مقتطفات من كتاب ” في قلب نجد والحجاز ” لـ محمد شفيق مصطفى

يعتبر كتاب في قلب نجد والحجاز للكاتب المصري محمد شفيق مصطفى هو قصة توثيقية عن الطبيعة الجغرافية والاجتماعية والثقافية للمملكة العربية السعودية ، كما أن الكاتب يخذنا في رحلة شيقة في تاريخ العادات الشعبية لأهالي مناطق المملكة العربية ، وكيف يختلف التقسيم الجغرافي للمملكة في تشكل هوية سكانها .

ويتخذ الكاتب محمد شفيق من بلدة ( قرية الملح ) نقطة بداية لرحلته ، وبعد ذلك زار عدد من المدن بالمملكة مثل

مدينة الجوف

ومدينة حائل وأيضاً مدينة بريدة ، ومسك الختام بالنسبة للكاتب كانت

مكة المكرمة

، والتي تحدث عن التاريخ بها وأيضاً طبيعة الوافدين إلى مكة وكيف يمارسون الشعائر الدينية .

والجدير بالذكر أن الكتاب مكون من مجموعة مقالات متسلسلة نشرة في العديد من المواقع الإلكترونية والجرائد الورقية العربية ، وتم نشر الطبعة الأولى من الكتاب في عام 2013 .


مقتطفات من كتاب ” في قلب نجد والحجاز ” لـ محمد شفيق مصطفى


مقتطفات من كتاب في قلب نجد والحجاز


– ومكة مدينة كبرى بحق، أكثر مبانيها مشيدة بالأحجار ذات وجهات بارزة بشكل (مشربيات) بعضها على نمط عربي بحت ، والبعض الآخر يشبه المباني المصرية التي شيدت خلال نصف القرن الماضي ، وهي كثيرة الأسواق ، يجد فيها المسافر كل ما تشتهيه نفسه من الحاجيات من ملبس ومأكل وكماليات ، ولا سيما بعض الزخارف التي يجيدها صناع أصلُهم من الهند والعراق والشام وبعض أهل مكة أنفسهم .

– عقائد النجديين في الحياة والخلود : ومما يستحق الذكر عن عادات أهل نجد ، أنهم يعتقدون أن النجدي سواء أكان حضريا أم بدوياً إنما خِلَق  لعبادة الله وطاعة شريعته ، وأنه كتب له في لوح القضاء أجل  محدد فعليه أن يعمل في حياته ما يرضي الله إلى يوم مماته ، وفي يقينه أنه منتقل إلى جوار ربه فيجازى على ما كسبته يداه ، إن خيرا ٍّفخير أو شراً فشر؛ ومن هنا تجيء علة انعدام الجرائم على اختلاف ضروبها .

– وليس يعنينا أن نقاتل الكفار، ولا نبغي إلا أن يهديهم الله سواء السبيل، فما داموا بعيدين عنَّا فليس ينالنا منهم شيء، ولا نحب أن نذهب إلى ديارهم ولا أن نتشبه بهم

– ومع أن أولئك البدو لا يزالون على سذاجتهم ، فهم يدلون بأقوالهم وأفعالهم على فطنة وانتباه لما يصدر منهم ، فلا يتخذون من الشؤون السياسية والمباحث الخاصة برجال دولتهم مثاراً للبحث أو التسلية كما يفعل غيرهم من أبناء الأمم الشرقية الأخرى، فهم يقتصرون على ترديد هذه العبارة :” الملك لله ثم لعبدالعزيز بن السعود ” وتراهم يقصرون أحاديثهم في طوال أسفارهم على رواية قصص مشاهير العرب من بطولة وكرم وتمسك بأصول الدين والفضائل .

– حائل هذه اسم على مسمى ، فهي حائل بين بلاد نجد وبين ملحقاتها الشمالية ، وتعد بالنسبة إلى غيرها من البلاد التي مررنا بها مدينة عامرة ذات شوارع فسيحة منظمة ، وفيها سوق كبيرة تروج فيها تجارة الماشية والإبل ، وهي أقرب بلدان نجد إلى الحجاز .

– وقد شاهدنا بعض النسوة يبعن الخبز والفاكهة والخضر والدجاج والبيض في سوقها ( أي سوق حائل )، وهن محجبات بجلابيب  سوداء وفوقها جلباب بشكل العباءة ، وهم في غاية الحشمة والوقار ، لا نسمع لهن صوتًا ولا يتحدثن مع السابلة إلا بالقدر اللازم لبيع م بأيديهن من السلع.

– وقد دعانا أحد رجال القصر لمشاهدة سجن المدينة، وكنت أحسبه عامراً بالمحكوم عليهم حتى وجدته خالياً إلا من حراسه الذين ما كانوا يحرسون غير جدرانه وخشبته المستطيلة الأفقية التي تتدلى منها سلاسل حديدية تقيد بها أقدام المسجونين

إن وجدوا وقد عرفت السر في خلو السجن من المسجونين؛ ذلك لأن الأحكام الشرعية وحدها هي خير وازع، تقطع خط  -الرجعة دون الجرائم على أشكالها وضروبها والناس على اختلاف مشاربهم يحترمون القانون ويعدونه تنزيلاً سماوياً لا سبيل إلى مخالفته .

– القصيم وأهم مدنها (

عنيزة

) وهي التي أسماها الشاعر الأشهر أمين الريحاني عند زيارته لها  (باريس نجد) ذلك لأن منازلها مؤلَّفة من ثلاث طبقات على نسق مباني المدن المتحضرة  .

– وأما جلالة الملك عبد العزيز بن السعود فطويل القامة، ممتلئ الجسم ، نحاسي اللون، براق العينين، سْمُح  المحيا يضع على عينيه نظارة ، وتبدو عليه مخايل  الذكاء المفرط وقوة الإرادة، وشدة العزم مع سماحة الخلق وأناة وتدبُّر في كل ما يخرج من فمه من الكلام وجلالته يناهز الخمسين من عمره ، وقد أصيب في إبهام يده اليسرى برصاصة أثناء الحرب فتركت أثراً ظاهراً فيه حتى الآن ، ومن عادته إذا سار خفض برأسه نحو الأرض ويلبس عباءة نجدية مزخرفة بالذهب وهو محبوب من شعبه، لا يتوجس خيفة شر من أحد ، فلا يهتم كثيراً بملازمة الحرس إياه .

– وليس يعنينا أن نقاتل الكفار ، ولا نبغي إلا أن يهديهم الله سواء السبيل ، فما داموا بعيدين عنَّا فليس ينالنا منهم شيء ، ولا نحب أن نذهب إلى ديارهم ولا أن نتشبه بهم