع أنحاء غرناطة على الجهاد وخرج في مجموعة من الجيش وحدثت المواجهة التي كادت تحسم لفريق المسلمين إلا أن قلة المؤن والعتاد أدت إلى الانهيار في صفوف المسلمين، مما جعل القائد يأمر جنوده بالرجوع إلى المدينة.
“غرناطة” المشهد الأخير لسقوط الأندلس :
سادت روح انهزامية في جميع أنحاء غرناطة وصار الحل الوحيد الذي لا مفر منه هو تسليم غرناطة للنصارى للمحافظة على أرواح من تبقى من شعبها، وعلى الرغم من معرضة موسى أبو الغسان لهذا الأمر بلهجة شديدة حين قال : ” إنه خيرًا لي أن أحصى بين الذين ماتوا دفاعًا عن غرناطة من أن أحصى بين الذين شهدوا تسليمها”، إلا أن الموقف كان أكبر من مجرد كلمات وكان الحل النهائي هو تسليم غرناطة للنصارى وتم ذلك في عام 897م بعد سبعة أشهر من الحصار لتسقط أخر قشة في عرش الأندلس.
نهاية مشرفة :
لم يستطع الفارس الشجاع الانتظار لحضور هذه اللحظة أو مشاهدتها وغادر الحمراء وهو في حالة من الغضب الشديد والحزن على ضياع غرناطة، ولم يشاهده أحد بعد ذلك، إلا انه هناك رواية أنه تمت مواجهة بين الفارس موسى وسرية من جيش النصارى على ضفاف نهر شنيل، انقض فيها هذا البطل على السرية وراح يطعن ويقتل فيهم ببسالة وشجاعة، حتى جاءته الضربة الأخيرة التي أنهت حياة هذا البطل المغوار بعد ان أعيا سرية كاملة من القتال المتواصل، رحمه الله.